مأساة موظفي سعودي أوجيه على طريق الحل | وفاء ناصر
مأساة موظفي سعودي أوجيه على طريق الحل |
وفاء ناصر – الزهراني
حرقة قلب تتنقّل مزهوّة من أم الى أخرى، غصّة أب تكاد تقتله وتنكّل بغيره، مآقي أبناء مزدانة بلآلئ كسولة، دموع معلقة بحبال أمل كفاها خجلا أن تنهمر بين الحين والآخر، حتى حشرية الإعلام لم تنصف حالهم.
تشكو إيمان مرارة الحال، “سنتان تتقاذفني الهموم. لا أدري أيها يفتك بي أكثر! حزني على زوجي، خوفي على ولدي، تخبّطي بينهما أم كلها مجتمعة مع إضافات مريرة؟”
لم يعان الجميع المرارة نفسها. وإذا تمنعت الشركة عن دفع المستحقات المتوجبة عليها مقابل الجهد والعمل الذي كان يزاوله العمال والذين تجاوزت سنوات خدمتهم فيها ال20، خفايا تتحدث عن حنكة الهرمية، فالمدراء كانوا خارج هذه المعادلة.
بعيدا عن حاجة السعودية إلى أموال لتغطية عجزها المتأتي من خساراتها المتتالية في العدوان على اليمن ومقاطعة قطر والتدخل في شؤون البحرين، وبعيدا عن فضيحة “الدّكّة المحرزة” التي سلّمها الملك عن طيب خاطر لترامب، وبعيدا عن إفلاس مالك الشركة سعد الحريري وعودته إلى أحضان الوطن فارغ الجيب، لغز يرافق خسارة إرث الوالد الشهيد وخروج سعد من لوائح الأثرياء ورجال الأعمال.
قد يكون الحديث عن قضية الخسارة المزدوجة مجرد تمويه. أخبار متفلتة من أفواه البعض تتحدث عن كذبة إفلاس شركة المقاولات العامة سعودي اوجيه. وأنّ مشروع شركة بديلة يلوح سرا في الأفق غير أنها لن تحتضن جميع موظفي شركة سعودي أوجيه. في الشركة البديلة ” ماغ” وإن كان بعض المدراء هم نفسهم سيتم انتقاء الموظفين وفق قواعد معينة مرهونة بحسابات سياسية وطائفية.
” لعبوا لعبتن علينا، حاولوا يطفشونا، عشنا بلا معاشات وبعدين صرنا نتدين وناخد قروض. ما عطونا تأمين إجتماعي ولا صحي. الشغل كان ماشي والشركة واقفة من وين إجا الافلاس؟ سحبوا أموالنا لمصالحهم الخاصة، حتى تعويض نهاية الخدمة سلبونا حلم اكتسابه.”
هجرة عكسية للأموال. ففي حين كان يتّكل الأهل على أموال أبنائهم انقلبت المعادلة وبدأوا يضخون الأموال إليهم. ليست أموال الرساميل وانما أموال الاستدانة والقروض.
إفلاس الشركة العجيب وحقوق الحريري عند المملكة السعودية ساهما في سحب يد سعد من موضوع مستحقات الموظفين وإيكاله إلى السعودية. بقي الموظفون يعملون دون مقابل مع الطمأنة أن حقوقهم محفوظة لدى المملكة. عمد البعض إلى الاستدانة من الأشخاص والبعض الآخر من المصارف. بداية طُلب منهم الانتقال إلى مساكن الشركة مقابل التنازل عن بدل السكن، غير أن هذا الاقتراح لم يكن بريئا. بعد فترة زمنية تم الضغط على الموظفين لترك مخيمات المساكن من خلال قطع المياه والكهرباء، ما اضطرهم إلى استئجار مساكن بديلة على نفقاتهم الخاصة. بعدها طُلب منهم تأمين كفيل وتأمين عمل بديل إذا كانوا ينوون البقاء في المملكة وإلا فالرجوع إلى بلادهم. “سحبوا ايدن منا وتركونا لحالنا” يقول محمد.
في ظل مطالبتهم بالعودة إلى الوطن نجح البعض ممّن سدّد ديونه وبقي البعض متخبّطا في واقعه ينتظر يدا بيضاء تمده بالمال ليسدد ما عليه وينجح بملاقاة أهله وناسه. غير أن الموت كان أحيانا سباقا للحلول فكان من الطبيعي أن يستقبل الأهل جثامين أبنائهم المهدورة حقوقهم أو وفاتهم بعد العودة إلى لبنان نتيجة تأثرهم بسوء الحال.
حتى خط العودة لم يكن بمقدور الموظفين اللبنانيين المنكوبين، فعمدت السفارة اللبنانية إلى تأمين حجوزات سفرهم. وعمدت الدولة إلى تكليف محامي في السعودية لمتابعة حقوقهم. غير أن الدولة لم تكن لتتحرك لولا مطالبة “لجنة حقوق سعودي أوجيه المنكوبة” المستمرة والتي يترأسها خليل حداد وشهناز غياض.
التنسيق للاعتصامات أمام السراي وبيت الوسط وآخرها أمام السفارة السعودية في الخامس من آذار الحالي قابله تفاؤل مرتبط بودية العلاقة القائمة بين سعد الحريري والمملكة.
إذ يُحكى حديثا عن عرض قدّمه أحد المصارف للّجنة مفاده أن يكتفي الموظفون بأخذ 50% من قيمة مستحقاتهم من المصرف مقابل التنازل عن النصف الثاني. وهذا الأخير يرتّب آلية تحصيل أمواله من السعودية. غير أن هذا العرض لم يلق الترحيب ولا التصفيق.
” مكتب العمل طلب منا أوراق ثبوتية ورقم الحساب المصرفي، وخلال شهر يمكن يدفعولنا مستحقاتنا، ونحن متفائلون.” بصيص أمل اذا تحقق سينير حتما ظلمة قلوب مكوية ويعيد الروح إلى الموظفين المطرودين. فهل تنتهي المأساة؟