شيخ العقل وجه رسالة المولد النبوي: ما يعانيه بلدنا باعث على القلق والألم

وطنية – وجه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، الرسالة الآتية: “يستذكر المسلمون المؤمنون رسولهم الكريم في كل يوم، في صلاتهم، وفي سعيهم، وفي علاقاتهم، وفي حضور ضمائرهم في سياق حيواتهم، مستبركين، طائعين، طالبين منافذ الخير والرضى. وقد بلغ الدين الحنيف بمفهوم “الرسلية” و”الرسالة” حدا عظيما حيث أوثق حسن الطاعة لله وموجباتها بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم “قل أطيعوا الله والرسول” (آل عمران: 32)، كما تردد مرارا في كتاب الله العزيز الذي بين أيضا ما أوجبه الله عز وجل على رسوله إذ قال “فإنما عليك البلاغ المبين” (النحل: 82).

وقد كرم الله تعالى رسوله بالإشارة الجلية في القرآن الكريم إلى أنه كان للمؤمنين فيه أسوة حسنة (النحل: 82)، أي قدوة ومثال صالح. والرسول صلى الله عليه وسلم – كما الأنبياء من قبله عليهم السلام – إنما بعثوا ليتمموا “مكارم الأخلاق”، كما جاء في الحديث الشريف عن بعثته، وهي بالطبع الأخلاق المحمودة الطيبة الخيرة التي بها، وبامتثال مقاصدها في القاعدة السنية التي هي “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، يتحقق الإنسان بفضيلة ذاته قدر كماله الأخص به من خيرٍ ورحمة”.

أضاف حسن: “استذكار المولد النبوي الشريف مناسبة لتأمل المكانة العظيمة لرسوله الموكول إليه البلاغ المبين، وهو ما أنزل من الآيات النيرات فيها هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان (البقرة: 185)، لتخرج الناس من الظلمات إلى النور (ابراهيم: 1). وهل من شيء في الحياة الدنيا ومتاعها يوازي شرف الارتقاء بالنفوس إلى ما هو خير وأبقى؟ إنه أمر جليل يدركه المرء بما خصه الله تعالى من نعم البيان الذي علمه الله سبحانه إياه، ومما حباه به من طاقة الإدراك والفهم والعقل وخيارات التدبير، فما لأحدٍ له حجة، وما من أحدٍ له مناص إلا به. هي حجةٌ قائمة في يومنا هذا. ولا يترتب على خيارات الباطل والغفلة والفساد والولع القاتل للنفس بالمال والتسلط والأنانية إلا ضياع الروح وخراب العمران. وإن كان الفرد مسؤولا عن نتائج خياراته، فإن كل الذين في مواقع المسؤولية هم في محل المساءلة بقدرٍ أكبر، لأن ما يصيب العام هو أكثر خطرا بآثاره عما يصيب الخاص”.

وتابع: “إن ما يعاني منه بلدنا اليوم، وما تعاني منه أمتنا، لهو باعث لنا على القلق والألم والإشفاق. ذلك أننا على يقينٍ مما تختزنه بلادنا من قدرات، وما تملكه من مقومات وطاقات وكفاءات في المستويات المادية والبشرية. لكن الواقع المكشوف ينبئ عن بلوغ حدٍ خطير من ضياع الفرص، بل ومن تقويضها نتيجة الأخذ بمفاعيل عوامل الشقاق أكثر بكثير من استثمار نقاط التقاطع في المصالح السياسية الوطنية العامة. وبات من الممل رفع الصوت تذكيرا بالأخطار المحدقة التي من شأن تفاقمها أن تصيب كل أفراد الشعب اللبناني، وهي أخطار كيانية وأمنية وإقتصادية وديموغرافية وغيرها. آن لنا أن ننظر إلى الحقيقة البالغة المرارة وهي أن الملفات المتعلقة بمجمل البنى التحتية وشبكات الخدمات العام بكل أنواعها، هي ملفاتٍ باتت تحمل صفة “غير قابل للحل”، بل أن تراكم السلبيات في مضمونها يزيد ويتفاقم. ناهيك عن المشكلة الدستورية التي تجمد مسار الدولة الطبيعي، أي في حركة مؤسسات الحكم والإدارة، وعنوانها الفشل حتى الآن في انطلاق عجلة العمل الحكومي. ونود أن نذكر الجميع بأن الأداء السياسي في المسارات المتعددة لعمل الدولة بات يمارس على حافة الهاوية، وداخل منطقة الخطر وتجاوز حدود الضمانة الأساسية لحفظ البلد، رجاؤنا ان يستلهم السياسيون المعنيون الحكمة والعقل والوعي وبعد التفكير لمنح لبنان واللبنانيين فرصة النجاة من المشاكل المتراكمة في الاقتصاد والحياة المعيشية والاجتماعية، ونحمد الله تعالى على أن جيشنا يبدو في موقع الحصانة والصمود”.

وأردف: “كذلك ان ما يحصل في بلادنا العربية والإسلامية في هذه الأيام يبعث على مزيد من القلق لناحية ما تتعرض له شعوب أمتنا من تحديات وأهوال وما تقاسيه من مصاعب؛ وها هو الشعب الفلسطيني يقدم من جديد النموذج المثال في الصمود والمقاومة بوجه غطرسة الاحتلال، وباقي دولنا العربية تواجه تحديات متعددة دون أية رؤية واضحة باتجاه وضع إستراتيجية عمل مشترك ينقذ الأمة قبل فوات الأوان”.

وختم: “لا يسعنا في هذه المناسبة المباركة إلا أن نسأل الله عز وجل، ببركة النور في كتابه الكريم، أن يسدد سعينا في كل خير، وأن يحمي بلدنا من كل ضيم، وأن يصون أمتنا العزيزة وشعوبها الشقيقة بحق رسوله العظيم في ظلال رحمته ولطفه وبركته إنه هو السميع المجيب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى