اليونيفيل تتبّع مسيّرات المق/اومة… من الجنوب إلى أوروبا

صدى وادي التيم-لبنانيات/

منذ حوالي الشهرين، فعّلت قوات “اليونيفيل” راداراً عسكرياً كانت نصبته في مقر قيادة الكتيبة الإسبانية في القطاع الشرقي من الجنوب، وظيفته، كما تدّعي أوساطها، تحديد إنذارات مسبقة حول “مخاطر” مثل المسيّرات، الصواريخ أو الطائرات المعادية. ويتزامن تفعيل الردار مع ارتفاع السخونة العسكرية في المنطقة والزيادة الملحوظة في مستوى ونوعية الهجمات بالمسيّرات التي تشنها المقاومة تجاه مواقع إسرائيلية معادية سواء في الجليل المحتل أو الجولان السوري المحتل. ما يعطي قيمة للرادار، يتصل في ما يتردّد حول وجوده عند تقاطع حيوي أو على مسارات مهمة بالنسبة إلى المقاومة، قد تكون تستخدم بعضها لتأمين عبور سلس وآمن للمسيّرات.

النقاش في هذا الرادار يعود إلى أعوام خلت. حينها، سعت “اليونيفيل” بعد إدخال الرادار إلى لبنان واكتشاف أجهزة الدولة ذلك، أن تقوم بتركيبه ومن ثم تفعيله. ما حال دونه، سلسلة تحفظات عسكرية وأمنية ومن جانب قيادة الجيش، بالإضافة إلى تحفظات رأت في الرادار “تقويضاً واضحاً” لسيادة الدولة على أراضيها. وقد عبّرت هذه المستويات عن تخوفها من فوائد قد يجنيها العدو من وراء الرادار، خصوصاً في ظل الشبهات الدائمة حول وجود تواصل وتنسيق بين بعض وحدات اليونيفيل والجيش الإسرائيلي.
بقي النقاش في الرادر مكتوماً إلى حين حصول عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول الماضي، ومن ثم تفعيل حزب الله لـ”عمليات الإسناد” يوم الثامن منه. ومع تطور العمليات العسكرية و”المخاطر العسكرية”، كانت “اليونيفيل” تُصرّ على “تركيب” الرادار وتفعيله، بينما بقيَ الخيار على المستويين الأمني والسياسي نفسه، رغم أن القوات الدولية، تقول إنها تمتلك الحق في إتمام عملية التركيب والتشغيل من دون العودة إلى الحكومة اللبنانية، تبعاً لما نصّ عليه القرار 1701 الصادر عام 2006، لا سيما في المادة 12 منه التي تمنح القوات الدولية إذناً تلقائياً من جانب الحكومة لـ”تنفيذ ما يلزم من إجراءات في مناطق نشر قواتها وحسبما تراه في حدود قدراتها لكفالة عدم استخدام منطقة عملياتها للقيام بأنشطة معادية من أي نوع، ولمقاومة محاولات منعها بالقوة من القيام بواجباتها بموجب الولاية الممنوحة من المجلس، ولحماية موظفي الأمم المتحدة ومرافقها ومنشآتها ومعداتها، ولكفالة أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، ولحماية المدنيين المعرضين لتهديد وشيك بالعنف البدني، دون المساس بمسؤولية حكومة لبنان”.

ما ظهر ثابتاً لدى الجانب اللبناني أن قيادة “اليونيفيل” مصرّة على تركيب الرادار. وقد وصلت رسائل بهذا المعنى إلى قيادات لبنانية، لا سيما أمنية وعسكرية، فهم منها أن القرار يعود إلى قيادة القوات الدولية في نيويورك وليس لبنان.

تزامناً مع الرسائل، كان رئيس أركان القوات الدولية العاملة في لبنان، وهو بالمناسبة جنرال فرنسي الجنسية، ينتقل في بيروت ويجري زيارات ولقاءات مع مسؤولين أمنيين وعسكريين، متولياً عملية وضعهم في صورة وضرورة تفعيل الرادار ومصلحة “اليونيفيل” منه، مبرراً وجوده بالتهديدات الحالية التي تجبر القوات الدولية على تفعيل الرادار واتخاذ إجراءات إحترازية ضرورية. وفهم أن الفرنسيين مندفعون لتركيب الرادار ويضغطون في هذا الإتجاه أكثر من غيرهم، في مقابل “برودة” إسبانية واضحة عبّر عنها مسؤولون إسبان سواء في اليونيفيل أو خارجه أمام شخصيات أمنية وعسكرية التقوا بها على مراحل.

في نتيجة النقاشات، جرى التوصل إلى صيغة مع قيادة الجيش، برعاية الفرنسيين وعبر كتيبتهم العاملة ضمن “اليونيفيل”، تلزم قوات الطوارئ تشغيل الرادار المذكور 3 مرات في الأسبوع (أحد المصادر قال لـ”ليبانون ديبايت” إن الإتفاق يسري على يومين فقط)، على أن تقوم القوات الدولية بتزويد الجيش أوقات العمل بالرادار، من دون أن يكون للأخير أي تأثير فيها. وفهم أن هذه الصيغة جاءت كي لا تبقى “اليونيفيل” متفرّدة في تفعيل وتشغيل الرادار طوال الوقت من دون رقابة لبنانية في الحد الأدنى، رغم أن العنصر القانوني الضامن لها متوفر بشكل واضح في نص القرار 1701، مع أن أحداً لا يضمن تجاوز “اليونيفيل” وتشغيل الرادار في أوقات أخرى من دون تزويد الجيش بالبيانات.

لكن لماذا “اليونيفيل” حريصة إلى هذه الدرجة على تفعيل الرادار الآن؟

تعود القصة إلى امتلاك العدو الإسرائيلي معلومات إستخباراتية (قد يكون زوّد الأمم المتحدة بها) تدعي أن المقاومة في لبنان (أو العراق أو اليمن وربما إيران)، تتزود بتقنيات خاصة بالمسيّرات من بعض الدول الأوروبية عن طريق السوق السوداء أو تلك القانونية، وقد أدت هذه البرمجيات إلى تطوير قدرات المسيّرات، لا سيما المتفجرة منها، بما بات يسمح لها بتأمين عبور آمن من لبنان (أو العراق أو اليمن) إلى داخل الكيان، من دون تمكن رادارات الأخير من التعرف إليها أو تحديد هويتها. وينقل عن العدو إدعاؤه أن بعض المسيّرات حملت بصمات ردارية صديقة، بحيث تعرّف عليها الرادار على أنها مسيّرات صديقة وليست معادية. ويعتقد أن تلك البرمجيات مسؤولة عن ذلك.

إزاء هذه المعلومات، شنت أجهزة الأمن الإسبانية، وكذلك نظيرتها في ألمانيا، حملة اعتقالات واسعة قبل أسابيع قليلة، إدعت أنها تستهدف مجموعات تتبع ل”حزب الله” تقوم بتزويد الأخير بقطع إلكترونية تعود لمسيّرات متفجرة، من الممكن استخدامها في هجمات تُشن على “إسرائيل”. وقد نتج عن هذه الحملة المستمرة بالفعل، توقيف 3 أشخاص من اللبنانيين في إسبانيا، وشخص آخر في ألمانيا.

المصدر: ليبانون ديبايت – عبدالله قمح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!