واشنطن تحضّر لإنهاء مهمة اليونيفل.. أورتاغوس تضغط: متى المفاوضات؟
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
فوقَ الدمار ودماء الشهداء، تُصرّ واشنطن على فرض مراحل تدريجية تصِل في نهاية المطاف إلى ضمّ لبنان إلى اتفاقيات التطبيع مع كيان الاحتلال. ويكرّر الوسطاء والموفدون الغربيون والعرب، المطلب القديم بالتوصل إلى سلام بين لبنان وكيان الاحتلال.
مع تبدّل الظروف اليوم، يعتقد الأميركيون، كما العدو، بأن هناك فرصة لتنفيذ المشروع. وينطلقون من أن الحرب أجهزت على حزب الله، وأن الحاجة إلى إعادة الإعمار تفرض وضع شروط على لبنان لا تقتصر على «الإصلاحات في الدولة»، بل تشمل «خطوات سياسية تبدأ بالشروع في عملية عزل حزب الله وكل من هو مرتبط به، وإبعاده بصورة تامة عن الدولة تمهيداً لنزع سلاحه في كل لبنان».
ويريد الأميركيون أن تبدأ العملية من خلال «المجموعات الثلاث التي دعت إلى تشكيلها نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، والمخصّصة لإطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، والانسحاب من الجنوب، وتحديد الحدود الدولية بين البلدين على أن تشمل النقاط الـ13 الواقعة على الخط الأزرق»، لتنتهي في نهاية المطاف بمفاوضات مباشرة حول التطبيع.
واليوم يشترك الإسرائيليون والأميركيون ومعهم بعض العرب في تكرار سيناريو عامي 82 و83، من خلال العمل على جبهتين: عسكرية حيث يواصل العدو بالنار تنفيذ حزام أمني في الجنوب وتوسيعه إلى عمق أوسع من كيلومترين، إضافة إلى منطقة عازلة تحيط بالنقاط التي لا تزال تحت الاحتلال التي يستخدمها جنود العدو للوصول إلى هذه النقاط. أما الجانب السياسي من الحملة، فيتمثّل بالضغط على السلطة السياسية وتجميد أي مساعدة أياً كان شكلها قبل الرضوخ والقبول بهذه الشروط.
هذه المطالب والشروط كانت موضع بحث في الاجتماع الذي عُقد أول أمس بين الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، قبل الإفطار الرمضاني في القصر الجمهوري، من دون التوصل إلى أي اتفاق، نتيجة عجز السلطة عن مواجهة الضغوط الأميركية. وقالت مصادر مطّلعة لـ «الأخبار» إن «هناك إرباكاً واضحاً لدى السلطة التي تصلها كل يوم أو يومين اتصالات من أورتاغوس تسأل فيها أين أصبحت الاستعدادات، فيما يتهرّب عون من حمل المسؤولية وحده، ويعتبر برّي أن السلطة التنفيذية هي من عليها أن تتعامل مع هذه المطالب وتتخذ قراراً في هذا الشأن».
ورغمَ المعلومات التي تحدّثت عن وجود تفاهم حول «اعتماد آلية للتفاوض مع إسرائيل، برعاية القوات الدولية، وبإشراف هيئة الرقابة الدولية المولجة بتطبيق الاتفاق»، إلا أن الهجمة الأميركية تضع لبنان أمام منعطف خطير، وتجعل الأثمان التي سيدفعها لبنان كبيرة جداً.
وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن «السلطة الجديدة التي أتى بها الأميركيون بعد الحرب قدّمت التزامات في هذا الشأن، لكنها تعرف أن تطبيق هذه الالتزامات دونه عقبات كبيرة، أخطرها الذهاب إلى صدام أهلي، وانقسام الجيش في حال فكّر أحد في وضعه في مواجهة مع المقاومة وبيئتها وجمهورها». وفيما رجّحت المصادر أن يبادر أهل الحكم إلى صياغة ملتوية للتنازلات لعدم إغضاب واشنطن والشروع في تأليف هذه اللجان، فإن ذلك لن يكون كافياً للأميركيين والإسرائيليين لأن ما يريدونه أكبر من ذلك بكثير».
وتتحدّث المصادر عن «ترتيبات تحضّر لها واشنطن، وقد سمع مسؤولون لبنانيون من دبلوماسيين فرنسيين أن الولايات المتحدة تريد تقليص عديد اليونيفل في جنوب لبنان إلى أقل من النصف، خصوصاً أنها هي من تدفع نصف موازنتهم، وتعتبر أن لا حاجة إليهم في الفترة المقبلة». وكشفت المصادر أن «الفكرة البديلة، كما قال الفرنسيون، هي إبقاء قوة صغيرة تشبه قوة أندوف في الجولان، حيث يكون هناك مراقبون لعمل اللجان التي ستتولى مراقبة الوضع على الحدود، في موازاة عمل اللجان الثلاث». وكشفت المصادر أن «هذا الأمر لمَّح إليه رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز عندما أشار في أحد الاجتماعات إلى أن مهمة اللجنة «محدودة ومؤقّتة».
ولا تبدو المملكة العربية السعودية بعيدة عن هذه الضغوط مع تولّيها الحصار الاقتصادي، ونقل زوار للرياض عنها أنها «لن تدفع فلساً واحداً في إعادة الإعمار». وتؤكد مصادر مطّلعة أن «الرئيس عون سمِع هذا الكلام بشكل غير مباشر خلال لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مطلع هذا الشهر»، كما سمِع «رفضاً سعودياً لرفع الحظر عن سفر السعوديين إلى بيروت، إذ سأل ابن سلمان عون ما إذا كان يضمن سلامة المواطنين السعوديين على طريق المطار في بيروت المليئة بصور لقادة من حزب الله وإيران»، قائلاً: «على الأقل أزيلوا الصور»! وهو مطلب نقله عون إلى بري بعد عودته سائلاً عن «إمكانية تخفيف الصور على طول الطريق».
وعلمت «الأخبار» أن عون سيطلب مساعدة فرنسية، خلال زيارته لباريس في 28 الجاري، لإقناع الرياض بالعدول عن موقفها والمباشرة في مساعدة لبنان. إلا أن كل التوقعات تشير إلى أن هذه المساعي لن تلقى نجاحاً.
الأخبار