كفرشوبا.. قرية من عمر الزيتون
صدى وادي التيم – أخبار وادي التيم /
ها هي كفرشوبا ترحب بأهلها، ترحيبًا مثقلًا بدمارٍ صار هويتها مذ وضع الإله “شوبا” حجر أساس معبده.
هي قرية نائية تقف على حافة فلسطين، وعلى ناصية الأحلام المبعثرة. افتتحت أولاً، في ما مضى، الطريق إلى أرض البرتقال، ولكنها أصرت أن تبقى أرض الزيتون. إنها أحجية مثيرة ومعقدة.
“من الأول” .. يعود الأهالي إلى بيوتهم المدمرة بلا تردد. أهي عادة توارثها الأحفاد عن الأجداد؟ أم أن الأجداد أورثوا إلى أحفادهم عبء المكان وربما الهوية؟!
عن “حسن نية وطيبة قلب” كانت هديتهم ثقيلة كثقل البيوت المدمرة. لا أحد يفقه “آياتهم” هذه.
تقول أمي إنها لم تعد تحتمل هذا الخراب. محقة في حسرتها. لم أفهم سؤالها إن كنا نستطيع قطاف الزيتون الآن، ولم أستوعب بعد إصرارها ألَّا أتوجَّه إلى القرية كي لا أشاهد الخراب الجديد، وأن أعود من منتصف الطريق إلى أوله.
“من الأول” سيعيد أهل كفرشوبا بناء منازلهم وتضميد جراح المكان. هو حمل ثقيل كثقل صقيع جبل الشيخ. صقيعٌ لا يلفح سوى أهل الأرض.
كفرشوبا ليست المنزل، ولا الأسقف التي تهدمت، أو شجرة سنديان أُحرقت، وهي ليست شجرة توت صارت خيطاً، أو شجرة زنزلخت تعبت من كراسي القش وظلالها، أو من طاولات النرد و“سروة” شامخة.
هي حكايات “الرعيان” وصدى التعب والعتابا، وهي حقول السماق وأسوار معابدها وأجران معاصر العنب والزيتون.
هي قرية من عمر الزيتون..أبعد مدى من صاروخ حاقد، وأكبر من جدران منازل تهدمت وقرميد تناثر قانياً.
هي الحكاية.. و“مصطبة” العابر إلى أرض البرتقال وحقول أجدادنا.
عفيف دياب – الأفضل نيوز