العلّامة فضل الله في حفل إفطار “المبرّات” السنوي للرجال: “نريد حكومة تنقذ البلد من أزماته وتعمل على حمايته من تطورات المنطقة”

 

جمانة عياد

 

العلّامة فضل الله في حفل إفطار “المبرّات” السنوي للرجال: “نريد حكومة تنقذ البلد من أزماته وتعمل على حمايته من تطورات المنطقة”
رأى العلّامة السيد علي فضل الله أنه “لا يمكننا أن نعطي للبنان المعنى الذي يستحقه، إن لم يحمل في كل مكوناته ومواقعه عناوين التسامح والانفتاح والمحبة والرحمة، وعندها فقط يتحوّل البلد إلى قيمة تجمع لا تفرّق، وإلى رسالة ترشد وتوعي، وعندها لن تجد مسلماً يطالب فقط بحقوق المسلمين، ومسيحياً يطالب فقط بحقوق المسيحيين”.
جاء ذلك في الإفطار السنوي الذي أقامته جمعية المبرّات الخيرية في مجمع ثانوية الكوثر ومبرّة السيدة خديجة الكبرى، بحضور حشد من الفاعليات السياسية والدينية والعسكرية والثقافية والحزبية والاجتماعية ورجال الأعمال، تقدّمهم الوزير سيزار أبي خليل ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، النائب محمد نصرالله ممثلاً رئيس مجلس النوّاب الأستاذ نبيه برّي، الأستاذ حسن ضرغام ممثلاً رئيس مجلس الوزراء الأستاذ سعد الحريري، والوزير غازي زعيتر، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب وليد سكرية، والنائب علي عسيران، والرئيس حسين الحسيني، ونائب حاكم مصرف لبنان الأستاذ رائد شرف الدين، ونوّاب ووزراء سابقون، وممثلون عن رؤساء الطوائف والمرجعيات الدينية والروحية، وممثلون عن القيادات الحزبية والعسكرية والأمنية، ورؤساء بلديات، وشخصيات تربوية وطبية واجتماعية.
مدير عام المبرّات
بعد كلمة ترحيبية لمدير المركز الإسلامي الثقافي شفيق الموسوي، وفيلم وثائقي عن الجمعية، وفقرة فنية لأطفال المبرّات، ألقى مدير عام جمعية المبرّات الخيرية الدكتور محمد باقر فضل الله كلمة جاء فيها: “أربعون عاماً والمبرات على نهج مؤسسها العلاّمة المرجع تنطلق من البرّ قلباً ينبض بالحب ليحتضن الذين لا حضن لهم أو الذين فقدوا أحضانهم من أيتام ومعوقين، وعقلاً يضيء دروب العلم والمعرفة للباحثين عن الأمل والمتطلّعين إلى المستقبل، وبلسماً لجراح وآلام المرضى والمسنين في مؤسساتها الصحية والرعائية”.
وأضاف: “ما زال الوطن بحاجة إلى مساندة قضايا المعوّقين، فالمئات بل الآلاف منهم سوف يسقطون في متاهات الضياع إن لم يجدوا مؤسسات تحتضنهم، والمبرات التي أنشأت مؤسسة الهادي منذ ثلاثين عاماً تستقبل من المكفوفين والصم وإعاقات اللغة والتواصل والتوحد ما يزيد عن طاقتها (640 من المستفيدين)، بادرت إلى إنشاء مبنىً خاص بأطفال التوحد، وسوف تنطلق ورشة العمل ببنائه الشهر القادم، بعدما أُنجزت المخططات التفصيلية، وفي ميدان آخر، ومع ازدياد الطلب على أسرّة المرضى، سوف يتم افتتاح مبنىً جديد ملحق بمستشفى بهمن وتوسعة آفاق صندوق الفرح لذوي التشوّه الخلقي، كذلك سوف تبدأ ببناء مؤسسة في مدينة صور، فضلاً عن توسعة البناء في جامعة العلوم والآداب اللبنانية ليستوعب عدداً أكبر من الطلاب، وأيضاً استكمال بناء مبرة الإمام الرضا في النبطية، وتأسيس مبرة رسول المحبة في جبيل، يضاف إلى ذلك مشروع تنمية القدرات للأطفال الذين كبروا وتسرّبوا ولم يلتحقوا بالمدرسة وذلك في بعض المؤسسات الرعائية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية.. هذا ناهيك عن تحديث المرافق والتجهيزات في المؤسسات”.
ولفت إلى أن: “قوة المبرات التي اكتسبتها ونمّتها وأوصلتها إلى هذه المستويات المتقدمة في الأداء والعطاء ما كانت لتتحقق لولا مساهمات أهل الخير من لبنان والخارج”، وقال: “ما زالت المبرات تتألق بإنجازاتها لتلاقي رسالتها شفافة كما أراد لها مؤسسها، وقد بلغت نفقات العام 2016/2017 خمساً وعشرين مليوناً وثلاثمئة وأربعة عشر ألفاً وثلاثمئة دولار أميركي شملت الأيتام والحالات الاجتماعية الصعبة، ذوي الحاجات الخاصة من صم وبكم ومكفوفين وحالات طيف التوحد، مسنّين، طلاباً متخرجين، دعم طلاب محتاجين، مساعدة أسر متعففة، دعم مدارس المناطق والمعاهد المهنية، وبرامج ذوي الصعوبات التعلمية في المدارس. هذا عدا عن كلفة بناء المؤسسات والمساعدات الصحية وتحديث الأقسام”.
العلّامة السيد علي فضل الله
بعد ذلك ألقى رئيس جمعية المبرّات الخيرية سماحة العلّامة السيد علي فضل الله كلمة جاء فيها: “إن الطريق المعبّد إلى الله لا يمكن أن يمرّ إلا بالتخفيف من آلام الناس، ورفع معاناتهم، والنهوض بهم، وإخراجهم من مهاوي الجهل والتخلف والفقر”. وأضاف: “الإنسان لا يبلغ القمة في العبادة حتى يكون مشّاءً في قضايا الناس”، معتبراً أن: “الأنانيون الذين يختنقون في ذواتهم، ولا يرون الناس إلا أرقاماً أو وسائل وأدوات لتحقيق أطماعهم ومصالحهم الخاصة،هم أبعد ما يكونون عن الله، والأنانيون هم مشكلتنا في هذا الوطن، وفي كل الأوطان، لأنهم لا يرون الوطن إلا بقرة حلوباً لحساب مصالحهم، فيستنزفون موارده ومقدراته، من دون أن يرفّ لهم جفن”.
وأشار إلى أنه: “لا يمكننا أن نعطي للبنان المعنى الذي يستحقّه، كبلد فيه كلّ هذا الثراء الديني والمذهبي، إن لم يحمل في كل مكوناته ومواقعه عناوين التسامح والانفتاح والمحبة والرحمة في كل منطلقاته وتنوعاته”، وأضاف: “عندها فقط يتحوّل البلد إلى قيمة تجمع لا تفرق، وإلى رسالة ترشد وتوعي، وعندها لن نجد مسلماً يطالب فقط بحقوق المسلمين، ومسيحياً يُطالب فقط بحقوق المسيحيين، أو سنياً يطالب بحقوق السنة، أو شيعياً بحقوق الشيعة، أو درزياً أو غير ذلك من التنوعات، بل سنجد مسلماً يطالب بحقوق كل اللبنانيين، ومسيحياً يريد الخير للجميع”.
وقال: “أقول لكلِّ الذين يحصرون حديثهم بالمطالبة بحقوق المسيحيين: إنكم بذلك تسيئون إلى المسيحية والمسيحيين، كما أقول لمن يحصرون حديثهم بالمطالبة بحقوق المسلمين: إنكم بذلك تسيئون إلى المسلمين والإسلام.. وأقول للجميع: تعالوا لنُعلي شعار رفع الغبن عن الجميع، لأننا لا يمكن أن نبني وطناً يشعر فيه الناس بالغبن، فالغبن هو مشروع فتنة وحرب ومشروع تدخلات للدول الطامعة”.
ورأى سماحته: “إننا، مع الأسف، لا نتنفَّس في لبنان الأديان والمذاهب، إننا لا نرى الأديان في الخطابات.. ولا في الممارسة السياسية.. أو في الأداء السياسي.. نحن نتنفَّس طائفية لا تحمل من الدين إلا اسمه، وعلى اسمه تستثار أحقاد التاريخ ومخاوف الحاضر.. وهذا ما شهدناه من وقت قريب في الكثير من الخطاب الانتخابي، وهذا ما سنشهده مع الأسف دائماً ما دمنا نفتقد المشاريع والرؤية لمستقبل الوطن، وما دمنا بعيدين عن الأخلاقيات السياسية.. ولذا سوف يستمر الكثيرون من المسؤولين في استخدام أبسط الطرق للتغطية على الفساد والأنانية وعلى الفشل والإبقاء على الأزمات والتهرب في معالجتها، من خلال استثارة الغرائز الطائفية والمذهبية”.
ولفت إلى أنه: “حذَّرنا قبل الانتخابات من هذا الخطاب الطائفي والمذهبي، وقلنا إنَّ الناس في وادٍ آخر، وقد بيَّنت الانتخابات هذه الحقيقة، وأنَّ الناس يريدون من يحل لها مشاكلهم ويعالج وجعهم وألمهم.. ولهذا انكفأوا عن المشاركة في الانتخابات، رغم كل هذا الخطاب، أو أعطوا فرصة إضافية لمن يعي”. وقال: “نأمل أن تكون الرسالة قد وصلت، وأن يتحرك من يتسلمون مواقع المسؤولية للقيام بمسؤوليتهم ومعالجة مشاكل الوطن.. وما أكثرها! وما أكثر ما يتهددنا من حولنا وما ينتظرنا!”
وختم: “إننا نأمل أن تحمل الأيام القادمة نفساً جديداً، وعقلاً فاعلاً، وروحاً منفتحة في إدارة كل مواقع الحكم، وبكلِّ تفاصيله وخصوصاً في تشكيل حكومة في القريب العاجل، حكومة نريدها أن تكون على صورة الأحلام التي وعد بها اللبنانيون، حكومة عمل لا حكومة تسيير أعمال، حكومة متعاونة لا حكومة مناكفات وصراعات، حكومة خالية من الفساد والمفسدين، حكومة تسعى لخدمة مصالح الناس لا لمصالح مكوناتها، حكومة تنقذ البلد من أزماته وتعمل على حمايته من تطورات المنطقة، لا حكومة هي انعكاس للتوترات الحاصلة في المنطقة والعالم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى