أحداث سوريا.. وتغييرات جيو – سياسية منتظرة!
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ”المركزية” ان ما يحصل في سوريا تغير جيو – سياسي، هدفه قطع الطريق على الميليشيات الايرانية ضمن الاتفاق الذي وقِّع مع لبنان، وهو أن لا يمكن إعادة إحياء “حزب الله” إلا إذا بقيت الطريق مفتوحة على سوريا، والدليل الرسالة التي وجهها الرئيس الاميركي المنتهية ولايته جو بايدن الى سوريا والعراق وايران وروسيا عندما قال بأن حزب الله انتهى ومن يريد إحياؤه سيتعرض لضربات قوية وقاسية.
ما حدث في سوريا هو أولاً، نتيجة تعاطي الرئيس السوري بشار الاسد بغطرسة مع كل المبادرات العربية والتركية وحتى الروسية التي تهدف الى التطبيع وايجاد حلول فعلية للأزمة السورية. وثانيا الوضع الداخلي، حيث ان على المعارضة ان تقوم بأي خطوة من اجل إحياء الملف السوري وتحريك عملية المفاوضات بطريقة بسيطة وإعادة النازحين. ثالثا والمهم ان ما حدث في لبنان من تهشيم لدور “حزب الله” له انعكاس ايجابي على التعامل مع الميليشيات الايرانية”.
ويضيف العزي: “يجب أيضاً التوقف عند أمور ثلاثة، أولاً انتخاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب وتعامله القاسي القادم مع ايران التي يعتبرها عدوا شرسا ويجب تجحيمها، وثانيا الضعف الايراني نتيجة الضربات التي تلقتها في سوريا وغزة ولبنان، والخوف الفعلي من ضربات اسرائيلية عبّر عنها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاب الموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان، بأنه لن يقف ساكتا وسيكون امام مواجهة للعراق وسوريا وصولا الى ايران. ثالثا، الضعف الروسي الواضح في سوريا وإنهاكها في حرب اوكرانيا. ثلاث نقاط سمحت بتحريك الوضع في المنطقة بحلب وإدلب وربما لن تتوقف هناك”.
ويشير العزي الى ان نتنياهو أرسل وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر الى موسكو واقترح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن في حال أراد الحفاظ على تواجد روسيا من خلال إبقاء النظام السوري عليه ان يمنع هذا النظام من تهريب الاسلحة ومحاصرة الميليشيات وتنفيذ المطلوب. ويبدو ان روسيا وافقت وبعدها توجه ديرمر الى واشنطن واطلع المسؤولين الاميركيين على الامر ما اعتُبِر مثابة انفتاح روسي على الولايات المتحدة الأميركية”.
ويؤكد ان “روسيا لا يمكنها الدفاع عن سوريا لأنها منشغلة بحربها مع اوكرانيا، لكنها قامت بطلعات عدة لحفظ ماء الوجه وهي الخاسر الفعلي والاول، لأنها عندما سيطرت على حلب عام 2015، كان الوضع السوري والعالمي مختلفا، وسوريا تمرّ بحالة مزرية وانهيار اقتصادي ومجتمع مدمر وهناك تململ من الوجود الميليشياوي والايراني الذي أوصل البلاد الى ما هي عليه اليوم”.
ويلفت العزي الى ان “تركيا تحاول ان تلعب دورا وسيطا وان تقول كلمتها لأن روسيا محتاجة إليها كونها وسيطا في التواصل الاوكراني – الروسي وخاصة في عملية نقل القمح، هي صندوق بريد من الغرب كدولة في الناتو والغرب موافق على ان تلعب تركيا هذا الدور، روسيا تعتبرها النافذة الاساسية لها عبر العالم واصبحت تركيا رؤوس الاموال والسياحة والتجارة وشراء المواد والتهرب من كل العقوبات”، مشيرا الى ان “هذا الضوء الأخضر معطى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يناجي الادارة الاميركية بالقول بأنه مستعد لملء الفراغ الامني في سوريا اذا ساعدت الادارة الاميركية في هذه التوجهات، لأن الهدف ضبط الحدود وبالتالي يجب على الاسد الذي سُمح له بالعودة من موسكو حيث يمكث منذ بدأت الحرب في 27 تشرين، بشرط ان يدير العملية الانتقالية بسلاسة ويمنع حزب الله ويتخلى عن ايران وان يحاول اعادة السلطة كي يحافظ على العلاقة الجيدة القادمة في حل المشكلة السورية ومشكلة اللجوء وفتح حوار مع المعارضة. لكن في حال تعنت فسيكون تغيير واضح وربما نشهد بعد حلب تحركات في درعا والسويداء وجنوب العاصمة، وبالتالي تعود الحالة كما حصلت في العام 2012”.
ويختم: “الوضع تبدّل عما كان عليه عام 2015 وهناك تغيرات جيو سياسية واقتصادية وداخلية اختلفت في التعامل مع الوضع الايراني والميليشيات وحزب الله والنظام السوري وروسيا، لكن الخاسر الأكبر هي روسيا لأنها فقدت حلب التي قاتلت من أجلها. نحن امام مرحلة جديدة في حلحلة القضايا المستعصية انطلاقا من غزة فلبنان وسوريا وصولا لاحقا الى العراق واليمن وبالتالي سنقول “باي باي” ميليشيات ايران ومشروعها الفارسي والسيطرة على المنطقة قد حُدِّد وأصبح الغرب بما فيه روسيا والصين مقتنع ان ايران هي الدولة المشاكسة في الترتيب القادم للاقتصاد في منطقة الشرق الاوسط”.
يولا هاشم – المركزية