أسرار “التجسس” الإسرائيلية تنكشف
صدى وادي التيم – أمن وقضاء /
الموساد وصل بأفعاله ومعلوماته إلى طهران وبيروت، لكن، كيف فشل في كشف هجوم 7 تشرين الأول؟ كيف فشل جواسيسه وطائراته المسيّرة بكشف تحرك أكثر من 1000 مقاتل نحو مستوطنات غلاف غزة؟ طُرح هذا السؤال مرارا منذ بدء الحرب، واليوم تكشف صحيفة “يديعوت أحرونوت” سبب هذا الفشل.
وصلت الصحيفة في تحقيقها إلى خبايا اجتماعات الشاباك والموساد إبان 7 تشرين الأول. كانت اجتماعاتهم مشحونة ومليئة بالشتائم وإلقاء اللوم على الجيل الجديد من العاملين في الموساد والشاباك، باعتبار أن الجيل الجديد في الوحدة 8200 وفي الشاباك والموساد أهمل تجنيد العملاء ومتابعتهم، وركز على استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فما هي التكنولوجيا التي ظن الجيل الجديد أنها كافية استخباراتيا؟ وكم صرفت عليها إسرائيل؟ وهل مناسبة بعد فشل 7 تشرين الأول؟
مليارات الدولارات لم تنفع إسرائيل
“الأداة السرية” أو “secret tool”، كما يطلق عليها داخل أروقة أجهزة الأمن الإسرائيلية، هي تكنولوجيا متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وهندسة الاتصالات، طورتها إسرائيل للوصول إلى أسرار حركة حماس.
هذه الأداة، كلفت مليارات الدولارات وحققت نجاحات كبيرة في “بعض الأحيان”، لدرجة أن أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت تعرف ماذا يدور داخل بيوت قادة حماس، دون الحاجة إلى عنصر بشري يعمل من الأرض.
لكن التحقيق يقول إن حماس وقادتها وعناصرها يبدو أنهم لم يناقشوا أي موضوع عسكري أو سياسي بوجود أي أجهزة اتصال حولهم. لكن إسرائيل بمعرفتها ماذا طبخت زوجة القائد الفلاني مثلا، ظنت أنها “تعرف كل شيء”، بحسب التحقيق.
وأدى الاعتماد المفرط على هذه “الأداة السرية” إلى إهمال المصادر الاستخباراتية التقليدية، مثل العملاء الميدانيين، وهذا ما أزعج كبار المسؤولين الحاليين والسابقين في أجهزة الأمن الإسرائيلية.
رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، حضر أحد الاجتماعات السرية بعد 7 تشرين الأول، وقال بغضب مخاطبا الجيل الصغير العامل في الموساد والشاباك: “سحر القدرة على المراقبة والرؤية باستخدام الأداة السرية، جعل مجتمع الاستخبارات يعتقد أنه لا حاجة لتجنيد المزيد من العملاء”.
ي الاجتماع ذاته، علت أصوات أخرى قائلة: “الثقة المفرطة أدت إلى إهمال المصادر الأخرى”. في الاجتماعات التي عُقدت بين رؤساء أجهزة الاستخبارات، كان كبارهم يستنكرون إهمال التجسس التقليدي، إذ ذكر إيال زيسر، خبير في الشؤون الأمنية، للصحيفة، أن “التكنولوجيا ليست بديلا عن الفهم الميداني والوجود البشري”.
“كنا نحتاج إلى جاسوس واحد”
إيهود لافي، الذي شغل منصب نائب رئيس الموساد، قال ليديعوت أحرونوت إن الكبار في السن الذين حضروا الاجتماع “صرخوا بنا قائلين: أين الذكاء البشري؟” وأضاف أنهم كانوا يوبّخونهم قائلين: “كيف تهملون، أنتم الشباب، المهنة الكلاسيكية لتجنيد وتشغيل العملاء الذين يغطون الأهداف ويأتون بالمعلومات من فم العدو، لصالح جمع المعلومات من خلال تقنية أو أخرى!”.
يكشف لافي كيف شرح المسؤولون السابقون، الذين تجاوزت أعمارهم الثمانين سنة، أهمية العنصر البشري بالنسبة إلى الاستخبارات العسكرية. يشرح لافي ما دار بينهم من حوار قائلا: “قالوا لنا لم تكونوا تحتاجون إلى عضو في حماس لديه معلومات داخلية، ليعمل معكم لتكتشفوا أمر 7 أكتوبر”.
إسرائيل، من وجهة نظر المسؤولين السابقين، كانت تحتاج إلى شخص عادي يتصل ويبلغ عن حدث غير عادي، مثل حركة لدراجات نارية في مكان بالقرب من منزله؛ أو عن مجموعة شبان يدخلون المسجد فجأة في منتصف الليل للصلاة. مثل هذا التقرير كان كافيا لوصول المعلومات إلى مكتب رئيس الجهاز واتخاذ إجراء فعلي في وقتها، بحسب كلام المسؤولين.
لماذا تفتقر إسرائيل إلى العملاء بغزة؟
في آذار 2017، قتل القيادي في حماس مازن فقها، بظروف غامضة، ثم أعلنت حماس أنها ألقت القبض على من قتله وتجري تحقيقات معه. تحقيق “يديعوت” يقول إن قاتل فقها هو عميل لإسرائيل تطور في خدمته للموساد والشاباك من شخص يجلب المعلومات، إلى سلاح تستخدمه إسرائيل في عملياتها في القطاع.
العميل الذي يدعى “أبوليلى” كان يدير شبكة عملاء كبيرة، انقطعت أخبارهم عن مشغليهم الإسرائيليين بعد إلقاء القبض على “أبوليلى”.
في الوقت ذاته، كان برنامج “الأداة السرية” يتطور لدى أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية “ويبلي بلاء حسنا” في التجسس على عناصر وقيادات حماس. بناءً على هذه المعطيات، أهملت أجهزة الأمن الإسرائيلية تجنيد عملاء جدد؛ لأنها تملك تكنولوجيا جديدة، تمكّنها من اختراق البيوت في غزة.
مع هذا، يشرح مسؤولون عسكريون إسرائيليون، رفضوا الإفصاح عن هويتهم ليديعوت، أن الاعتماد المطلق على التكنولوجيا لدى الأجهزة الاستخباراتية في إسرائيل أوقعها في فخ عدم القدرة على اكتشاف 7 تشرين الأول قبل حدوثه.
المصدر: بلينكس