عمليات تزوير الشهادات تهز التعليم العالي
قد يكون تورط جامعات خاصة ببيع شهادات مزورة لمدنيين، أمراً مألوفاً وسط الفوضى المستشرية في القطاع التعليمي. غير أن توقيف مديرية استخبارات الجيش اللبناني مدير إحدى الجامعات في بيروت ونائبه واداريَين اثنين في الجامعة نفسها، فضلاً عن خمسة عسكريين، على ذمة التحقيق، على خلفية بيع وشراء شهادات جامعية وهمية، فلا شك أن الحدث استثنائي.
لهذه الغاية، يعقد وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، الاثنين في 23 تموز 2018، جلسة استثنائية لمجلس التعليم العالي بهيئتيه السابقة والمنتخبة في الوزارة.
وفي وقت تعذر التواصل مع الوزير حمادة، تؤكد مصادر وزارة التربية لـ”المدن” المعلومات التي تفيد بأن “العسكريين قصدوا تلك الجامعة لشراء الشهادات، كي يتمكنوا من الحصول على ترقية من جندي إلى رتبة رقيب”. وإذ تكشفت المصادر أنها “ليست المرة الأولى التي يُتداول فيها باسم المدير الموقوف (ع.ع.) بتهمة بيع الشهادات، بل يبدو أن له باعاً طويلاً في السوق السوداء”، تشير إلى أن “للجامعة المذكورة ملفاً أمام القضاء، يتعلق ببيع شهادة مزورة لأحد المرشحين السابقين للانتخابات النيابية”.
وتفيد مصادر الأجهزة الأمنية “المدن” بأن “ما ساعد المحققين على كشف طرف الخيط هو مبادرة عدد من العسكريين، وبشكل مفاجئ، على التصريح لدى قيادتهم بأنهم حائزون على شهادات جامعية، مع العلم أن أياً من هؤلاء لم يسبق له أن أبلغ أنه يتابع تحصيله العلمي. وقد تبين في التحقيقات أنهم قصدوا الجامعة خلال مدة لا تتجاوز الأربعة أشهر، وعلى الاثر حصلوا على الشهادة مقابل مبلغ، بعدما لجأ مدير الجامعة المذكور إلى تزوير قيود التسجيل ووضعها في تواريخ سابقة”.
وفيما التحقيقات جارية، تتحدث المصادر عن “تورط جامعة أخرى ببيع هذا النوع من الشهادات، وسيتم قريباً توقيف دفعة جديدة من المتّهمين”. وتكشف التحقيقات الأولية التي أجريت مع المزوّرين، ومع الأشخاص الذين استحصلوا على الشهادات المزوّرة، أنّ المبالغ المدفوعة تراوح بين ألفين وخمسة آلاف دولار أميركي.
وفي حديث إلى “المدن”، يوضح المحامي جوزف رزق أنّ “تزوير الشهادة يعتبر، وفق قانون العقوبات، تزويراً لمستند رسمي، أي أنه جناية وليس جنحة. بالتالي، فإنّ العقوبة لا تقل عن ثلاث سنوات سجن للمزوّر، الذي يمكن أن يدفع كفالة مالية عالية لإطلاق سراحه المشروط”.
إلا أن محاكمة بعض المزوّرين لا تعني القضاء على هذه الظاهرة. فهناك عصابات عدة تعمل في هذا المجال وهي تزاول عملها بعيداً من العيون، وغالباً ما يستفسر أعضاؤها المحترفون عن سبب طلب الشهادة. فإذا كان لذلك علاقة بالمؤسسات الرسمية تراجعوا عن ذلك مفضّلين تقديمها لمن يريد السفر والهجرة.
وأمام شيوع ظاهرة تزوير الشهادات الجامعية وبطرق محترفة، تتوزع المسؤولية على الدولة عموماً والفوضى المستشرية ضمن أروقتها واداراتها، وعلى وزارة التربية خصوصاً لما لها من دور أساسي في محاربة هذا الفساد.
لكن، هل من سبيل لوضع حد لهذه الظاهرة؟ “لا حل إلا بمكننة العمل الاداري في الوزارة وتوثيق المعلومات”، تجزم مصادر وزارة التربية. ما سيحدّث عملية إدارة الشأن التربوي، و”عندها يصبح ممكناً تفادي الرشى التي تدفع أحياناً كثيرة للموظّفين للمساعدة على تمرير بعض الشهادات المزوّرة”.