الخيام تنفض غبار العدوان

صدى وادي التيم – أخبار وادي التيم /

تعود الحياة تدريجاً إلى بلدة الخيام الجنوبية، التي شهدت واحدة من الملاحم البطولية خلال العدوان الصهيوني على لبنان. البلدة المشرفة على مثلث الجليل وهضبة الجولان المحتل، دمّر العدو نحو 80% من منازلها، إلا أن ما يعزّي أهلها، رغم الدمار الذي وقع معظمه خلال مهلة الـ 60 يوماً بعد وقف إطلاق النار، أن فرق جيش العدو عجزت عن دخولها بعدما استبسلت ثلّة من المقاومين في الدفاع عن البلدة ومحيطها، ومنعت آلاف الجنود الصهاينة من تدنيس أرضها.

في 24 كانون الثاني الماضي، دخل أهالي بلدة الخيام إلى قريتهم. الدمار كبير، والطرقات مغلقة بسبب الركام وتدمير العدو للبنى التحتية. جولة في البلدة بعد 10 أيام تظهر تغيّراً واضحاً في المعالم. عدد كبير من الأهالي الذين لم تُدمّر بيوتهم بشكل كبير بدأوا إعادة ترميمها، وعدد ليس قليلاً عاد إليها.

البلدة اليوم عبارة عن ورشة كبيرة. مدخلها الشمالي هو الوحيد المفتوح، فيما أقفل الجيش المداخل الجنوبية والغربية بسبب تقدّم قوات الاحتلال أحياناً إلى وسط السهل. عند المدخل الشمالي المعروف بـ«نبع الحمام»، تعمل الجرافات على رفع أنقاض بعض المنازل المدمرة، فيما كانت محالّ «الحدادة» الأولى التي فتحت أبوابها بسبب الطلب الكبير على بوابات الحديد بعدما «خلع» جنود الاحتلال معظم بوابات المنازل والمحال. كذلك بدأت فرق مؤسسة الكهرباء بمدّ الشبكة إلى بعض الأحياء، وتحديداً الشريقة ونبع ابل والجلاحية.

في الساحة العامة، التي دُمّرت بمعظمها، فُتحت بعض المحالّ التي سلمت من القصف بحد أدنى من الأضرار، من بينها دُكان وملحمة، فيما فتح صاحب محل للخردوات هنغاراً أمام محله المدمر. الخياميون مصمّمون على العودة السريعة، «حتى لو تأخرت التعويضات سنعود، فهذه أرضنا وبدنا نرجع» يؤكد بعض الأهالي الذين كانوا ينظفون منازلهم التي تضررت جراء العدوان.

شباب من البلدة ينامون كل يوم في ساحتها داخل سياراتهم وفي خيم نصبوها هناك، فيما يزورها كثيرون يومياً لتنظيف منازلهم وترميمها، أو مساعدة آخرين على ذلك.

مع الدخول إلى البلدة من الحي الشمالي نحو الوسط والجنوب، تزداد أعداد الجرافات والعمال… وأعداد كبيرة من الأهالي، ومن مناطق أخرى أتوا لتفقدوا أماكن استشهاد أبنائهم المقاومين الذين انتشرت صورهم في كل زاوية وشارع، ورُفعت صورة لكل شهيد في المكان الذي استُشهد فيه. أمّهات يقبّلن التراب الذي جُبل مع دماء فلذات أكبادهن… فيما حكايات المقاومين توثّقها «جنازير» دبابات الميركافا المنتشرة في عدد من الأحياء، وخصوصاً الحي الشرقي.

في كل حيٍّ تجمّع للأهالي، بعضهم يُخرج ما تيسّر من منزله المدمر جزئياً أو كليّاً، وآخرون يقومون بأعمال ترميم. قرب مبنى «مؤسسة عامل» الذي لحقه ضرر كبير جراء العدوان في «حيّ البِركة»، يتجمّع العشرات حول النائب الياس جرادي، الذي أعطى الخيام لقب «بوابة السماء». ابن بلدة إبل السقي المجاورة للخيام، يعرف أهالي الخيام ويعرفونه. تربّت إحدى الأمهات كتفَه وتقول له: «نحن مبسوطين إنك معنا، وإلنا الشرف تكون نائب عن منطقتنا»، ليردّ هو بأن «صمود الخيام كان وثيقة تاريخية وإنسانية. هؤلاء الشبان، الذين صمدوا، أضحوا حرّاس أحلامنا وحرّاس بوابة السماء. وجودهم هنا كان ألف كربلاء ودرب جلجلة ودرب إسراء ومعراج».

الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!