غولٌ كبير يبتلع المواطنين على الطرقات.. و”على الله الاتكال”
ايناس كريمة
لا يكاد يمرّ يومٌ واحد في لبنان دون أن نسمع عن حادثة سير بحصيلة مفجعة، وأمام الارتفاع الملحوظ في عدد الضحايا بين قتلى وجرحى، تقف الدولة مكتوفة الأيدي عاجزة عن إبعاد شبح الموت الذي يتربّص بالطرقات. وإذ بدا آخر الحوادث الذي وقع على اتوتستراد المطار في بيروت مأساوياً، حيث قضى ضحيته عريسان على عتبة العائلة إضافة الى قتيلين آخرين وثلاثة جرحى، فإنه لا يقلّ بشاعةً عن كل الحوادث السابقة، ليسجّل لبنان سنوياً تزايداً مرعباً في حوادث السير دون حلول جدية تفضي الى وضع حدّ للمآسي المتكررة التي تهدّد سلامة المواطنين وتودي بحياتهم!
من هو المسؤول عن الموت المجّاني على الطرقات والذي بات يطارد أرواح اللبنانيين؟ وما هو واجب الدولة تجاه حجم الخسائر البشرية المتزايد يوما بعد يوم؟ وهل يتشارك المواطن المسؤولية مع الدولة للحدّ من هذه المخاطر؟
يقول مصدر مسؤول في قوى الأمن الداخلي، في حديث لـ “لبنان 24″ أن المسؤولية التي تقع على عاتق المواطن أكبر بكثير من مسؤولية الدولة، إذ من واجب كل فرد في المجتمع توخّي الحذر اثناء القيادة، والالتزام بسرعة محددة حفاظاً على سلامته وسلامة الاخرين، مضيفاً أن نسبة الحوادث ترتفع في فصل الصيف تحديدا حيث ان الطرقات تشهد زحمة سير خانقة بين سيارات ودراجات نارية والتي بمعظمها يقودها طلابٌ يستمتعون بالعطلة قبل بدء العام الدراسي، اضافة الى الحركة السياحية التي تبلغ ذروتها خلال هذه الفترة من السنة، مشيراً الى أن انعدام الرقابة على الكحول التي يتناولها الشباب في سهراتهم وحفلاتهم المستمرة، والافتقار الى التوعية في البيوت والمدارس والجامعات، وقلّة الندوات التي تعنى بمخاطر القيادة، عوامل أساسية غالباً ما تكون نتيجتها هذه الحوادث المأساوية التي بتنا نشاهدها ونسمع عنها كل يوم، وتابع أن الدولة بلا شك تتحمل جزء من المسؤولية انطلاقا من جوانب عدّة، بدءاً من امتحانات القيادة غير المتشددة وشبه الشكلية، وغياب التخطيط على الطرقات وانعدام الإنارة على “الاوتسترادات” وتقصير الإدارات المختصة، علما بأن رادارات قوى الأمن الداخلي تقوم بالحدّ الأقصى من واجبها في مراقبة السرعة الزائدة على الطرقات غير المؤهلة بشكل كافٍ لتمنح السائق فرصة للنجاة عند وقوع أي حادث!
وعن المعالجة والحلول، اعتبر المصدر أن لا حلول سريعة ابدا على المدى المنظور، ورغم أن قانون السير الجديد ساهم بشكل كبير في الحدّ من تزايد حوادث السير، الا أن المنظومة لم تكتمل بعد، فتردّي حال النقل العام هو مشكلة رئيسية تمنع المواطنين من التخلي عن سياراتهم وتزيد من حجم الأزمة، إضافة الى أن مكاتب تعليم القيادة تقوم بعملها بشكل سطحي ضمن ما يجعل الفرد مؤهلا نسبياً للخضوع للامتحان الذي تشرف عليه اللجان المختصة والتي بدورها تمنحه شهادة سوق عملية دون الأخذ بعين الاعتبار حرفية السائق وقدرته على القيادة! وختم بأن ما لا شكّ فيه أنه على الدولة ان تتحرك بشكل طارىء لوضع حد للمأساة المتكررة، لكن على المواطن ايضا ان يتحمل المسؤولية تجاه نفسه وافراد عائلته والاخرين، فالقيادة ليست بالبساطة التي يتخليها السائق، انما هي اعلى مراتب الأمانة ايضا!
وإذ ذكر النائب سيمون أبي رميا رقماً مخيفاً من الوفيات الناتجة عن حوادث السير في شهر آب الفائت معلّلا الأسباب وراء ذلك، حيث اعتبر في تغريدة له عبر حسابه الشخصي على موقع “تويتر” أن “أكثر من 50 قتيل بشهر آب، السرعة و”الواتساب” من أبرز المسببات أثناء القيادة لكارثة وطنية”، شارك روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً بآراءهم عبر هاشتاغ #السواقة_مسؤولية، وفي حين اعتبر البعض أن المواطن يتحمل 85% من المسؤولية، رأى البعض الآخر أن غياب الدولة واستهتارها بأرواح المواطنين هو من أهم العوامل التي من شأنها أن تتسبب بهذه الحوادث.