من طرطوس الى جبل محسن: قلق شمالي من الانفجار

صدى وادي التيم-امن وقضاء/

لا تُبشر أحداث الساحل السوري بالخير، فالامتداد الجغرافي اللبناني السوري يفرض رزنامة أمنية واحدة على البلدين والتجارب في هذا الامر كثيرة تعود الى ما قبل الثورة السورية عام 2011 وهي مستمرة الى يومنا هذا.

ومنذ اعلان النفير العام في مدن الساحل السوري كاللاذقية وطرطوس وبانياس وجبلة، والمعابر غير الشرعية على طول النهر الكبير الجنوبي شغالة، حيث يتوافد أهالي القرى العلوية الى لبنان وتحديدا الى بلدات الساحل العكاري ذات الاغلبية العلوية هربا من المجازر التي توثقها الكاميرات وتتحدث عنها وكالات أجنبية اضافة الى المرصد السوري لحقوق الانسان. هذا النزوح الذي بدأ ومرشح أن يزيد في الايام المقبلة في حال استمرت المواجهات وفق مخطط مدروس، قد ينعكس بشكل دراماتيكي على الشمال اللبناني، المُتخم بانعكاسات الحدث السوري عليه والقابل للانفجار في لحظة تتقاطع فيها مصالح الدول على أرضه. فطرابلس جمر تحت الرماد خصوصا وأنها تشهد بشكل يومي أحداثا أمنية يتخللها إطلاق نار وقتل وغيرها من الجرائم، وسط خوف من تمدد الصراع السني العلوي في الساحل السوري الى جبل محسن وباب التبانة لنعود من جديد الى جولات عنف سبق أن كلفت أهالي المدينة فاتورة دم وأحقاد لا زالت قائمة الى اليوم. التداخل الطائفي في طرابلس وعكار بين السنة والعلويين يدفع الاجهزة الامنية الى التشدد بمراقبة التحركات على الارض، وتسعى الاجهزة الى رصد وتعقب أي نشاط مشبوه لطابور خامس قد يستفيد من الحدث السوري ليشعل نار الفتنة شمالا. في وادي خالد سرعان ما تحرك الجيش وأنهى ظاهرة الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لمجموعة إدعت استعدادها لمساندة هيئة تحرير الشام في حربها ضد “فلول النظام السوري”، وأثار ذلك خوفا في القرى المحيطة خصوصا وأن لعكار تاريخا من التنوع الطائفي وقد دفعت ثمنا في الاحداث الاهلية نتيجة تدخل النظام السوري دعما لطرف على آخر.

ولا تُخفي مصادر أمنية خشيتها من خطورة ما يجري شمالا حيث انقلبت فيه موازين القوى ولفحت فيه نار المصالح الدولية المتنقلة بين القرى والبلدات حيث تتقاسمها جهات دولية وتساندها الجغرافيا السياسية. وتحذر المصادر من إنشغال الدولة بملفات أمنية مرتبطة بالوضع على الجبهة الجنوبية فيما المنطقة الشمالية باتت بؤرة لعناصر غير منضبطة تستمد قوتها من التطورات السورية، وتنشط في هذا الاطار مجموعات مسلحة غير منضبطة وتسعى الى استغلال الاحداث لتوظيفها في تجنيد الشبان على خلفية طائفية. ويُساهم انشغال بعض المسؤولين في الاجهزة بالتعيينات الامنية في سعي تلك المجموعات على تكثيف نشاطها. من هنا تحذر مصادر مطلعة من التأخير بحسم ملف التعيينات الامنية والعسكرية واعادة هيكلة العمل الامني بما يتناسب مع تطورات المرحلة. ويتخوف المجتمع العكاري من تحول قراه الى ما يشبه الساحل السوري حيث استغلت مجموعات مسلحة الفوضى الميدانية ودخلت البيوت، وقامت بتصفية من فيها من أطفال وكبار في السن وشهد الساحل السوري مجازر ميدانية من قبل قوات الامن السوري بحجة تصفية “فلول النظام السابق”. هذا الواقع يعززه أيضا التراخي الامني في بعض الاحيان والتعاطف السياسي لدى أحزاب فاعلة في المنطقة منسجمة الى حد كبير مع الادارة السورية الجديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!