“كفرناحوم”… نجاح لبناني في دولة فاشلة
فقد شارك اللبنانيون فرحة نادين التي نشرت فيديو قصيراً على موقع “انستاغرام” تظهر فيه إلى جانب زوجها وفريق عملها في لحظة امتزجت فيها الضحكات والصيحات ودموع الفرح، وعلّقت لبكي على الفيديو قائلة: “بعد 6 أشهر من التصوير، و500 ساعة تسجيل، وعام ونصف من المونتاج، حصل هذا! شكراً فريق “كفرناحوم”، شكراً أبطالي لدعمي في أحد أصعب مغامرات حياتي، إني أنهل قوتي من ابتساماتكم، صبركم، موهبتكم، وسهركم”.
وما لفت أكثر في كل هذا أن نادين، التي إفتقدت الحضور اللبناني الرسمي في هكذا نجاح، لم تشكر الدولة التي تقدّمت بفيلمها هذا بإسمها، وهي التي تفتخر بإنتمائها اللبناني، ولكنها وإن لم تُسجّل عتبها هذا على مواقع التواصل الإجتماعي، فقد تألمت لعدم إحتضان عملها الناجح من قبل وزارة الثقافة، التي كان يُفترض بها أن تواكب هذا العمل بمسؤولية وإعتزاز.
هذه هي الحال دائمًا مع الدولة، وهي تعني المؤسسات والإدارات، من رأس الهرم حتى القاعدة، التي لا تعير أي إهتمام للإبداع اللبناني في كل المجالات، وقد يكون غيابها معذورًا، إذ أنها مهتمة بأمور كثيرة بينما المطلوب واحد، وهو أن يكون لحضورها الأثر الفعال في أي موقع أو مكان يلمع فيه إسم لبنان بفضل المبادرات الفردية الخلاقة والمبدعة.
فالدولة معذورة لأن المسؤولين فيها لا ينامون الليل حتى تكون الطاقة الكهربائية مؤمنة 24 على 24، ومن دون إنقطاع، مع ما يستلزمه ذلك من إجراءات تعفي المواطن من دفع فاتورة الكهرباء مرتين.
وهي معذورة لأن لا همّ لدى مسؤوليها سوى التفتيش عن حلول سريعة وسحرية لأزمة السير، بعدما أصبحت ملازمة لمعاناة يومية.
وهي معذورة أيضًا وأيضًا لأن القيّمين على إدارة مؤسساتها تهمهم بالدرجة الأولى صحة المواطنين وتأمين الطبابة المجانية لجميع الناس على حدّ سواء، وبالأخص الذين يرزحون تحت خطّ الفقر.
لا أحد يلوم الدولة إذا لم تعر الناحية الثقافية الإهتمام الكافي، ولم يكن لديها ما يكفي من الوقت حتى تقف إلى جانب المبدعين، الذين يُكرَّمون في الخارج، ولمشاركتهم فرحة الفوز وفرحة الإعتزاز والفخر.
لا تحمّلوا المسؤولين عن مفاصل الدولة أكثر مما يتحملون، لأنهم مشغولون هذه الأيام بتشكيل الحكومة، وما أكثر العقبات التي تعترض هذا التشكيل، بعد إنتخابات أفرزت ما أفرزته على الساحة السياسية.
إرحموا هذه الدولة قليلًا لأن ما فيها مكّفيها، وهي الغارقة بكمّ هائل من المشاكل. فإذا لم تكن حاضرة في كان فلأنها بكل بساطة لم تجد الوقت مناسبًا لمشاركة نادين لبكي فرحتها بنجاح فيلمها.
دولتنا معذورة لأنها لم تعرف يومًا طعم النجاح، وهي تتنقل كل يوم من فشل إلى آخر