باريس تخشى الاستيطان جنوباً والفتنة داخلاً!
صدى وادي التيم – أمن وقضاء/
لا تبدو الديبلوماسية الفرنسية مطمئنة إلى إمكان أن تصل الجهود التي تُبذل بين باريس وواشنطن للحدّ من استعار الحرب الإسرائيلية على لبنان، إلى نتيجة إيجابية في المدى القريب. ذلك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يدير أذناً إلى الإلحاح الفرنسي على وقف إطلاق النار ومنح الفرصة كاملة لحل متدرّج يبدأ بانتشار الجيش اللبناني جنوبا، بين الحدود ونهر الليطاني، تطبيقا للقرار ١٧٠١ بكل مندرجاته. وليس خافيا أن نتنياهو ماض في حربه لتحقيق المنطقة الخالية من السلاح بما يؤمّن له عودة سكان الشمال إلى مستوطناتهم. لكن لا يبدو أن هذا هو الهدف الوحيد له مع تنامي الحديث في الغرب عن تغيير جذري في المعادلات الإقليمية، بدءا وليس انتهاء بتجريد حزب الله من سلاحه، مع وجود خيار تبديل سكّاني عميق في الجنوب، في استعادة لتجربة المستوطنات في غزة وغلافها. وهذا التبديل الذي يقع في سياق امتهان تل أبيب سياسات الترانسفير لإحلال إسرائيليين مكان السكان الأصيلين، تتزايد التحذيرات منه، خصوصا متى قرنت هذه التجربة بالعقيدة التوراتية والأفكار الغيبية التي تحكم أداء المتطرفين في الحكم الإسرائيلي وسلوكهم السلطوي والعقيديّ.
ويعود زوار باريس بانطباع عام غير مريح، مع تنامي التعقيدات والعثرات أمام وقف النار، والتهرّب الإسرائيلي من تطبيق القرار ١٧٠١، علما أن المسؤولين الفرنسيين متمسكون بهذا القرار وبأهميته الاستراتيجية لاقتناعهم بأن أي طرح لقرار جديد أو لتعديلات في متنه يصعب أن يُقرّ في مجلس الأمن، وأن لا مفرّ من تطبيقه كاملا.
ويلمس الزوار مخاطر عاملين يهددان سلامة لبنان واراضيه ووحدته: أولهما احتمالات الترانسفير وإخلاء الجنوب تدريجيا من سكانه وإحلال إسرائيليين، وثانيهما مخاطر نشوب حرب أهلية نتيجة هذا الترانسفير والاحتكاكات المحتملة بين النازحين والمُضيفين، وهي وصفة تفجيرية إذا تقاعست الحكومة والقوى العسكرية والأمنية عن تلافي حصوله، وعن فضّه متى حصل هذا الاحتكاك.
ولا يزال تحذير وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو من “انهيار كامل” للبنان ومن خطر “حرب أهلية وشيكة قادمة”، محور المخاوف في بيروت، وباعثا للتساؤلات في أروقة الرئاسة الفرنسية التي يبدو أنها فضّلت تجاهله وعدم التعليق المباشر عليه، فيما اعتبرت أوساط قريبة من دوائر القرار أن تحذير وزير الدفاع مردّه الرغبة في التذكير بالحاجة الملحّة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
وكان ليكورنو قد قال في مقابلة تلفزيونية: “موقفنا، في هذه اللحظة، يرتكز بشكل أساسي على الخوف (…) من حرب أهلية وشيكة في لبنان”.