أزمة إصدار دفاتر السيّارات… ومعاملات المواطنين معلّقة

صدى وادي التيم-لبنانيات/

تعود أزمة إصدار دفاتر السيارات ورخص السَّوق إلى الواجهة مجدّداً بعد أشهر على وعود أطلقتها هيئة إدارة السير والآليات والمركبات بتيسير أمور المواطنين في أسرع وقت ممكن، فيما يعترض عملها عقبات عديدة أبرزها بَشَريّ، إلى جانب التنسيق ما بين الهيئة ووزارة الداخليّة والبلديّات.

في الآونة الأخيرة، شكا مواطنون من استيفاء النافعة بدلات ماليّة لم تُقدّم مقابلها الخدمات الأساسيّة لهم، من إنجاز دفاتر السيّارات والسَّوق، وغيرها من المعاملات المتعلّقة بالآليات والمركبات. فاليوم، عند توجّه المواطن لتسجيل سيّارته، يُمنح إيصالاً من النافعة فقط، من دون استحصاله على دفتر رسميّ.

هذه الأزمة دفعت جمعية AIA، والتي تضمّ الممثّلين المعتمدين في  لبنان لصانعي المركبات العالميّين، إلى توجيه نداء للمعنيّين لتكثيف العمل في النافعة، لافتةً إلى أنّ “إصدار دفاتر السيّارات لا يزال متعثّراً بسبب النقص منذ شهر كانون الثاني 2024، إضافة إلى النقص في لوحات السيّارات واللواصق الإلكترونيّة، كما واستحالة تجديد رخص القيادة”.

المسؤوليّة في متابعة النقص في الدفاتر ومعالجتها تقع على عاتق هيئة إدارة السير، فمصادر متابعة للملفّ تؤكّد لـ”النهار” أنّ “هيئة إدارة السير مسؤولة عن هذه الأزمة، وهي مؤسّسة عامّة مستقلّة إداريّاً وماليّاً، فيما لوزير الداخليّة وصاية عليها فقط”.

قانونيّاً، وبعد إجراء هيئة إدارة السير لموازنتها السنويّة، من المفترض أن تُنسّق مع الشركة المشغّلة لها للوقوف عند احتياجاتها الماليّة حتّى نهاية العام، بعدما منحها القانون الحقّ في استمرار تشغيل المرفق العامّ حتى 25/2/2025. وتؤكّد المصادر لـ”النهار” أنّ “وزيراً لا يمكنه الطلب من الشركة المشغّلة مضاعفة البضاعة الخاصّة بالنافعة، فهذه من صلاحيّات إدارتها حصراً”.

الأزمة المستمرّة منذ بداية العام، تضع المواطن أمام تساؤل حول قانونيّة الأوراق الممنوحة موقّتاً من النافعة، خصوصاً بعد الخطّة الأمنيّة التي أطلقتها قوى الأمن الداخليّ في بيروت والضاحية، وجرى خلالها حجز عددٍ من الآليّات والدرّاجات الناريّة غير المسجّلة.

بحسب معلومات “النهار”، فإنّ الأوراق الموقّتة من النافعة “قانونيّة داخل البلد، إلى حين تسوية الأوضاع وعودة عمل النافعة بانتظام”، فيما المشكلة تكمن في الخارج، إذ “يواجه المواطن أزمة في قيادة سيّارة في الدول العربيّة والأجنبيّة، فهذه الورقة غير رسميّة وغير متعارف عليها في الخارج”.

عمل النافعة اليوم يقتصر على ثلاثة أيّام أسبوعيّاً، بعديد مدنيّ وعسكريّ، وخلال الخطّة الأمنيّة الأخيرة، اضطرّت النافعة للعمل في عطلة نهاية الأسبوع لإنجاز معاملات المواطنين، وفكّ حجوزات الدرّاجات الناريّة، ما يطرح تساؤلاً عن إمكانيّة زيادة عملها خلال أيّام الأسبوع أيضاً.

توضح المصادر المتابعة للملفّ أنّ “مضاعفة أيّام عمل النافعة خلال الأسبوع يتطلّب زيادة “كادرها” البَشَريّ وهو أمر غير متاح حاليّاً، فيما التساؤل الأبرز اليوم حول مصير عدد من الموظّفين السابقين في النافعة”.

وتضيف: “قوى الأمن دخلت أروقة النافعة خلال مكافحة ملفّات الفساد فيها، وعلَت أصوات مندّدة بتواجدها، متّهمة وزارة الداخليّة بـ”عسكرة النافعة” حينها، وسط مطالبات بترحيل العناصر والضبّاط الأمنيّين من داخل النافعة”، مؤكّدةً أنّ “مهام قوى الأمن ليست تسجيل السيّارات أو الكشف عليها، بل إنّ وجودها موقّت، ولا يهدف إلى إدارة شؤون الدولة”.

تحرص وزارة الداخليّة على عمل النافعة والتنسيق مع صلاحيّات إدارتها المتمثّلة بالمحافظ مروان عبّود، فيما الوزير بسّام مولوي يواكب عملها يوميّاً، وسط جهوزيّة لتصديق أيّ قرار وفق الحاجة.

“معضلة” دفاتر السَّوق

أزمة النافعة تنسحب على التوقّف القسريّ على منح دفاتر السَّوق لأكثر من عامين ونصف العام، ما يؤثّر سلباً بشكل رئيسيّ على الأمن الاجتماعيّ وحماية المواطنين في الطرق.

في مقاربة سريعة للواقع المجتمعيّ، نرى أنّ قُرابة ثلاثة أجيال ممّن بلغوا سنّ الـ18 عاماً لا يزالون عاجزين عن الحصول على رخص سَوق، فيما البعض قد يكون باشر في قيادة سيّارة من دون رخصة قانونيّة، وذلك بعد تعلّمه في مكتب للتعليم أو بمبادرة من أحد أفراد عائلته.

شهدت مكاتب تعليم السَّوق تغييراً بعد إصدار قانون السير الجديد، والذي طالب بتنظيم قطاع مكاتب القيادة وتحويلها إلى مدارس للسَّوق ضمن شروط معيّنة، إلّا أنّ أزمة دفاتر السَّوق لم تُحلّ حتّى اليوم، فأين تكمن المشكلة؟

يُحمِّل صاحب مكتب لتعليم القيادة عمر أبو الخدود وزارة الداخليّة الأزمة المتواصلة في دفاتر السَّوق، مؤكّداً التزام المكاتب بقرار الوزارة التحوّل إلى مدارس، ويقول: “جهّزنا السيّارات للنظام الجديد، وحضر ضبّاط من هيئة إدارة السير للمراقبة، وقد مُنِح البعض وقتاً إضافيّاً لتحسين عمله… وقد عدّ الوزير في شهر نيسان أنّه خلال شهرين سيستأنف إصدار رخص السَّوق، ولكن من دون تحديد آليّة التطبيق حتّى الآن”.

وهنا يشير أبو الخدود إلى أنّ “الإشكاليّة تكمن في الفساد المستشري في مكاتب تعليم القيادة، ومنح دفاتر سَوق مزوّرة”، متسائلاً: “نحن أنهينا ما علينا فأين قرارات الدولة؟ أين اللجان الفاحصة التي تعيّنت؟ وأين الميادين المجهّزة لإجراء امتحان السَّوق؟”

ينصّ قانون السير الجديد أيضاً على أن يخضع أصحاب مكاتب تعليم السَّوق إلى دورات تأهيليّة في معهد قوى الأمن الداخليّ لشرح آليّة القانون وامتحان السَّوق الجديد، ومن ثمّ تعيين اللجان الفاحصة وميادين فحص السَّوق، وبرنامج تعيين الامتحانات، إلّا أنّ أحداً لم يتبلّغ بهذه الآلية حتّى الساعة.

منذ بروز قضيّة الفساد في النافعة إلى العلن، توقّفت هيئة إدارة السير والآليّات والمركبات، بقرار من وزارة الداخليّة، عن إصدار رخص السَّوق وعُلّق عمل اللجان الفاحصة، بعدما فُتح تحقيق بمنح دفاتر سَوق مزوّرة، أو إفادات من مكاتب التعليم. وهنا يُشدّد أبو الخدود على أنّ “مكاتب السَّوق لا تصدر إفادات سَوق”، نافياً ما يُشيع عن إمكانيّة استبدالها بدفتر السَّوق الرسميّ، إنّما “ينصّ قانون السير الجديد على أنّ من يجتاز عدد حصص معيّنة في تعلُّم القيادة، واختبار إشارات السير، يُمنَح إفادة تخوّله التقدّم لامتحان السَّوق على أن تُرفَق بالمستندات المطلوبة للامتحان، ولا يعني أنّها بديل عن رخصة السَّوق إطلاقاً”.

إذن، لا يبدو أنّ أزمة إصدار دفاتر السيارات والسَّوق في طريقها إلى الحلّ في المستقبل القريب، ما يُراكم تأخّراً في إنجاز معاملات المواطنين الرسميّة في النافعة كلّما طال أمدها.

المصدر: beirut24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى