جريصاتي في تكريم القاضي الراحل شريف قيس: ليس هناك من معركة حريات في لبنان

وطنية – أقام المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز وآل قيس، حفلا تكريميا للقاضي الراحل الشيخ شريف محمد قيس، لمناسبة منح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسام الاستحقاق اللبناني ذو السعف، في دار الطائفة – فردان، في حضور وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال سليم جريصاتي ممثلا الرئيس عون، النائب قاسم هاشم ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز رئيس المجلس المذهبي نعيم حسن، مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس ممثلا رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، الوزيرين السابقين ادمون رزق ووديع الخازن، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، المفتش العام القضائي القاضي سمر السواح، رئيس المحاكم الدرزية القاضي فيصل ناصر الدين وفاعليات.

فهد
بعد النشيد الوطني، تحدث فهد وقال:”منذ قرابة العام والنصف فقد لبنان والقضاء علما من اعلام هذا الوطن، المرحوم القاضي في رتبة الشرف الشيخ شريف محمد قيس. وها نحن اليوم نجتمع لنحتفي بمآثر هذا الراحل الكبير، الذي كان وفيا في حسه الوطني، وامينا في ادائه لرسالته القضائية ومرهفا في نتاجه الادبي، فاستحق وعن جدارة المكرمة الصادرة عن فخامة رئيس البلاد العماد ميشال عون، المتمثلة بمنحه وسام الاستحقاق الفضي ذا السعف، تقديرا لخدماته الجلى في شتى الميادين وطنيا وقضائيا وانسانيا وادبيا”.

واضاف:”فقد ترك فقيدنا الكبير اثرا طيبا في القضاء يعكس رجاحة في العقل وعلما زاخرا وعدلا وافرا واتزانا، كما ترك في الادب ارثا غنيا يعكس عبقرية، وينم عن جمال الروح وذوق ورهافة في الحس الوطني والانساني. ولا عجب ان يبلغ الفقيد هذا المبلغ من الارتقاء انسانيا ووطنيا وقضائيا وادبيا، فهو سليل عائلة قيس المملوءة اباء، والمفطورة على الرفيع من القيم والحميد من المناقب والمشرف من المواقف. فمن نبل هذه العائلة تشرب فقيدنا الاصالة، ومن سحر الطبيعة في بلدته حاصبيا اتسمت روحة بحس ادبي راق، ومن كرامات بني معروف نهل القيم والاباء والشهامة والعنفوان والعزة والوطنية”.

حسن
بدوره قال حسن:”بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين وعلى كافة الأنبياء والمرسلين. نرحب بكم في داركم جميعا. المكرم اليوم، المرحوم القاضي الشيخ شريف محمد قيس، هو رجل علم، وتحصيل معرفي، ودأب مستدام في ارتقاء سلم المسؤوليات في القانون والقضاء والمناقبية، بل والشغف العاقل بما هو العدل والحق والأداء الكفؤ الذي يرقى إلى مستوى نموذجي في تجسيد مثال حي على ما يمكن للانسان النبيل المجتهد أن يقدمه لوطنه وللقيم السامية التي بها يبنى المجتمع الحضاري السليم”.

واضاف،”إن سيرة المكرم اليوم تكشف عن رجل كان في حياته أشبه بمريد في محراب العدالة الاجتماعية حتى بات فيه علما من أعلامها من دون أن يبرح مسالك الفضل والتواضع، ونذر النفس لخدمة مجتمعه في أمر جوهري تقام به الممالك وتقوى، وتهن الأوطان بإهماله وتفسد، وهو أمر العدل، والتزام ما يقتضيه من أحكام القانون والإنصاف بالحق”.

وتابع:”حين تمنح الجمهورية، ممثلة بفخامة الرئيس، وسام الاستحقاق للمكرم، فهي بالحقيقة تكرم به المناقب والسجايا والمزايا الأخلاقية الأثيلة، التي من شأن امتثالها في الأداء العملي في الشأن العام، أن تكون دلالة على الأنموذج الجلي لمفاهيم أساسية في المجتمع المدني الناجح، والإدارة العامة المنتجة، وقطاعات العمل في كل الحقول، أعني مفاهيم المواطنة والوظيفة والمسؤولية والأداء الملتزم بالأنظمة والنصوص التشريعية إلى ما هنالك”.

واضاف:”لا أمضى لمحاربة الفساد بكل أشكاله من حد هذا الالتزام المناقبي بمفهوم الخدمة العامة. فإن لم يكن وازع من داخل الفرد، فإن مؤسسات الدولة القائمة على حكم القانون من شأنها أن تشحذ ما يشكل وازعا تشريعيا جزائيا لكل مخل بهذا الالتزام، بما يعزز عمل السلطة القضائية. لا بد من هذه المقاربة بجدية بالغة، وإلا من أين لنا سبيل إلى العبور نحو الدولة المستقرة التي تمنح مواطنيها المجال العام الآمن والمزدهر والواعد بأطيب الآمال بحياة كريمة حرة؟ دولة المؤسسات التي لا يعرقلها تعطيل، ولا يعوق مسارها التنموي، أو يحد من سلطتها انقسامات وشروخ داخلية. دولة الآليات الديموقراطية الفاعلة، دولة إحترام الحريات المسؤولة وحصانة السلطة القضائية التي هي في معيار العدل عينه، منزهة مستقلة وبمنأى عن أي شكل من أشكال الضغوط والتدخلات الباطلة”.

وقال:”علينا أن نرتقي بعقلنا ومسالكنا إلى الحد اللائق الذي يحقق في ذواتنا ثمرة الفضيلة. فلا شيء في هذه الحياة الدنيا يضاهي جمال الحق واتباعه في ما يرضي الله. إن اتباع الحق هو الخير الأعظم لذات المرء، خصوصا لكونه عضوا في المجتمع فيعم النفع، ويتأسس الإصلاح. علينا بهذا النور أن نشهد للقيم الأخلاقية النبيلة، ونعطي المثال الصالح في الصدق والخير والعدل والمحبة والاتزان، وفي الحلم والتواضع والإيثار، وفي التقوى والحياء وبساطة الروح والعمل الصالح. واعتقادنا أنه لا يصح إصلاح اجتماعي، ولا تترسخ منعة إنسانية خارج حقل الشهادة الروحية والعملية لتلك القيم”.

وختم،”لا يسعنا، من حيث التزامنا الروحي والإنساني، إلا أن نناشد مختلف القيادات في وطننا الى إحترام أسس الوحدة الوطنية ومقاربة الوضع الدقيق الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يهدد بلدنا. دعواتنا وصلواتنا أن يؤلف سبحانه وتعالى بين قلوب الحاكمين لتكون لنا حكومة وحدة وطنية تتوخى في عملها كل الخير لبلدنا العزيز ولشعبه الطيب. اننا نهيب بالجميع التزام الهدوء واستعمال الكلمة الطيبة التي تعزز المحبة، بعيدا عن احتمالات التصادم وتعميق الانقسامات والضغائن في النفوس. نسأله تعالى أن يسدد خطانا في ما هو الحق والعدل، وأن يلهم الجميع إلى ما فيه الخير لوطننا”.

جريصاتي
اما جريصاتي فقال:”عرفته قاضيا وقورا مجتهدا فيه هدأة النفس والثقة بالنفس والتحفظ والكتمان والممارسة المسؤولة، عرفته في التفتيش القضائي، وشرفني ان انقل لديه في ملف حساس، وان اجد لديه الطمأنينة والسلام قيل يوما ما اهم من الحق قيل القائل وما اهم من القائل قيل العدل وما اهم من العدل البناء والسلام”.

وتابع:”كل عدالة تتوق الى السلام وان لم نجد السلام في انفسنا، وجدناه في العدل والقضاء ونرنوا اليه بكل جوارحه، وهو اليوم في اياد امينة. اني انظر الى قضاة لبنان، الرئيس الاول ورئيس هيئة التفتيش القضائي والنائب العام التمييزي وقضاة آخرون، متقاعدون وحاليون، وارى فيهم وجها من وجوه شريف قيس رحمه الله واراح نفسه، اقول لكم كلاما مطمنا بأن القضاء بخير، وليس هناك من معركة حريات في لبنان لا تسمعوا الاشاعات، نحن الاحرص على الحريات العامة في لبنان، وان ذهبنا بعيدا في التفسير والاجتهاد وقلنا ما قاله سماحة الشيخ عن الحريات المسؤولة لا يجب ان نلاقي التجني، نحن نسعى الى حرية مسؤولة تقف عند حرية وكرامة الآخرين وهذا ليس بالامر الصعب، الاعلان العالمي لحقوق الانسان يتكلم عن الحرية المسؤولة بتوصيفات عديدة”.

واضاف:”ان شريف قيس متوزع فينا جميعا في اخلاقيا وعلميا والقيم الاجتماعية والعائلية، ولذلك عندما اختارني فخامة رئيس الجمهورية لأمثله في هذا الحفل التكريمي لهذا القاضي والاب الكبير اسرني ذلك فشرفني. من هذا المنطلق، وتقديرا لعطاءات القاضي المرحوم شريف محمد قيس، قرر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منح المرحوم وسام الاستحقاق الفضي ذو السعف، وكلفني، فشرفني تسليمه الى عائلته الكريمة، مجددا باسم فخامته بالتعازي الكبير ولكم جميعا الصبر والعزاء والعبر في مسيرة حياة هذا الرجل”.

ثم سلم جريصاتي عائلة الراحل الوسام، والقى نجل المحتفى به سامي قيس كلمة، شكر فيها مبادرة منح الوسام من قبل رئيس الجمهورية، واقامة الحفل والاستضافة من قبل شيخ العقل، مشيرا الى المزايا الكبيرة التي كان يتمتع بها الوالد وارثه الغني الذي سنحافظ عليه، شاكرا للحضور مشاركتهم في مناسبة التكريم.

وختاما، أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى