اسرائيل تسبق الحزب بخطوة: الاجتياح آتٍ

صدى وادي التيم-لبنانيات/

تختلف الأولويات بين اسرائيل وحزب الله في حرب غزة المفتوحة على كل الاحتمالات. فالحزب الذي انطلق في الثامن من أكتوبر الماضي في عملياته العسكرية مساندة لقطاع غزة، كان هدفه المعلن إشغال اسرائيل في حربها على القطاع لتخفيف العبء الميداني على حركة حماس والفصائل العسكرية في القطاع وتكبيدها خسائر مدروسة بهدف إرغامها على العودة عن قرار اجتياح القطاع والذهاب الى تسوية سياسية تُعيد القديم الى قدمه. اما الهدف غير المعلن لجبهة الاسناد الجنوبية والذي يتحدث عنه أكثر من مبعوث عربي ودولي معني بالملف الدبلوماسي للحرب، فهو ضغط طهران على واشنطن لكسب المزيد من الشروط على طاولة المفاوضات النووية والتي تجري بعيدا عن ساحات المعركة.

انطلق الحزب في معركة الاسناد من “انتصاره” في تموز 2006 حيث تمكن بـ 33 يوما من إجبار اسرائيل على الانسحاب والقبول بالقرار 1701 بضمانة دولية تشرف عليها الدولة اللبنانية. وخلافا لما كُتب على الورق، عزز الحزب من ترسانته الصاروخية وتمكن من استغلال الحرب السورية لتأمين خط الامداد الايراني عبر العراق فسورية وصولا الى لبنان حيث كانت تمر الشاحنات العسكرية بحُرية من دون اي تفتيش عسكري من قبل الدولة اللبنانية، ما رفع قدراته الدفاعية عشرات الاضعاف عما كانت عليه في العام 2006. وجدت قيادة حزب الله نفسها في معركة توازن مع تل أبيب وهو ما عبَّر عنه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في أكثر من اطلالة حين شرَّح خارطة فلسطين المحتلة وحدد النقاط التي يمكن للحزب أن يضربها في أي مواجهة محتملة مع اسرائيل، وذهب بعيدا مع قيادات الحزب والمسؤولين في طهران قبل حرب أكتوبر بإزالة اسرائيل الأوهن من بيت العنكبوت وبدقائق قليلة. سقف التهديد المرتفع للحزب بوجه اسرائيل حمّله مسؤولية ترجمة القول بالفعل في أي مواجهة مرتقبة لتعزيز الثقة مع بيئته والتأكيد أمام الرأي العام الاسرائيلي ان قيادته لم تعد قادرة على حمايته من ترسانة الحزب الضخمة.
في مقابل التفكير العسكري لدى حزب الله على مدى أكثر من ثمانية عشرة سنة، كانت القيادة العسكرية والسياسية في اسرائيل في مكان آخر، تستخلص العبر في حربها الاخيرة مع الحزب وتعمل على سد الثغرات وايجاد نقاط ضعف الحزب. فانشغلت كل هذه السنوات على الاستثمار في التكنولوجيا الحربية وتحديدا الذكاء الاصطناعي الى جانب تجنيدها آلاف العملاء في لبنان والمنطقة. وظهر جيشها في أكثر من مناورة على الحدود مع لبنان بعد حرب الـ 2006 وهو يُحاكي حربا شاملة مع لبنان مستخدما الروبوتات الآلية كجزء من السلاح الذي سيستعمل في الحرب. ومع تطور عالم الذكاء الاصطناعي كانت اسرائيل الاولى في تطوير قدراتها العسكرية عبر هذا القطاع الذي يمثل مستقبل التكنولوجيا الحديثة، وظهرت قوتها اليوم في الميدان الذي يستنزف الحزب ويقتل أبرز قادته. وما كرَّسه نتنياهو في حربه مع حزب الله هو معادلة وضعه في موقع الرد على الهجمات الاسرائيلية لا العكس. وعلى الحزب الرد على عمليات ايلول الاسود الاسبوع الماضي في الدرجة نفسها، فلا يمكن أن يمر حادث تفجير “البيجرز” واللاسلكي بإلحاق أضرار في بعض المباني العسكرية أو بعض السيارات في عدد من المستوطنات وصولا الى حيفا، فالخسائر كبيرة كما أن رمزية استهداف اجتماع قيادات الرضوان وغيرها من الفرق العسكرية في عمق الضاحية لا يمكن برأي جمهور الحزب أن يمر من دون استهداف غرفة عمليات قيادات اسرائيلية بارزة وهو ما ينتظره هؤلاء في الايام المقبلة، رغم قناعتهم بأن هجمات الساعات الاخيرة استراتيجية على مستوى الكيان الذي اعترف بعجزه عن رد اكثر من مئة الف مواطن الى بيوتهم في الشمال.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى