الحذر يتكثّف حول المبادرة الروسية.. ولبنان ما زال مبتسما مرحباً!

ربيكا سليمان

بعد شهر ونيّف على طرح روسيا مبادرتها المتعلقة بعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى بلادهم، وتزامناً مع وصول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إلى لبنان ضمن جولة شملت الأردن وسوريا وذلك للإطلاع على ما حققته الإتصالات في شأن برامج العودة، يبرز سؤال رئيس: أين أصبحت هذه المبادرة وما هي العراقيل التي حالت دون البدء بتطبيقها؟!

أسئلة كثيرة أخرى مطروحة في هذا الملف سيّما وأن مواقف الدول الغربية، الأميركية والأوروبية تحديداً، لا تبدو مشجعة، فما هي الأسباب والحقائق؟ وعلى الصعيد المحلي، ماذا فعل لبنان ليواكب هذه المبادرة؟ وهل سنشهد قريباً على عودة منظمة وطوعية ضمن إطار جديد وفق المبادرة الروسية؟!

يبدو أن الحذر هو سيّد الموقف راهناً. المبادرة التي وصفت بأنها “الأكثر جديّة وأهمية” لم تترجم بعد على أرض الواقع، بل “ما زالت على مستوى الأفكار ولم ترتق إلى مستوى الاستراتيجية العملانية”، وفق الخبير في السياسات العامة واللاجئين زياد الصائغ.

في حديث لـ “لبنان24″، يشرح أنّ ثمة عقبات تواجه هذه المبادرة على المستويات الثلاثة: الدولية، الإقليمية والمحلية.

على المستوى الدولي، يذكّر الصائغ بأنه “كان واضحاً منذ البداية وجوب رفع المبادرة الروسية إلى مستوى مجلس الأمن بحيث تنخرط المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مواكبتها مباشرة، ويوّفر القرار الأممي ضمانات قانونية وأمنية واجتماعية واقتصادية للعودة الطوعية”. هذا لم يحصل بعد. يعلق الخبير:” ثمة عطب ما. لم هذا التردد الروسي في الذهاب إلى مجلس الأمن سيّما وأنّ مسار جنيف التي حوّلت إليه قرارات مؤتمر سوتشي الأخير هو الذي يواكب العملية السياسية التي تشمل عودة اللاجئين إلى بلادهم؟!”.

يقرّ الصائغ:” نعم، المسؤولية تقع على روسيا لرفع مبادرتها الى مستوى مجلس الأمن“، موضحاً أنّ ” ثمة جزءاً من عودة اللاجئين مرتبط حكماً بالحلّ السياسي والأوضاع الداخلية سيّما فيما يتعلق بالضمانات القانونية، كما أن الضمانات الاقتصادية الاجتماعية مرتبطة بإعادة الإعمار”.

وعن المواقف الغربية غير المشجعة واتهام روسيا أطرافاً دولية بعرقلة تطبيق المبادرة، يعلّق الصائغ:”أولاً من يملك الأرض والجوّ في سوريا، أليسوا الروس؟!…علينا التدقيق في الإجابة لنعرف من يعرقل!”، ويتابع: “منذ البداية كان الموقف الغربي وتحديداً الأميركي والأوروبي واضحاً وجازماً بأن عودة اللاجئين من دون ضمانات قانونية وأمنية واقتصادية اجتماعية هي عودة غير آمنة، ولذلك تدفع هذه الدول باتجاه تحصين المبادرة الروسية عبر تفاهم دولي في أروقة مجلس الأمن وتحت مظلّته”!

ويضيف الصائغ: “الكرة ليست عملياً في ملعب الأميركي ولا الأوروبي بل في ملعب روسيا التي إن أرادت فعلاً المساعدة في هذا الملف فعليها أن تنسق مع الأمم المتحدة بأجهزتها كافة”.

وعلى قدر ما هي هذه القضية معقدة، فهي تقتضي تنسيق كلّ الجهود الدولية والعربية. لكن حتى على المستوى الإقليمي، فإن الصورة ما زالت غير مكتملة، بحسب الصائغ الذي يلفت إلى أنّ الدول المعنية بالمبادرة أي الأردن وتركيا ولبنانلم تقم حتى الساعة بإنشاء منصة تنسيق إقليمية يصار من خلالها إلى التواصل مع الجانب الروسي لدفعه إلى رفع مبادرته إلى مجلس الأمن وجامعة الدول العربية. “ثمة ارتباك في التعامل وغياب لخطوات واضحة وعملانية”، يجزم الصائغ.

وفي سياق متصل، لا يتردد الصائغ بطرح السؤال: “كيف الحديث عن عودة فيما التحضير لإقامة معركة في إدلب؟! كيف ستتمّ تلك العودة”؟!

على المستوى الوطني المحلي، يبدو واضحاً أنّ لبنان ما زال في مرحلة الترحيب وتبادل المواقف الداعمة والإطراءات. لكن هل من خطوات عملانية ملموسة؟ قد يكون التصوّر الذي أشير إليه إعلامياً وأعدّته وزارة الدولة لشؤون النازحين هو الوحيد الآيل إلى تحقيق خطوة إلى الأمام، وكلّ ما عدا ذلك ليس إلا…Paroles paroles!

وفي هذا الإطار يسأل الصائغ: “لماذا لم تُشكّل لجنة تقنية لوجستية أمنية حتى الساعة؟! بل لماذا لم يتمّ التوافق حول شكلها ومهامها ودورها، وهذا هو الأهمّ؟!”.

ليس هذا وحسب، إذ إن اللجنة الوزارية المختصة بملف النزوح لم تجتمع بعد لتقدّم  تصورا كاملا لدور الطرف اللبناني في الإعداد للجنة المرتقبة ولكيفية التنسيق مع الروس والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وهو أمرٌ يدفع الصائغ إلى الاستنتاج بأن

“المشكلة في لبنان تكمن في عدم ترجمة المبدأ الموحد الذي يجتمع حوله كلّ الأطراف إلى سياسة عامة تفضي إلى البدء بعمل منهجي متكامل تشترك فيه المؤسسات اللبنانية كافة كل من موقعها”، معتبراً أنه “آن الأوان ل‍لبنان الرسمي كي يتحرّك بشكل موّحد لمواكبة هذه المبادرة بعيدا من التجاذبات السياسية والمقاربات الشعبوية والديماغوجية”.

وإذ يوضح الصائغ بأنّ لبنان معنيّ بالهواجس الداخلية في سوريا بما فيها القانون رقم 10 والتدابير الإدارية الأخرى  لكنه لا يستطيع أن يغيّر فيها وهذه مسؤولية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي”، مشدداً على أنّ “لبنان ملزم بما يتوافق مع التزاماته بالمواثيق والمعاهدات الدولية من أجل تأمين عودة كريمة وآمنة وطوعية للنازحين واللاجئين السوريين، وعليه بالتالي تحضير ملفه الخاص كي يكون مستعداً لمواكبة المبادرة متى انطلقت”.

المصدر: خاص لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!