48% ارتفاع الأسعار بالدولار في لبنان

صدى وادي التيم – إقتصاد /

منذ تثبيت سعر الصرف في صيف 2023، أصبح ممكناً قياس ارتفاع الأسعار بالدولار بسهولة عبر احتساب ارتفاع مؤشّر الأسعار الاستهلاكية. فقد أصبح الارتفاع في الأسعار بالليرة، يوازي الارتفاع في الأسعار بالدولار، لأن سعر الصرف لم يعد متحرّكاً.

يمكن القول بسهولة إن ارتفاع الأسعار لم يعد مرتبطاً بانهيار سعر الصرف، وإن الارتفاع بالأسعار أصبح مرتبطاً بعوامل محليّة أيضاً لها علاقة بشكل الاقتصاد وبنيته.

ففي المدة ما بين تموز 2023، أي منذ العودة إلى التثبيت في السياسة النقدية، وما بين نهاية شباط 2025 ارتفعت الأسعار بنسبة 48%. فقد سجّل المؤشّر القياسي للأسعار الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي في نهاية تموز 2023 نحو 4858.95 نقطة، ثم سجّل في نهاية شباط 2025 نحو 7186.41 نقطة، أي بفرق يبلغ 2327.46 نقطة، أو ما يوازي 47.9%.

قد يقول البعض إن هذا التضخّم مستورد من الخارج بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً، عازين الأمر إلى أن استهلاك لبنان بمعظمه مستورد، أي إن الارتفاع في الأسعار خارجياً ينعكس بشكل مباشر على الأسعار في لبنان.

إلا أن الأرقام لا تُبرر هذه النظرية. فعلى سبيل المثال، تضخّم الأسعار التراكمي في أميركا، بين تموز 2023 وشباط 2025، بلغ نحو 4.3% فقط، مقارنة بنسبة 48% في لبنان في المدة المماثلة.
ما يشير إلى أن التضخّم في لبنان أعلى من التضخّم العالمي، وبالتالي الجزء الأكبر منه غير مستورد بل هو محلّي المصدر. وهذا الأمر يتعلق بشكل نظام الاقتصاد السياسي في لبنان، الذي يُسهل عمليات الاحتكار ويمعن في التركّز الاحتكاري وتعزيز أرباح التجّار، وهو ما يُسهم في ارتفاع الأسعار بشكل غير مُبرر.

من ناحية أخرى، ثمة ما يلعب دوراً آخر في هذه الظاهرة، وهو الشكل الاقتصادي الذي رسى عليه لبنان بعد الأزمة، والذي يعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية من الخارج.

هي عملياً أموال تأتي مجاناً إلى لبنان، وهي ليست لقاء أي منتج وخدمة منتجة محلياً، بل هي لقاء عمل لبنانيين يعيشون في الخارج ويحوّلون الأموال إلى أسرهم في لبنان. هذه الطريقة في تدفّق الأموال إلى لبنان تُسهم في ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع الطلب في الأسواق من دون أي زيادة في الإنتاج.

كما إن هذا النظام، غير المنتج، دائماً ما يعود إلى الشكل الريعي من الاقتصادات، وهو ما يُبرر ارتفاع أسعار الإيجارات وأسعار الأراضي والشقق السكنية مجدداً بعد الأزمة. كل هذه الأمور، بالإضافة إلى غياب أي عامل رقابي من قبل الدولة على الأسعار في لبنان، تُسهم في ارتفاع الأسعار بالدولار.

ومن الجدير بالذكر، أنه في مقابل ارتفاع هذه الأسعار لم تتلقَّ الأجور في لبنان أي زيادات قد تبرّر هذه الزيادة في الطلب الاستهلاكي، ما يعني أن الأجور بعد تصحيحها، جزئياً، خلال الأزمة عادت لتفقد قوّتها الشرائية، حتى بعد دولرتها أيضاً. أما بالنسبة إلى موظفي القطاع العام، فهم يخسرون بشكل مزدوج، إذ خسروا مع انهيار سعر الصرف، ويخسرون الآن مع تضخّم الأسعار بالدولار.

الملفت، هو أن المعدّل الأكبر للتضخّم في هذه المدة هو في قطاع التعليم، الذي شهد تضخماً في الأسعار بنسبة 795%. يلي ذلك الإيجارات الجديدة، التي ارتفعت بنسبة 50%. فعلى سبيل المثال، إذا كان معدّل أسعار الإيجارات في لبنان يبلغ نحو 400 دولار في ذلك الوقت، فقد أصبح المُعدّل الآن 600 دولار.

وقد ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 35% في هذه المدة أيضاً. كما إن أسعار الخدمات الصحية ارتفعت بنحو 24% في هذه المدة. في الواقع، إن أسعار السلع والخدمات الأساسية ارتفعت بشكل كبير بالدولار، وهذا ينعكس مباشرة على نوعية الحياة في البلد.

الأخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!