عمر رضا مصوّر مغامر يجول العالم

ميريام سويدان – المدن
بلتقط رضا صوراً لأغرب التقاليد لدى شعوب العالم
إذا كنت ترغب في الاطلاع على أغرب الثقافات العالمية، من تانزانيا وأثيوبيا وصولاً إلى الهند والنيبال، وإذا أردت التعرف إلى العادات القبلية الفريدة، كوضع القطع الخشبية الكبيرة في أنوف السيدات أو تشويه شفاههن لحماية أنفسهن من الاغتصاب، ما عليك سوى التوجه إلى مجموعة المصوّر اللبناني عمر رضا.

فقد كرّس رضا (34 سنة) جزءاً كبيراً من وقته لالتقاط صور لأغرب التقاليد لدى شعوب العالم، رغم أنه لم يدرس التصوير، بل إنها هوايته التي تعرف إليها من خلال تحميض الأفلام أثناء تخصصه في التصميم الجرافيكي في جامعة سيدة اللويزة في لبنان.

يرى رضا في السفر هواية كما التصوير. لذلك، يخصص أسبوعاً أو أكثر كل فترة لزيارة بلدٍ جديد لتوثيق ثقافته. وعلى خلاف كثيرين، يفضّل رضا السفر إلى المناطق النائية والخطرة. وقد زار تانزانيا وإثيوبيا ونيبال، وبوتان والهند وسريلانكا. ويشبه كل رحلة بسفرة عبر الزمن، إذ يجد في كل بلد طباعاً لا تمت للعالم المدني بصلة. 

الرحلات النائية: الخطر بالمرصاد
يروي رضا لـ”المدن” عن المخاطر والصعوبات التي تواجهه في السفر. أولها، يبدأ بإجراءات السفر، كتوفر رحلات جوية إلى المناطق النائية أو تجهيز المطارات. فقد تأخذ الرحلة ثلاثة أيام متواصلة من السير في طرقات وعرة للوصول إلى المنطقة المنشودة. بالإضافة إلى غياب الأمن. إذ يقول: “معظم المناطق التي أزورها محظورة، أو انقلابية ومسلحة”. لكنه يؤكد أنه بذلك يحقق متعة المغامرة.

من جهة أخرى، فإن الخوف الأكبر لدى رضا هو من الأمراض المنتشرة وغياب المستشفيات. كما أنه يواجه صعوبة في إيجاد طعام ومأوى آمن. إذ إن أغلب أماكن الإقامة تنتشر فيها الفئران، ومعظم الأكل يؤدي إلى التسمم. لذلك، يعمد إلى توفير حصص غذائية من التمر ورقائق الذرة وألواح البروتين تكفيه للرحلة. إلا أنه يؤكد أنه يخسر في كل رحلة ما لا يقل عن ثلاثة كيلوغرامات من وزنه. 

أهل القبائل: عادات غريبة 
يرى رضا أن “الثقافات هي التي تميز البشر”، لذلك يسعى إلى توثيق اختلافاتها بالصور. ففي جنوب غرب أثيوبيا مثلاً، تضع نساء قبيلة مرسي أطباقاً دائرية في أفواههن باعتبارها علامة من علامات الجمال، وتزداد الفتاة جمالاً، كلما كان حجم الطبق أكبر. أما تاريخ هذا التقليد فيعود إلى عهد العبودية، حينما كانت الفتيات تضعن الأطباق لتشويه أنفسهن كي تتجنبن احتمال معاناتهن من الاستعباد.

في رحلةٍ أخرى إلى الهند، وثّق رضا تقليداً سائداً لدى قبيلة كونياك في ولاية ناجالاند، وهو وشم وجوه الرجال الذين قطعوا رأساً من رؤوس الأعداء وعلّقوه على شجرة. 

وفق رضا، فإن حياة أهل القبائل بسيطة وبعيدة كل البعد عن الماديات. ورغم أن العديد منهم يرحب به، إلا أنه يواجه أحياناً ردة فعلٍ سلبية. وأبرز موقفٍ يسترجعه هو اقترابه لتصوير رجل قبيلة يضع حذاءً بلا نعلٍ كقبعة على رأسه، فهدده الأخير بالسلاح وهاجمه. 

مجموعة “الأيدي”: نحو العالمية
“فتى قبيلة ماساي”، “الوجوه المقدسة”، و”نساء القبائل”، جميعها مجموعات صور لعمر رضا، إلا أن أحبها إليه هي مجموعة “الأيدي”. يقول رضا: “الأيدي تفتنني”، فهي دائماً تعني شيئاً، وتعبر عن أصحابها. لذلك، عمد رضا إلى جمع صور لأيدي أشخاص من حول العالم، وفي كل صورة يد، قصةً تعكس حياة الشخص وجهده. 


لاقت هذه المجموعة اهتماماً عالمياً، رغم ما تعرض له رضا من عقبات لجمعها. فالبعض اتهمه بالجنون أو الغباء، كما ظنّ آخرون أنها عملية تحايل لجمع بصمات الأشخاص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!