عشرات المؤسسات تطرد لبنانيين وتستبدلهم بسوريين.. و”التحكيمي” يماطل
استفحلت ظاهرة صرف عدد لا يستهان به من المؤسسات للموظفين اللبنانيين واستبدالهم بعمّال سوريين، وتحت غطاء الضائقة الإقتصادية تتمادى هذه المؤسسات في لعبتها القذرة هذه تحت أعين الدولة ووزارتها المعنية، ما أسفر عن خسارة الآف اللبنانيين لوظائفهم، وعدد منهم في سن الخمسين وما فوق.
أسباب لجوء رب العمل إلى توظيف عامل سوري تكمن في أجره المتدني، وعدم تسجيله في الضمان، واستغلاله وامكان تشغيله لساعات تتجاوز المسموح بها في القانون. والوضع ازداد سوءاً بعدما أصدر الوزير سليم جريصاتي عندما كان يشغل وزارة العمل في 3 شباط عام 2013 قراراً، قضى بالسماح للعمال السوريين بمزاولة مهن كانت محصورة باللبنانيين “لدواع إنسانية”. علماً أنّ المعايير الإنسانية نفسها التي جعلت اللبناني غريباً في وطنه، لم تجد وزارة العمل وغيرها من الوزارات المعنية أنّها تستحق منها عناء التصدي لهذه الكارثة، من خلال معاقبة المؤسسات التي تصرف عمّالها اللبنانيين لتستبدلهم بسوريين، وتحصين اللبناني من منافسة غير شريفة وغير شرعية ، من شأنها أن تزيد نقمة اللبناني حيال دولته وحيال النازح الذي يزاحمه على لقمة عيشه .
اقتراحات عدّة نادى بها نقابيون لحماية العامل اللبناني كمقاطعة أصحاب هذه المؤسسات، ولكن مبدأ المقاطعة يبدو غير قابل للتطبيق بسبب انتشار العمالة السورية على مساحة الـ10452 كلم مربع وفي مجمل المهن. فهل يكمن الحل بلجوء العامل اللبناني إلى مجلس العمل التحكيمي والتقدم بشكوى بحق المؤسسة التي عمدت إلى صرفه؟
رئيس اتحاد نقابات موظفي وعمال الفنادق والمطاعم والتغذية ودور اللهو جوزف حداد يشير في هذا السياق في حديث لـ”لبنان 24″ إلى تجارب مرّة مع مجلس العمل التحكيمي الذي يعمد إلى المماطلة “أتابع عدداً من الشكاوى أمام المجلس التحكيمي، فتعمد القاضية إلى إرجاء الدعاوى في كلّ مرة إلى أشهرعديدة بحجة عدم تبلّغ المدعى عليه، ونطلب من وزير العدل الضغط باتجاه البت بهذه القضايا بمهل معقولة لا تتجاوز الشهرين، أمّا ما يحصل فعلياً فهو أرجاءٌ تلو الآخر ليصل اللبناني لمرحلة اليأس”.
لم يشأ حداد تسمية هذه المؤسسات بأسمائها في الوقت الحالي وقال: “يعتبرون الأمر بمثابة تشهير، ولكن إذا بقي الوضع على ما هو عليه من دون معالجة لفترة معينة سنعمد إلى تسمية هذه المؤسسات، وهذا ما اتفقنا عليه مع رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر”.
الوصول إلى حفظ حق اللبناني وحمايته في نطاق عمله لن يكون وفق مقاربة حداد سوى بقرار سياسي حكومي، يمنح كلّ الوزارات المعنية والقوى الأمنية الضوء الأخضر لمراقبة تطبيق القوانين، ومعاقبة المؤسسات المخالفة ومكافآة المؤسسات التي تعمد للحفاظ على النسيج العمالي اللبناني. ويضيف حداد: “في قطاعنا خسرنا ما يفوق 150 ألف فرصة عمل من أصل 260 ألف، تقلصت الوظائف أمام العامل اللبناني إلى حدود غير مسبوقة في المطاعم، وصلنا إلى مكان أصبحنا فيه عاجزين عن إيقاف العمالة الأجنبية التي أوصلتنا إلى حافية الإنهيار”.
لا يمكن التعويل على بدء عودة النازحين السوريين، وهي عودة تتم بأعداد خجولة مقارنة مع الوجود المليوني، وبرأي حداد يجب التنسيق مع الأمم المتحدة ليصار إلى منع النازح من الحصول على وظيفة هي من حق أبناء البلد في حال كان يستفيد من جهة أخرى، ولفت إلى أنّ القانون اللبناني يسمح للمؤسسات بعامل أجنبي مقابل عشرة عمال لبنانيين ولنبدأ بتطبيق القانون”.
يبقى أنّه لا يمكن إلقاء اللوم على العامل الأجنبي الذي يحاول كسب رزقه، بل على دولة لا مثيل لها على الخريطة العالمية، تترك مواطنيها مجرّدين من كلّ أنواع الحماية، وتبدع من جهة ثانية بحلبات الصراع بين أركانها حول نظرة كل منهم للنزوح السوري. وإذا كان البعض يسمي رفع الصوت حيال منافسة العامل السوري للبناني على أرضه بالعنصرية، فاسمحوا لنا بتسمية صرف اللبنانيين من وظائفهم لاستبدالهم بآخرين بالخيانة الوطنية .