ثقافة البنطال الممزق تعرّي جيلنا

 

ثقافة البنطال الممزق تعرّي جيلنا

  نادين خزعل – موقع الزهراني

إنّه الإستعمار الأخطر الآتي إلى أوطاننا على متن التطوّر والتكنولوجيا والموضة…

نحن بلاد الحرف وحضارة الشرق، نحن واضعو الصفر الذي لولاه لما كانت الأرقام؛  هاجمونا بثورة رقمية قضت على مَلكة الإبتكار والإختراع فينا…

نحن كتبة الشعر والتاريخ وأرض الأنبياء ومهد الرسالات السماوية إقتحموا دفئنا الأُسريَّ بأجهزة إلكترونية جعلت من مواقع التواصل الإجتماعيّ  العائلة البديلة فبات طلب إضافة صديق هو الهم الأكبر…

دمّروا جيلاً بتحويره وتحويله وصرفوا نظره عن قضاياه ووطنه وأمته…

أنسونا القدس وكل القضايا وجعلونا أداة نصفّق فيها لمتسابق في برنامج هواة هنا ولفائز في تلفزيون واقع هناك ونعتصم في الطرقات لنحتفي بفريق رياضي هنالك…

أربكوا هويتنا وشخصيتنا…

فإختلطت ملابس نسائنا بأزياء رجالنا..

حادوا بشبابنا عن الإستقامة والنزاهة…وقدموا صورة مغايرة للشخصية البطل والقدوة المثال…

لقد نجحوا في جعل جيلنا مجموعة أشخاص معدّلين جينياً بالحضارة والإرث والثقافة..

غزونا بثقافة البنطال الممزق التي مزقت آخر معاقل قيمنا وأسقطت ورقة التوت عن حضارتنا وكشفت عري إنجرارنا وراء موضة غريبة شاذة لا تحاكي أيّاً من تقاليدنا…

لم يرق لهم أن صواريخ الإستعمار والإستكبار التي دمّرت منازلنا وقرانا إحتجنا فقط لسنتين لإعادة إعمارها فرموا علينا أبابيل الصواريخ الثقافية التي يحتاج إصلاح دمارها مئات السنوات ونجحوا…

أطفالنا، مراهقونا، في أخطر مرحلة عمرية داهموهم ووقفنا عاجزين غير قادرين على رأب الصدع وردع الهجوم.. كلّ بيده هاتف ذكي أو آيباد أو حاسوب يتلقى منه التعليم الخاطئ وينهل منه الثقافة الغريبة مؤمناً بصوابية ما يقدّمه له..

شبابنا يقضون السّاعات مسمرين يلعبون إلكترونياً وقادة العالم يشربون نخب أدمغتهم المتلَفة ببطء وأحاسيسهم المتحجرة وكتبهم المدرسية المتروكة في غرفهم الباردة الخالية من تبجيل الأب وتقدير الأم وصفوفهم الخالية من إحترام الأستاذ فالمفاهيم قُلبت…

وبعد…

إن ما يجري هو تدمير ممنهج لجيل، وتطبيق لسياسات ومؤامرات دُفع من أجلها بليارات الدولارات في الغرف السوداء فمن يحمي جيلنا؟ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى