حوافز مالية دولية للنازحين… للبقاء في لبنان!
لا تتوقّف محاولات “المجتمع الدولي” الهادفة إلى “ضَرِب” مفهوم الدولة في لبنان، والتعدّي على السيادة، وفرض أجندة سياسية خارجية، من باب المساعدات، بحسب ما اشارت صحيفة “الاخبار” التي لفتت الى ان آخر الفصول، ما يُحاول الصندوق الائتماني للاتحاد الأوروبي القيام به.
وفي السياق فقد أقر الأخير مشروعاً لتقديم “مساعدات اجتماعية داعمة للفئات الضعيفة من النازحين والمجتمعات المضيفة التي ترزح تحت عبء الأزمة السورية في لبنان”.
واضافت الصحيفة ان المشروع المفنّد في وثيقة من 53 صفحة قائم على فكرة أساسية: تخطّي وجود “دولة لبنانية”، والقيام بتحويلات نقدية مُباشرة (Cash Transfer) لعائلات سورية ولبنانية، من خلال تكريس برنامج الأغذية العالمي (WFP)، الجهة “الراعية” لكلّ ما له علاقة بمساعدات النازحين السوريين.
فبرنامج الأغذية العالمي هو “الشريك المنفّذ” لمشروع تبلغ كلفته الإجمالية التقديرية 52 مليون يورو، تُقسّم بالتساوي بين عائلات لبنانية وسورية، وعلى مُدّة 30 شهراً.
ولكن “قد يسمح المدير بتمديد فترة التنفيذ، وفي هذه الحال يقوم بإبلاغ مجلس إدارة العمليات على الفور”، بحسب ما ورد في الوثيقة، التي تلحظ أيضاَ أنّ تدفق التمويلات الخارجية الضخمة «بات مُستبعداً في المستقبل، (ما يعني أنه) لا بُدّ من التركيز على استمرارية الأنظمة لأجل أطول.
وبالتالي، من الأهمية الانتقال أو التحوّل من شبكة أمان قصيرة الأمد للحالات الطارئة إلى آلية نظامية طويلة الأمد للحدّ من الفقر”.
المُساعدة التي ستُقدّم للنازحين ستكون نقدية 100%، أما اللبنانيون فهناك جزء سيُقدّم لهم نقداً وجزء آخر على شكل قسائم غذائية.
وتابعت الصحيفة ان الدولة غائبة عن هذا المشروع الذي سيتم تنفيذه عبر “شريك دولي (برنامج الأغذية العالمي) يتمتع بالخبرة وذو مكانة تسمح له بتقديم المساعدات الاجتماعية للمجتمعات اللبنانية والسورية المستهدفة، إلى جانب متعهّدي خدمات سيتم تأمينهم خصيصاً لتقديم المساعدة التقنية دعماً لتطوير النظام الوطني للمساعدات الاجتماعية”. تحضر الدولة حصراً للاستفادة من بنك المعلومات الخاص بالأفراد، الموجود لدى الوزارات المعنية.
الى ذلك فان الخطورة في المشروع المُقدّم، تنقسم إلى قسمين، الأول اجتماعي – اقتصادي، والثاني سياسي. يُنقل عن ممثلي برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في لبنان (UNDP) اعتراضهم على المشروع، “مُعلّلين السبب بأنّ تجربة التحويلات النقدية المباشرة في العالم لم تؤدِّ إلى نتائج إيجابية”. على العكس من ذلك، “دفع الـCash Transfer، المستفيدين منه إلى أن يُصبحوا اتكاليين أكثر من ذي قبل”.
السبب الثاني الذي تحدّث عنه ممثلو الـUNDP، بحسب مصادر رسمية لبنانية، هو “صعوبة إدارة عملية تقديم المبالغ مُباشرةً للأسر. فمراقبة المال أمر مُعقد، وتفتح باباً للهدر”.
في الإطار نفسه، قال أحد الخبراء الاقتصاديين المُطلعين على عمل “المجتمع الدولي”، إنّ المدفوعات النقدية للاجئين السوريين “إطار مُناسب للمساعدة، شرط وضع أُسس سليمة للتوزيع واختيار العينات المستفيدة وفق معايير واضحة”.
وتابع المصدر: “يعتبر أنّه يتم اللجوء إلى هذا النوع من المساعدات لثلاثة أسباب، أولاً مشكلة اللجوء، مهما طالت، تبقى حالة مؤقتة وغير دائمة.
ثانياً، وضع النازحين الاجتماعي والاقتصادي مزرٍ وهم بحاجة إلى المساعدة، وثالثاً، لأنّ الجهات المانحة تستسهل دفع المال النقدي عوض القسائم أو غيره”.
إلا أنّ ما ينطبق على النازحين السوريين، لا يُمكن إسقاطه على العائلات اللبنانية. يوضح الخبير الاقتصادي أنّ اللبنانيين، بوصفهم البنيان الأساسي للبلد، “بحاجةٍ إلى خطة لمواجهة المشكلة ومحاربة الفقر، تُساعدهم في الاندماج بسوق العمل وتوظيف المال في تأهيل البنى التحتية وإقامة المشاريع الاستثمارية، وليس تقديم مساعدات محدودة تاريخ الصلاحية”. فغالباً ما يكون لـ”برامج تسكين الألم” هذه، مهلة زمنية قصيرة نسبياً، يعتاد المرء خلالها على تلّقي المال من دون القيام بأي مجهود للحصول على مدخوله الشهري، فيموت لديه الحافز الشخصي للبحث عن مخرجٍ لأزمته الدائمة.
يصف الخبير هذا الأمر “بالهروب إلى الأمام، وعدم حلّ مشكلة الفقر بشكل صحيح”. المواطن حين تقطع عنه المساعدات، بعد فترة، “سينتفض، ويحتجّ، وسنكون أمام أزمة اجتماعية واقتصادية”