لهذه الأسباب لن يغادر النازحون لبنان!

اندريه قصاص

على رغم الجهود المضنية التي يبذلها الأمن العام اللبناني لتأمين عودة الراغبين من النازحين السوريين إلى بلادهم، بعد إتخاذ الإجراءات الضرورية الكفيلة بحمايتهم، بالتنسيق مع السلطات السورية، لا تزال هذه العودة، التي تتم بين الحين والآخر وعلى دفعات منظمة دون الحدّ المطلوب، إذ تشير الإحصاءات التي تجريها منظمات غير حكومية إلى أن نسبة العائدين حتى هذه اللحظة لا تتخطى 0،4 في المئة من مجموع أعداد النازحين، الذبن يشكّلون أعلى نسبة في تاريخ النزوح العالمي، وذلك قياسًا إلى عدد سكان لبنان، وهي تبلغ ودائمًا حسب الإحصاءات عشرين في المئة من أعداد اللبنانيين، وهو رقم ضخم لا يمكن إلاّ أن تكون له إنعكاسات سلبية على وضعية بلد ك‍لبنان، يعاني في الأساس حتى قبل أزمة النازحين، إذ أن بناه التحتية باتت تحتاج إلى تحديث لا يحتمل التأجيل، وهذا ما لحظه مؤتمر “سيدر”، الذي خصص معظم مساعداته من قبل الدول التي شاركت فيه للإستثمار في مشاريع تهدف إلى تحسين وضعية البنى التحتية.

وعلى رغم الحديث عن جهود روسية لتأمين عودة سريعة وآمنة لأعداد كبيرة للنازحين فإن هذه المساعي لا تزال حبرًا على ورق، ولم تقدَّم حتى الآن حلولٌ عملية لهذه العودة، خصوصًا بعد الدراسة الإحصائية التي أجريت مؤخرًا، والتي شملت عينات مختلفة حول عدد الراغبين بالعودة إلى سوريا، إذ بلغت نسبة المتحمسين إلى الثمانين في المئة، إلاّ ان دراسة أخرى جاءت نتائجها مناقضة للأولى حين سئلت عينات أخرى عن الأسباب التي لا تزال تحول دون عودتهم الآمنة فجاءت الاجوبة معاكسة للرغبات، إذ قال ما نسبته عشرون في المئة أن عودتهم ستكون آمنة فيما أعرب ثمانون في المئة عن خشيتهم من هذه العودة، وهم لا يزالون يفضّلون البقاء في لبنان وعدم المغامرة في عودة غير مضمونة النتائج.
ومن بين الأسباب الكثيرة التي لا تشجع العدد الأكبر من النازحين على العودة القريبة، نورد ما يلي:

أولًا: يخشى كثيرون، ومن بينهم الشباب، أن يُعاد تجنيدهم في الخدمة العسكرية، وذلك قبل أن يستتب الوضع الأمني في شكل مضمون وينتظم العمل السياسي وتستقر الأوضاع بما يسمح لهؤلاء الإطمئنان إلى مستقبلهم.

ثانيًا: لا تزال معظم المناطق التي سيقصدها النازحون بأعداد كبيرة غير مهيأة لناحية تأمين مستلزمات العيش بحدّه الأدنى، خصوصًا أن معظم العائدين سيجدون أنفسهم عاطلين عن العمل، في غياب المحفزات التي تفتقدها سوريا حاليًا، وعدم توافر فرص عمل، وبالأخص للأشخاص الذين ليست لديهم ممتلكات لإستثمارها زراعيًا.

ثالثًا: يفضّل كثيرون ممن يتلقون مساعدات دولية البقاء في لبنان على أن يذهبوا إلى المجهول، خصوصًا أن هذه المساعدات ستتوقف عنهم فور عودتهم إلى سوريا.

رابعًا: وفق الإحصاءات فإن عددًا لا بأس به من النازحين يعملون في لبنان، وهم يكيّفون أوضاعهم بالتي هي أحسن بما يوفّر لهم مدخولًا مقبولًا نسبيًا، فضلًا عمّا يتلقونه من مساعدات.

فلكل هذه الاسباب مجتمعة تبدو العودة السريعة غير مؤمنة وغير متاحة في المدى المنظور، خصوصًا أن الخطط الموضوعة لهذه العودة لم تأخذ في الإعتبار كل هذه الأسباب ولم تلحظ لها حلولًا عملية.
فلذلك، فإن الأزمة باقية على حالها ما دام أفق الحل السياسي في سوريا لا يزال مسدودًا.

المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى