سفارة غربية تجري مسحًا للضباط الدروز في دول الطوق

صدى وادي التيم-متفرقات/

لا يختلف عاقلان على أن الغرب الجماعي منذ الحقبة الاستعمارية دأب على حياكة المكائد والمؤامرات تحت عنوان فرِّق تسُد لتمزيق أمة العرب وتشليعها بالفتن والمحن حتى وصل الحال بالشاعر عمر أبو ريشة القول: أنا من بقايا أمة هي والعلى من توأم لا تسألي أين انتهت لا تسألي تتألمي.

 وعلى العموم كل ذلك بغرض استسهال الإمساك بناصيتها والحؤول دون تحقيق استقلالها الوطني وسيادتها على أرضها وثرواتها والحؤول دون قيام الدولة القومية الديمقراطية وتغليب الكيانية على القومية ووحدة الانتماء وذهب الغرب الاستبدادي التوسعي لإرساء فكرة أن الشعوب العربية المتخلفة من شروط تحديثها احتلالها كي يتسنى إلحاقها بركب الحداثة والحضارة.

المخطط الغربي الصهيو أميركي وخاصة مع صعود الخط البياني للمقاومة سعى ولا يزال سعيه محمومًا لتحويل الجوار الاستراتيجي للكيان العبري الزائل محاطا إما بالدول المُطبِّعة أو بدول تنهشها العصبيات المذهبية والطائفية وذلك لإنهاك وإرباك الكيانات العربية التي تنكبت المشروع التحرري المقاوم واستنزافها وكسر ظهرها بالاحتراب البيني الهالك للجميع دون استثناء.

إن مشروع الدويلات الطائفية المتناحرة أخذ حيزًا واسعًا من تنظيرات برنارد لويس وخرائطه ولمساته التقسيمة والدروز في هذا المضمار هدف إسرائيلي استراتيجي ومشروع دولتهم قائم ولطالما جرى تحريكه كلما توفرت ظروف ذاتية أو موضوعية تحفز على ضخه بالمنشطات المادية والمعنوية للإمعان بتوسعة الشروخ بين أبناء الدين الواحد بتوسل عناوين تآمرية تقول إن الدروز قومية وليسوا مذهبا من مذاهب الإسلام ومصالحهم وغياب نصيرهم وظهيرهم الإقليمي أو الدولي كما هم السنة والشيعة والمسيحيون يحتم عليهم التماهي مع المشروع الصهيوني في المنطقة لحماية وجودهم المقرون بشعور أقلوي طاغ يتماهى فيه الخوف على المصير وضمور الجغرافيا والديمغرافيا والدور ومكر التاريخ بمعنى حصول تحولات غير متوقعة في السياق المعتاد للأحداث..

مشروع الدويلة الدرزية عرضه نابليون بونابرت على الدروز ورفضوه أواخر القرن السابع عشر ومارس الاستعمار الفرنسي ضغوطات هائلة على سلطان باشا الأطرش للقبول بقيام دويلة السويداء وكان رده مواجهة الفرنسيين بالنار والعمل على وحدة سوريا جيشا وشعبا ومؤسسات.

ولا ننسى مشروع الدولة الدرزية الذي فضحه البطل الضابط القومي ابن عيحا قضاء راشيا كمال أبو لطيف وكمال أبو صالح ابن الجولان ووأده كمال جنبلاط وجمال عبد الناصر بعد انكشاف كامل تفاصيله.

لقد اغتال الموساد المقدم في الجيش  اللبناني عادل أبو ربيعة في الثمانينات من القرن الماضي لأنه رفض تموضع جنود وضباط من الجيش اللبناني على خط انتشار بين وادي التيم وجزين لإدراكه مرامي العدو الصهيوني ومخاطر الرضوخ لهذا التدبير من قوة احتلال على المصلحة الوطنية والقومية وما تحمله من بذور تقسيمية. 

كما اغتال الموساد الشيخ صالح فرحان العريضي الذي قطع شوطا كبيرًا مع الشهيد عماد مغنية في إنشاء نواة سرايا مقاومة من الشباب الدرزي في الجبل وحقق تواصلا فاعلا مع دروز الداخل الفلسطيني المحتل خاصة مع الشيخ علي المعدي الذي يعتبر رأس حربة الصراع مع المشروع الصهيوني التفتيتي الذي يطال الدروز لسلخهم عن بيئتهم العربية والاسلامية.

وعام 2014 أجهض دروز قرى جبل الشيخ السورية لاسيما حضر وأبطالها الأشاوس وعرنة بشيخيها الجليلين أبو نبيه كبول وأبو عبدالله مسعود أخطر مخطط لإخراج قرى جبل الشيخ من كنف الدولة الوطنية السورية لصالح الإرهابيين وحضن إسرائيل.

وفي الأحداث الأخيرة التي شهدتها السويداء شكلت الرسالة التي وجهها كبير مراجع الموحدين الدروز الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ إلى أبناء السويداء رافضا بما يشبه الحرم الديني أي خطوات انفصالية عن الدولة الوطنية السورية أو السماح لأي جهة خارجية من تركيب مشاريع انتحارية فوق تحرك من هنا أو اعتراض من هناك وكان لرسالة المرجع الصايغ الصدى البالغ الأثر في وجدان دروز السويداء.

وللمرجع الصايغ موقف واضح حيال المال الذي يتم ضخه لغايات ومآرب غير واضحة المقاصد على أنه مال يحيقه حرام.

 الغرب كعادته مفطور على التآمر ولا يتراجع او يستكين بل تبقى خططه واستراتيجياته وأهدافه بعيدة المدى حاضرة يجري نفض الغبار عنها و تفعيلها وتطوير آلياتها وفق ما تقتضيه مصلحة الغرب وعلى رأسه أميركا وربيبتها إسرائيل.

في هذا السياق توفرت معطيات خطيرة للغاية عن قيام سفارة دولة غربية بنشاط استخباري فاعل ميداني عملاني وسبر أمني بنيوي عبر أفراد وجمعيات لجمع معلومات شخصية وإنشاء داتا تفصيلية عن الضباط الدروز في كيانات دول الطوق المتقاعدون منهم واولئك الذين لا زالوا في الخدمة الفعلية من رتبة نقيب لغاية لواء وتشمل الاستمارة مجمل المحيط العائلي والاختصاص وأماكن الخدمة والاهواء السياسية ورصدت تلك الجهة أموالا طائلة لتحقيق الغاية المرجوة دون معرفة الهدف الحقيقي من هذه الخطوة المثيرة للتساؤل والريبة وتطرح أكثر من علامة استفهام لاسيما إذا ما تم ربطها بالمجريات الحاصلة في الإقليم.

إذا صحت المعلومات عن هذا الفعل الاستخباري الخطير بمراميه فإنه يكشف مدى إيغال العقل الاستعماري الغربي في تصنيفنا وتوليفنا وفق انتماءاتنا الأولية فالضابط أو الجندي الدرزي سواء في  لبنان أو سوريا وحتى الأردن انتمى كمواطن في دولة للمؤسسة العسكرية ليدافع عن حياض وسيادة واستقلال وطنه وليس دفاعا حصريا عن عشيرته أو طائفته ولم يسجل على العسكر الدرزي سوى ذلك من الانضباط والوطنية والتماهي الفاعل والبطولي في الشأن القومي.

والحال الدرزية ليست مشروع انتحار جماعي أو مشروع حروب بالنيابة أو مطية صهيونية لاختراق المشرق العربي وتفتيته وتجزئته ،انها مشروع تحرير وتحرر وتوحيد عبر التاريخ،الدرزية ليست مشروع انطواء ذاتي وعنصرية خرقاء إنها مشروع إنسانية الإنسان أي قدسيته ،إنها مشروع مساواة إنساني،مشروع انفتاح على الآخر،على العالم،إنها مشروع وطني قومي أممي

المصدر: مفيد سرحال – الأفضل نيوز 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى