الموضة المحتشمة: تأثيرٌ متزايد على سوق الأزياء العالمية
صدى وادي التيم-عالم المراة/
في السنوات الأخيرة، شهد قطاع الأزياء المحتشمة أو الـ Modest Fashion نمواً كبيراً ومتزايداً وصل صداه إلى منصات العروض العالمية وأغلفة المجلات. فما مدى تأثيره اليوم؟
أصبحت الموضة المحتشمة جزءاً من استراتيجيات عدد من دور الأزياء وفي ثقافة الموضة العالمية أيضاً، خصوصاً أنّها لم تعد محصورة بفترة معينة من السنة كشهر رمضان مثلاً.
فلنعد إلى عام 2018، حين ظهرت العارضة الصومالية ــ الأميركية المحجبة حليمة عدن على غلاف مجلة «فوغ» البريطانية لعدد أيار (مايو). كانت تلك سابقة للعارضة نفسها، ولمجلات الموضة حول العالم، وللمحجبات عموماً. وسرعان ما بدأت العارضة تسير على منصات العروض، من «ماكس مارا» إلى «ألبيرتا فيريتا» وغيرهما. أتت تلك الخطوة في خضم شهرة الأزياء المحتشمة آنذاك، حين كانت قيمتها السوقية تبلغ 283 مليار دولار.
واعتمدت النجمات هذه الموضة حتى على السجادة الحمراء، منهن الممثلة الأسترالية مارغو روبي عام 2018، والأميركية جانيل موناي التي ارتدت تصميماً محتشماً من «رالف لورين» مرصّعاً بالكريستال خلال احتفال الأوسكار لعام 2023، وغيرهما كثيرات.
ويرى كثيرون أنّ الأزياء المحتشمة تمكّن المرأة من التعبير عن أسلوبها الشخصي مع الالتزام بمعتقداتها الثقافية أو الدينية.
على منصات العرض
إلى جانب المجموعات المحتشمة الكاملة التي تُطلقها الدور المتخصصة في هذا النوع من الأزياء، ظهرت التصاميم المحتشمة على منصات عروض الدور العالمية، مثل «بروينزا سكولر» لخريف وشتاء 2022. وسبقتها إلى ذلك «دولتشي آند غابانا» في عام 2016، عندما أطلقت مجموعتها الأولى للحجاب والعباءات.
وفي المواسم الأخيرة، عادت دور الأزياء لتحتضن هذا النوع من الملابس، كما رأينا على منصة عرض «فالنتينو» لمجموعة ريزورت 2025، و«فيلوسوفي دي لورينزو سيرافيني» للموسم نفسه.
حتى أنّ متجر «سيلفريدجز» يلجأ أكثر إلى الموضة المحتشمة، لا سيما أن عملاءه الخليجيين في ازدياد مستمر، الأمر الذي ينطبق أيضاً على متجر «هارودز».
الموضة المحتشمة بالأرقام
بلغت قيمة سوق الأزياء المحتشمة في عام 2021 نحو 368 مليار دولار، حتى أنّ لها أسبوع موضة يُقام سنوياً منذ عام 2016 في مدن عدة، منها إسطنبول، لندن، ودبي، وأمستردام، وجاكرتا، والرياض. وفي عام 2023، بلغ الإنفاق العالمي على الموضة المحتشمة نحو 254 مليار دولار، وفقاً لشركة «طومسون رويترز». وباستطاعة هذه السوق أن تنمو حتى 473 مليار دولار بمعدل سنوي يبلغ 6.6%.
وتشير مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «بنتريست» و«تيك توك» إلى زيادة كبيرة في عمليات البحث عن «الأزياء المحتشمة». فلا عجب أن تخطو مواقع التجزئة العالمية، مثل Net-a-porter، خطوات مهمة في هذا الاتجاه وتُصدر تصاميم رمضانية منسقة وفقاً للثقافة العربية المرغوبة.
فوفقاً لموقع WWD، زاد البحث عبره عن كلمة Modest (محتشم) في الأشهر الثلاثة الماضية بنسبة 285%، مع اهتمام أكبر للعملاء بعلامات تجارية تتبع هذا النهج، مثل «ألايا» و«خايتي».
بعد ثقافي أم أسلوب حياة؟
بالنسبة لكثير من المستهلكين، غالباً ما تكون الخيارات محدودة لدى البحث عن أزياء محتشمة. وفي الوقت نفسه، تتطلب تلبية احتياجات هذه السوق من العلامات التجارية أن تتعامل بنجاح مع تعقيدات هذه الأزياء، كونها تحمل معانٍ ثقافية ودينية أيضاً.
وفي حين أنّ دور أزياء كثيرة تنتج مجموعات تلبي احتياجات سوق الشرق الأوسط، إلا أن القصة الكامنة وراء إطلاقها لا تُذكر في الكثير من الأحيان مصدرها الثقافي. وفي الوقت نفسه، يعد ربط الأزياء المحتشمة بشهر رمضان فقط أو بالمرأة المسلمة على وجه التحديد غير عادل، إذ يمكن اعتماد هذه الأزياء على مدار السنة، وقد تختار أي امرأة في العالم اعتمادها مهما كانت المناسبة. كما أنّ كثيرات من غير الملتزمات دينياً يجدن في هذا النوع من الأزياء خياراً جمالياً يناسب أسلوب حياتهن. وهذا ما يفسّر مثلاً اعتمادها من قبل بعض نجمات هوليود على السجادة الحمراء. فهذه الأزياء تتخطى حدود الثقافة والأديان لتصبح أسلوب حياة.