إضطرابات العقل الجماعي وأزمة المثقفين…

عندما تتحدث عن مزاج عام ورأي مشترك عام، وعندما تتحدث عن آمال مشتركة وتتألم لآلام مشتركة، وعندما تتحدث عن كتابي تربية وتاريخ مختصراً اتفاقا عاما، فانت تتحدث بإسم عقل جماعي لمجموعة او لحزب او لشعب. أما ان يكون كل ما اختصرناه في كلامنا متفاوتا ومختلفا عليه بين حيّ وآخر في مدينة، بين منطقة واخرى في الريف، فذلك يعني غيابا لعقل شبه مشترك وشبه عام في وطن مهدّد في وجوده.
عندما تغزو العقل الجَماعي مفاهيم تمثل الغرائز الاجتماعية الاجرامية-المالية المشبوهة -السياسية العاهرة كناطقة بإسم عصابات تؤثر فيه بخبث شيطاني لتؤسس لمنطق متفق عليه كجماعة تردّده نخبة المثقفين والأكاديميين والاعلاميين كالببغاء المعتوه، إعلم أن من يسود الديار ويسوق العباد لحفنة من المجرمين المريضين نفسيا.
في هذه الحال، إعلم أن ذلك العقل الجماعي لمضطرب ويعاني من تشوّش في الأفكار والمبادىء ولن ينتج الا تحليلات منحرفة ولن يصل الا لنتائج خاطئة ولن تسود معه الا أحكام ظالمة.
ان التحليلات والنتائج الخاطئة للعقل الجمعي لا تنتج الا حروبا داخلية اهلية متكررة او أزمات إقتصادية او تعاظما للجريمة وللكراهية.
في لبنان، العصابات فيه، منظمات من سياسيين في النهار وتجار “دمدولار” في الليل، من مصارف نظيفة تحت الضوء وقذرة في العتمة، من موظفين أنيقين خلف المكاتب وسفلة خلف الأبواب، من كهنة الهيين مسالمين على المنابر وعفاريت طائفية مقيتة في الدهاليز.
الشبيحة والمجرمون  الأكثر تنظيما وتنسيقا  وتناسقا وخبرة في السيطرة والتحكم برقاب الناس مقارنة بالنخب الثقافية-الاكاديمية التي يفرقها المنطق العلمي والعلوم كافة ،كما أنهم عادة يتحلّون بالجبن والنفس القصير عند الصدام مع المجرمين الحقيقيين ،وإن سجّل بعض النجاحات للنخبة المثقفة او المتعلمة فهو نجاح فردي ومتفرق  ،وعلى عكس العصابات التي تنجح كمجموعات إذ لا تتحلى فقط بالحنكة انما ايضا تتحلى بالفجور والبطش والمكر والحيلة والبلطجة. لذلك فالنخب منقسمة ومتنافرة ومهزومة نفسيا بل تعيش ازماتها النفسية كأمراض مستعصية لتموت رجالاتها  كضحايا لسرطانات ولفصام شخصية ولإكتئاب وجودي  ولعصاب متطور ومزمن بحال نجوا من جلطة قلبية او دماغية.
العقل الجماعي اللبناني مريض ومشبع بالأزمات ولا يمكن علاجه الا بالصدمة الكهربائية الثورية المتمثلة بفكرة هوليودية- الكترونية ،كأن  تخرج مجموعة ثورية  شريفة لتكون بديلا  لمحكمة سرّية وثورية و راقية ومتحضرة، ان تكون لطيفة كالنسيم و قوية كرذاذ المطر، لا تبغي الربح والسلطة، تصدر بلاغها الاول كبيان أوّل ، تعلن فيه  كل التجار-المجرمين-الفاسدين-الطائفيين والمسؤولين عن عصابات تختبىء خلف قانون او شبه قانون ، خلف عسكر او شبه عسكر هدفا شرعياً لها في  كل زاروب او مفرق او شارع.
احيانا لا يقمع العصابات الفاجرة و لا يردعها الا مجموعات خوارج ثورية سرية تديرها النخبة المثقفة الحالمة كشبيب الشيباني وغزالة الشيبانية و قطري الفجاءة ومحمد القرمطي وتأبط شرّا .
الثورية لا تعني إجراما ،والسرّية لا تعني مخالفة للقانون ..فاقتضى التوضيح.

الحوار نيوز – د.أحمد عياش

*طبيب نفسي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!