”عند تغيير الدول” إقرأ وليد جنبلاط
صدى وادي التيم – لبنانيات /
“عند تغيير الدول إحفظ رأسك” قول مأثور عابر للحدود والدول ، توارثته الأجيال” أباً عن جدّ”، واعتنقته سياسات وديبلوماسيات على مرّ التاريخ ، في زمن الإمبراطوريات والإيديولو جيات ، كما في زمن الديمقراطيات . أما في زمن الشعبوية فصار لهذا الشعار مُبغضون كُثُر ، وأكثرهم في جمهوريتنا الملعونة ، التي كلما غرقت في منزلق جديد من الإنهيار ، كلما ارتفع صراخ المتسابقين على حفنةٍ من الأصوات .
وليد جنبلاط واحدٌ من قلّة من الساسة اللبنانيين الذين يُجيدون فهم هذا الشعار ، بوصفه “خبير محلّف” بـ”لعبة الأمم”. لا يستكين . يتابع تفاصيل التفاصيل من يوميات السباق الى البيت الأبيض وصولاً الى حساسيات “الساحة الحمراء” ، مروراً بهواجس “الإليزيه” وأقدار العرب ، حتى إذا طرأ طارئ في الإقليم استوقفه حادث مرور في السويداء أو في الدامور تماماً كمقال مثير للقلق في “الواشنطن بوست”.
هو الآتي من سلالة راسخة في التاريخ ، يهجس على مدار الساعة في ما يمكن أن يحمله المستقبل . راداراته اللاقطة سريعة الدوران . يتّهمه بعضهم بأنه سريع التقلّب وهو في الواقع سريع القراءة ، يلتقط الإشارات عن بُعد ألف ميل .
تجاوزت الأزمة اللبنانية حدود ضفاف الأنهار والبحار والمحيطات ، أصبحت أزمة وجودية تهدّد الكيان بمن فيه ، فاحتلّ وليد جنبلاط المقاعد الأمامية بحثاً عن حلول ، فيما غرق الآخرون في تسجيل المواقف .
أُشبعت الجمهورية بفائضٍ من الشعارات ، فيما المطلوب حلّ أو نصف حل أو ربعه على الأقل لحماية ما تبقّى من الدولة ورعاياها .
يظنّ بعضهم أننا ما زلنا في موسم إنتخابي نتراشق بالشعارات الثقيلة والخفيفة ، وأن صناديق الإقتراع تنتظر بفارغ الصبر أوراق المؤيدين والمناصرين ، متجاهلاً أن الجمهورية في طريقها الى صندوق خشبي – لا قدّر الله – إذا لم نُحسِن حمايتها من الآتي .
من يُمثّل الجمهورية في التسوية العتيدة على طاولة الأمم ؟ رئيس جمهورية مغيّب أم رئيس حكومة معلّق ، أم من ؟ هل تدفع الجمهورية ثمنَين : ثمن الحرب وثمن التسوية أيضاً ؟
أسئلة تقضّ مضاجع اللبنانيين من دون مُجيب . وحدها سياسة تسجيل المواقف تحتلّ الصدارة . رجال الدولة غابوا أو غُيّبوا . أما الرؤوس الحامية فسيستجيبون لا محالة بعد أن يهدأ صخب المسيّرات .. لكن بعد نفاد التذاكر وفوات الأوان .
“عند تغيير الدول”.. إقرأ وليد جنبلاط .
جورج بكاسيني