وقائع حرب عالمية غير مُعلنة.. “لعبة كيسنجر” تعود وأبطالها 3 دول

ترجمة: سارة عبد الله

بعنوان “عهد جديد للصين وروسيا والولايات المتحدة”، نشرت مجلة “ناشيونال ريفيو” الأميركية مقالاً أشارت فيه الى أنّ إدارة ترامب تدرك بذكاء التهديد الذي تمثله بكين، ولذلك يمكن أن تستخدم المساعدة الروسية لتجاوز هذا التهديد.

وقالت المجلّة: “في أوائل القرن الماضي، وضع وزير الخارجية الأميركي بعهد الرئيس ريتشارد نيكسون هنري كيسنجر، استراتيجية ناجحة للولايات المتحدة للتعامل مع المنافسَين الأكثر خطورة، فقد سعى إلى توثيق العلاقات مع الاتحاد السوفييتي الذي يملك عددًا كبيرًا من الأسلحة النووية، ومع الصين الشيوعية التي تضمّ أكبر عدد سكان في العالم”.

وكان يُطلق على نهج كيسنجر أحيانًا إسم “المثلّث”، وبما أنّ الاتحاد السوفييتي كان أقوى بكثير من الصين في ذلك الوقت، فقد تودّد كيسنجر بشكل خاص بكين.

وقد كانت الفكرة مشابهة للسياسة البريطانية والفرنسية في منتصف الثلاثينات، حيث لم تشجعا أدولف هتلر كي يصبح شريكًا للاتحاد السوفييتي المعروف بنفس القوة والخطورة. إلا أنّ هذا الجهد فشل، وأدى التعاون النازي – السوفياتي إلى غزوهما المشترك لبولندا في عام 1939 واندلاع الحرب العالمية الثانية.

وأضافت الصحيفة: “شهدنا لعبة كيسنجر بعهد أوباما الذي شهد تقرّبًا من الصين”، وأوضحت أنّ روسيا استوعبت بشكل منهجي شبه جزيرة القرم، واستدانت من أوروبا الشرقية، وأحدثت اضطرابات في أوكرانيا، وعادت إلى الشرق الأوسط بعد 40 عامًا، واخترقت المؤسسات الانتخابية والسياسية الأميركية. ومن عام 2009 إلى 2017، برّرت قيادة الولايات المتحدة فكرة أن الصين لن تكون في القريب العاجل قوة عظمى في آسيا ومنطقة المحيط الهادئ فحسب، بل ستتفوّق على أميركا نفسها في النهاية، كما لو أن تفوقها النهائي كان مصيرًا وليس نتيجة لامبالاة الولايات المتحدة. إذ أنّ الصين أخذت تكنولوجيا أميركية واستطاعت أن تتطوّر من خلالها، كما تغاضت واشنطن عن ممارسات بكين في بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي مكّن الصينيين من تأسيس قواعد في جزر صناعية بمنطقة سبراتلي للتسلط والتلاعب بطرق التجارة في المحيط الهادئ.

ونتيجة لذلك، تفاخر الرئيس الصيني شي جين بينغ علانية أنه بحلول عام 2025، ستهيمن الصين على صناعة التكنولوجيا العالمية، وبعد عشر سنوات من ذلك ستسيطر على المحيط الهادئ، وعند حلول منتصف القرن ستدير الصين العالم.

 لسنوات، تشارك بوتين وشي بالتقليل من أهمية الولايات المتحدة، عبر سعيهما إلى استخدام سوريا وإيران وكوريا الشمالية للتحقق من نفوذ الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته  شنّا حربًا إلكترونية ضد الشركات والمؤسسات الأميركية.

وتابعت المجلّة: قد تكون الولايات المتحدة أقوى قوة اقتصادية وعسكرية في العالم، لكنها انتهكت كل مبادئ كيسنجر. فقد اتفقت كلّ من روسيا والصين على أنّ إرادة الولايات المتحدة ضعيفة، وعلى الرغم من اختلافاتهما، فقد وجدتا أنهما تحققان مكاسب متبادلة في خفض مكانة الولايات المتحدة.

كما لاحظ حلفاء أميركا ما يجري، من الدول الاسكندنافية إلى الشرق الأوسط وصولاً الى آسيا، رأوا أن الولايات المتحدة إما لا تستطيع أو لن تستعيد هيبتها العالمية. وقد سعت إدارة ترامب لإثبات عكس ذلك، ففرض الرئيس الأميركي عقوبات إقتصادية على بوتين وقدّم مساعدة عسكرية لأوكرانيا، كما عزز الإنفاق الدفاعي، وطالب باستعداد أكبر للناتو، وسرّع إنتاج النفط في الولايات المتحدة.

والآن تحاول واشنطن توجيه صفعة للصين من خلال فرض رسوم لإجبارها على خفض الفائض التجاري الذي تبلغ قيمته نحو 400 مليار دولار أميركي مع الولايات المتحدة، كما أرسلت سفنًا حربية أميركية إلى عمق أكبر في بحر الصين الجنوبي ليعرف حلفاء واشنطن أن الصين لن تسيطر عليهم.

توازيًا، فقد سعى ترامب للتفاوض مباشرة مع كوريا الشمالية حول نزع السلاح النووي، وإقامة شراكات دفاعية جديدة مع أستراليا واليابان. كما أنه أبرم اتفاقات تجاريّة ثنائية مع كوريا الجنوبية والمكسيك وكندا والتي ستستثني الصين.

وعلى الرغم من الإنتقادات الموجّهة لترامب على الساحة الداخلية، إلا أنّ الصين قلقة فعلاً من أن تؤدّي تصرفاته الى تقليص قوتها، لا سيما وأنّ اقتصادها يتباطأ وعملتها تتراجع. كما أنّ المواطنين الصينيين العاديين يتساءلون لماذا يغدق قادتهم الدول الأفريقية والدول الآسيوية بالمساعدات، بينما الصين غارقة في حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وإنطلاقًا من السياسة التي اتبعها كيسنجر في إيجاد الطرق الأضعف، ترى المجلة أنّ على الولايات المتحدة أن تتودّد لموسكو لإيجاد مصالح مشتركة وفحص قوة السلطة الصينية، لا سيما وأنّ لا مصلحة روسية محتمة بأن ترى إيران أو كوريا الشمالية قوتين نوويتين، لتنضمّ بذلك العلاقة مع روسيا الى وجود مجموعة من الشركاء الآسيويين الحلفاء لواشنطن.

لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!