واشنطن قد تسحب بساط النفط من الأسد.. خدعة مالية لما بعد الحرب!
بعنوان “الخدعة الإقتصادية ستؤمّن الإستقرار لسوريا”، نشرت مجلة “ناشيونال انترست” مقالاً أعدّه الباحث الأميركي بمجموعة الدراسات الأمنية بواشنطن، ماثيو برودسكي، لفت فيه الى أنّ الولايات المتحدة الأميركية يمكنها المساعدة في تحسين الإقتصاد السوري وحماية سوريا من تهديدات كبيرة.
ورأى الكاتب أنّه يتوجّب على واشنطن أن تسعى إلى تعزيز وضعها إذا قررت إبقاء قواتها فترة أطول في سوريا، عبر محاولتها مواجهة إيران وتحسين موقفها الى جانب روسيا، خلال المفاوضات حول نهاية مقبولة للحرب الدائرة في سوريا.
وأضاف أنّ الحرب في سوريا دخلت مرحلةً من الهدوء، لا سيما بعد اتفاق وقف إطلاق النار والتدخّل التركي في وضع إدلب، موضحًا أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الأكراد لا يزالون يسيطرون على شمال شرق سوريا، فيما أعلن الجيش السوري المدعوم من روسيا وإيران أنّه مسيطر على النصف الآخر من البلاد. إلا أنّ هذا لا يعني أنّ القوات السورية أوقفت التقدّم لتعزيز مواقعها الإستراتيجية، والهدوء النسبي السائد مهدّد بأي لحظة، بحسب الكاتب الذي تابع أنّه بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد، والروسي فلاديمير بوتين والقيادة الإيرانية، فقد اتخذ المسار الديبلوماسي مسارًا لجذب الإستثمار الدولي لإعادة الإعمار، عبر محاولة إقناع العالم أنّ الحرب انتهت وسوريا أصبحت مستقرّة. وأوضح أنّ المسار السياسي الذي تستخدمه هذه القوى هو عملية أستانة، التي تقودها روسيا، وانضمّت اليها ايران وتركيا، والتي يجري فيها تدوين الإصلاحات المطلوبة وإبقاء السلطة بيد الرئيس بشار الأسد، حليف بوتين.
ولكن برأي الكاتب، فعلى الرغم من قائمة الإختلافات بين واشنطن وأنقرة، تبقى تركيا الشريك الرئيسي للولايات المتحدة وروسيا، لا سيما في ما يتعلّق بمستقبل سوريا، فمن وجهة نظر أنقرة، يعدّ التحالف الأميركي مع الأكراد أحد أبرز المعوقات من أجل شراكة متماسكة بين البلدين، ويجب على الولايات المتحدة استخدام نفوذها مع كل شركائها من أجل تعزيز موقفها مع روسيا.
والطريقة للقيام بذلك تكمن من خلال إبرام اتفاقية من شأنها أن تكوِّن منطقة اقتصاديّة شمال شرق سوريا مع جيب إدلب الشمالي الغربي، وإقامة رابط مجددًا بين الأكراد والعرب على جانبَي نهر الفرات، على أن يكون التركيز الرئيسي على التجارة، وخصوصًا الموارد الزراعية مثل القطن والقمح من الشرق، والفواكه والخضار من شمال غرب سوريا.
ولفت الكاتب الى أنّ الشروع في هذه العملية يتطلب دبلوماسية أميركية دقيقة، وهناك حاجة لمثل هذا الجهد في مدينة منبج الشمالية، التي تقع بين مناطق النفوذ التركية والأميركية. وباعتبارها من الخطوط الأمامية للاحتكاك الكردي التركي في سوريا، فإن منبج تخضع لاتفاق توصلت إليه الدولتان في حزيران، حيث لن يتم نشر مقاتلين أتراك أو سوريين وبموجبه تنسحب القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة من المنطقة. وهنا يرى الكاتب أنّ الطريقة الجيدة لحل القضايا الشائكة المستمرة هي تحويل المدينة إلى مركز اقتصادي ومركز للتجارة بين مناطق النفوذ التركية والأميركية.
ويمكن للولايات المتحدة أن تستفيد من نفوذها الكبير في مثل هذه المفاوضات من خلال تسخير إمكانات موارد النفط والغاز السورية، التي يقع 95٪ منها تحت سيطرة الولايات المتحدة وحلفائها الأكراد والعرب في الشمال الشرقي لسوريا. ويتطلب تحقيق الربح من هذا المحرك الاقتصادي صقله وتصديره، لكن المصافي في حمص وبانياس ومحطات التصدير الثلاثة على ساحل البحر المتوسط لا تزال تحت سيطرة الرئيس الأسد، ولذلك فالحلّ هو إرسالها إلى تركيا، التي ستحقق ربحًا من تحسينها وتصديرها إلى أوروبا. ويمكن إنشاء وإدارة صندوق مشترك من قبل الولايات المتحدة وتركيا وممثلين عن منطقة شمال شرق سوريا، وهو ما يسمح لهم بمنع الأرباح من تمكين أي مجموعة بذاتها، وبقيامهم بذلك، يمكنهم البدء في تحديد هوية الأكراد السوريين غير المنتمين إلى حزب العمال الكردستاني.
وأضاف أنّ عملية إعادة الدمج الاقتصادي هذه، والتي يطلق عليها “التعاونية الاقتصادية في شمال سوريا”، ستؤدي في نفس الوقت إلى تحقيق أهداف متعددة، فهناك فائدة واضحة لحوالى ستة ملايين سوري يعيشون بالفعل داخل المنطقة الاقتصادية، الأمر الذي يشجّع أعدادًا كبيرة من اللاجئين والأشخاص المشردين داخليًا على العودة الى ديارهم، وقد تدفع الثقة التركية الأميركية المشتركة إلى توفير الأموال التي تحتاجها سوريا من أجل تحقيق الاستقرار الشامل، وهذا بدوره سيؤمّن الأساس لفرص تجارية مشروعة، تجذب الاستثمار الدولي في إعادة إعمار سوريا.
وختم الكاتب مقاله بالإشارة الى أنّ هناك فوائد إضافية للولايات المتحدة، فمثل هذه الخطة من شأنها أن تبقي إيران معزولة ماليًا، وتعزز نفوذ أميركا بالتفوق على روسيا، الأمر الذي سيكون مفيدًا ليس في سوريا فحسب، بل في المستقبل أيضًا.