في ذكرى مجازر السيفو
صدى وادي التيم – متفرقات
محطة في تاريخٍ من النضال والاستشهاد والمقاومة في سبيل الشهادة لقضية شعبٍ وارضٍ وهويةٍ جار الزمان عليها ولم تنكسر ولن تنطفئ نارها….
ان هذه الصور ليست مشاهد من فيلم سينمائي، وليست لوحة لفنان خطّ فيها مشاعره تجاه ما تعرّض له شعبنا من اضطهاد وتنكيل،
هذه الصور ، هي صور حقيقية التقطت في بدايات القرن الماضي لمقابر جماعية رمت فيها السلطنة العثمانية آنذاك جثث أطفال ورجال ونساء من شعبنا بينهم ربما احد اعمامنا او اخوالنا بعد ان تم تعذيبهم والتنكيل بهم وذبحهم كالخراف ورميهم في هذه المقابر الجماعية،
أيها القارئ (ة)، أغمض عينيك للحظة وتخيّل هذا المشهد، أغمض عينيك وانتقل الى ذلك الزمان وذلك المكان وكن حاضراً هذه المجزرة،
اغمض عينيك وتذكّر ان اكثر من مليونيي انسان، اكثر من مليونيي طفل وكهل ورجل وامرأة نكّل فيهم بهذه الطريقة الاجرامية السادية البشعة،
اغمض عينيك وتخيّل أنّ أحدهم هو جدّك، خالك، عمك، والدك، أمك، أخاك، أم أختك أم ربّما لا سمح الله زوجتك، إبنك أو إبنتك،
وبعد ان تكون قد انتقلت الى ذلك الزمان، افتح عينيك مجدداً وعد الى اللحظة الحالية واخبرني مشاعرك، وكيف ستكرّم ذكراهم،
أيها القارئ(ة)، لست أهدف الى إحياء مشاعر الكره والانتقام، وإنّما إنني أحيي وأتذكر ما حصل لشعبي، لعائلة جدي من اخوته ووالده واعمامه وعوائل الكثيرين من أهلي واصدقائي ورفاقي، كي نبقى أوفياء لتضحيتهم وشهادتهم وإيمانهم،
لأنهم وإن ربحوا معركة تهجيرنا واقتلاعنا من جذورنا وأرضنا لكنهم لم ينتصروا علينا وعلى تاريخنا وحضارتنا وإيماننا وانتمائنا،
وكي لا يتحول انتصارنا الى هزيمة علينا أن نتذكر ونُذكّر بما حصل مع شعبنا منذ مئة عام وأكثر، بل منذ فجر التاريخ ولغاية اليوم، فالاضطهاد والتنكيل مستمرين، والشهادة والاستشهاد في سبيل الوجود والحضور السرياني المسيحي والثقافي والحضاري والاجتماعي والسياسي مستمرّ أيضاً،
فلا اضطهاد الرومان انتصر علينا، ولا وحشية العثمانيين نزعت عنّا هويّتنا ولا إجرام داعش المستجدّ قهر عزيمتنا،
فيا شعبي وأهلي، سرياناً كنتم أم أشوريين وكلدان، موارنة انتم ام روم وأرمن ، لا تنسوا ولا تتناسوا، نحن اهل هذه الأرض وشعبها الأصيل،
نحن شهود لهذا التاريخ العريق المكتوب بدماء وعرق وعظام اجدادنا وجدّاتنا،
نحن أبناء القيامة التي انتصرت على الموت،
فالاضطهاد مهما طال، سينتهي، والظلم مهما جار سينكفئ،
لا تخافوا، لا تستسلموا ولا تسلّموا، فنحن شعب يحبّ الحياة، يتطلع الى أرز لبنان وعيناه شاخصتين الى جبل حرمون نؤمن بالاله الواحد والمنتصر على الموت، وكحبّة الحنطة تُرمي أجسادنا في الأرض لتنبت محلها سنابل سنابل تعطي الأف الألوف من المقاومين والمناضلين لتبقى قضيتنا حيّة ويبقى شعبنا ثابتٌ في قيمه ومتجذّر في ليتورجيته وقوميته.
متنا ليحيا شعبنا السريانيّ الأبي.
المحامي ايلي شربشي
بيروت 24/4/2020