أما آن لليل أن ينجلي! بقلم وهبي ابو فاعور

 

صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم /

يعيش اللبنانيون ضائقة صعبة نتيجة المرحلة المؤلمة من الحرب الإسرائيلية المجرمة على كامل الكيان اللبناني الذي لا يمكن أن تُحصر بمنطقة أو طائفة أو حزب فالدمار عمّ الكيان وخرّب الإقتصاد وأحزن المشاعر وسدّ آفاق المستقبل كيف لا والأكفان قليلة للجثامين الفتية المتناثرة بين الوسائد والمكتبات….

والشاشات رغم كثرتها من الهواتف النقالة إلى مراسلي المحطات والصحف لا تلبي الحاجة ولا تزف بشرى عن بصيص أمل بمستقبلٍ واعد مطمئن لشعب فقد ثقته بقادة رأي ومحللين يلوكون كلاماً معسولاً ويرددون آهات تدعي إنتصارات لا تغني ولا تسمن ولا تقدم حليباً لطفل ٍ جائع، فيما كل اللبنانيين يحتضنون الأخوة النازحين بالقلوب قبل الدور ومراكز الإيواء.

وتستمر المكابرة على العناد ونقيس الظل بما يقيس الرجل القصير ظله عند شروق الشمس، فيما يقابلها من شماتة مبطنة تحرك الأحقاد والضغائن وتهرول مسرعة لجني مكاسب سوء التقدير والتفرد بالشأن الوطني دون تبادل الرأي واحترام سيادة الدولة.

أما في الأفق البعيد فلا يبدو الحال أفضل رغم الوعود المعسولة حيث يتيه المهوسون بشعارات برّاقة للبنان جديد مع تكرار نغمة أنصار الثورة بإعفاء النظام البعثي الأسدي السوري المهزوم من مسؤولية تدمير البلد فكرياً وأخلاقياً وبث السموم في عقود طويلة تمنع التلاقي والحوار منذ إنطلاق شرارة عين الرمانة في نيسان 1975 حيث تلوك الألسنة وتشير بأصابع الإتهام إلى يد عابثة تأتمر بأمر النظام السوري البائد في جريمة الإغتيال الثنائية لانتقال شرارة الحرب الأهلية المدمرة والتي استطاع القادة العقلاء بتجاوزها في مصالحة الجبل المباركة.

لم يكتف النظام السوري بتصفية المشروع الوطني واغتيال قائده الشهيد كمال جنبلاط بل أمعن في خلق الأصنام المتحركة والأبواق الفاجرة على مدارما يزيد عن أربعة عقود وحتى بعد رحيله إثر جريمته النكراء باغتيال الأمل اللبناني الشيخ رفيق الحريري، فاصطنع الشبيحة من قبضايات الزواريب ومدّعي الأحلام التوحيدية والديمقراطية والطلائعية والحجازية.

من أنواع السلاحق والفطر الرخيص لا ترتكز إلى الأصول الفكرية اللبنانية والتاريخ المئوي للبنان الكبير حتى وصل بهم الأمر إلى سن تشريع قانون الملل للإنخابات النيابية فكانت الضربة القاضية للوحدة الوطنية.

وتطاول هؤلاء الضالّون وفتحت لهم الأبواب المرصدة على كفاءاتهم وهزالهم فدخلوا الوزارات والندوة البرلمانية وتسنموا المناصب العليا في الدولة في الإدارة العامة والقضاء المدني فعاثوا فساداً وما زالت أصوات بعضهم تهز مواثيق الشرف الوطني وتكيل الشتائم للقيادات الواعدة الصادقة إيفاءً لدين الإرتقاء السياسي من الوصاية البغيضة…

لا بديل عن برنامج للإصلاح الوطني السياسي أولاً ترتقي به النخب من السياسيين والجماهير التواقة إلى بناء دولة العدالة والمساواة ومحاسبة الفاسدين وإقصاء تجار السياسة وبعث الأمان للبنانيين بوطن حصين يجمعهم ويحفظ حقوقهم وحقوق المقيمين الشرعيين على أرضه، برنامج يشبه برنامج الإصلاح الوطني الذي طرحته الحركة الوطنية بقيادة المعلّم الشهيد كمال جنبلاط في آب 1976.

هذا البرنامج يشكل المولود الوطني للبرامج الخاصة والمجتزأة التي يزخر بها المدى السياسي اللبناني ممثلاً بقادة رأي على قاعدة الوطن الواحد بكل أبنائه كما أعلنته الإتفاقيات الدولية وكرسه أبناؤه من الناقورة إلى العريضة لأن البلد لا يحتمل التفرّد والصياغات الفئوية وأن حُظي معظمها بمنطلقات صادقة وشاملة، وإلى أن ينبلج الضوء ينتظر الشعب قادة الرأي والفكر.

الانباء – وهبي ابو فاعور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!