طلّاب الحربية في الشّارع والوساطات شغّالة!
صدى وادي التيم-لبنانيات/
يَنزلِق الداخل اللبناني نحو تسجيل مزيد من السوابق التي تفرزها الأزمات المتفرّعة من لبّ الأزمة الأكبر. للمرّة الأولى يُرصَد تحرّك اعتراضي للناجحين في مباراة الكليّة الحربية أمام السراي تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء بسبب عدم “الإفراج” عن النتائج. فهل تؤدّي وساطة رئاسة الحكومة ونواب كتلة الاعتدال إلى حلّ الأزمة بين وزير الدفاع وقائد الجيش؟
قبل أيام عُقِد اجتماع بين الرئيس ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم وُصِف بـ “الجيّد”، ويُرجّح جَمع الرئيس ميقاتي وزير الدفاع وقائد الجيش العماد جوزف عون في محاولة لبتّ هذه الأزمة العالقة منذ شباط الماضي.
يبدي وزير الدفاع كما قائد الجيش كلّ مرونة لحلّ هذه الإشكالية لأنّ الأولى بهما أن يحلّوا شؤون المؤسّسة العسكرية، وهما الأحرص، برأي أوساطهما، على عدم إقحام الجيش في متاهات تُبعِده عن مهمّته الأساسية.
اقتراح عالق
ثمّة اقتراح وافق عليه ميقاتي ويروّج له بعض نواب “الاعتدال” قوامه توقيع وزير الدفاع على أسماء الذين نجحوا في الحربية، وبالتزامن يُفتَح باب الدورة الثانية لتلقّي طلبات الانتساب إلى الكليّة الحربية بأخذ نحو 50 اسماً إضافياً، وهو ما يرفع العدد إلى الرقم الذي أجازه مجلس الوزراء في قراره الصادر في 17 آب الماضي، على أن تعطى الأفضليّة، كما يقول النائب سجيع عطية، لاستكمال عدد المسيحيين تحقيقاً للتوازن الطائفي.
من جهته يؤكّد النائب جهاد الصمد لـ “أساس”: “الحلّ موجود لكنّ قائد الجيش حتى الآن لا يتجاوب”، قاصداً رفضه القبول بفتح دورة ثانية. يشير الصمد أيضاً إلى “صلاحيات الوزير التي كرّسها الطائف كملك ضمن وزارته ولا يمكن لأحد تخطّيها بشكل عامّ”.
قيادة الجيش: لا دورة ثانية
هنا توضح أوساط قيادة الجيش لـ “أساس”: “خلال الامتحانات أخذت قيادة الجيش في الاعتبار كلّ الظروف لجهة التأخير في الموافقة على قبول التطويع والظروف العامّة في البلد”، مشيرة إلى أنّ “نجاح المرشّحين في المباريات جاء عن جدارة وكفاءة، والأهمّ أنّ القيادة لم تلجأ إلى خفض المعدّل لإكمال العدد الذي أجازته الحكومة، وبالتالي لا يمكن فتح المجال أمام دورة إضافية لأنّ ذلك يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء ووقت إضافيّ سيخلق غبناً لدى الـ 118 ناجحاً في امتحانات الحربية، كما أنّه لا يمكن توقّع نتائج أفضل”.
حسن نيّة
في السياق نفسه، كان لافتاً من باب حسن النيّة و”تطرية” الأجواء طلب وزير الدفاع، المُقاطِع لجلسات مجلس الوزراء، إدراج بند الموافقة على الاستراتيجية البحرية المتكاملة للبنان ومسوّدة الدراسة التقويمية ضمن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس، الذي تمّت الموافقة عليه.
كانت قيادة الجيش تضغط لإقرار هذا البند وسُجّل سعي حثيث من الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية لأخذ طريقه إلى الإقرار.
7 ملايين يورو
إقرار الاستراتيجية سيُدخِل نحو 7 ملايين يورو إلى المؤسّسة العسكرية في سياق برنامج متكامل مع دول المنطقة يُشرِف الاتحاد الأوروبي على تفاصيله، وذلك من أجل إصدار التشريعات اللازمة وتنفيذها.
هذا في الشكل، أمّا في المضمون فأكثر من قناة ناشطة لحلّ أزمة “تلاميذ الحربية”. ثمّة تساؤلات عمّا إذا كان قائد الجيش سيُبادِل خطوة الوزير سليم بخطوة إيجابية مُقابِلة مع العلم أنّ العماد جوزف عون يتمسّك أيضاً، وفق أوساطه، بالقانون ويرى أنّ رأي “مجلس الشورى” أعطى القيادة حقّها في صوابية تعاطيها مع هذا الملفّ.
بين الوزير والقائد
بالعودة إلى تفرّعات الأزمة أصدر وزير الدفاع في 1 آذار الماضي بياناً توضيحياً للردّ على ما وصفه بـ “الحملات المُبرمَجة المعروفة المصدر للنيل من وزير الدفاع الوطني وتشويه قراراته ومواقفه”، مؤكّداً أنّ “النتائج لم تراعِ كلّها المعايير والأسس الواجب توافرها في من سيكون ضابطاً”، ومشيراً إلى “طلبه من قائد الجيش إعادة النظر بالنتائج”، مقدّماً عدّة اقتراحات تصحّح الخلل.
ثمّ بادرت قيادة الجيش في 8 آذار إلى إصدار بيان مفنّدةً مراحل ملفّ التطويع من قرار مجلس الوزراء إلى المراسلات بين الوزير والقيادة، مؤكّدة أنّ “العدد المطلوب الذي أجازته الحكومة هو 173، إلا أنّ عدد الذين فازوا بالتصنيف ولم يحصلوا على أيّ علامة لاغية كان فقط 118، مع المحافظة على التوازن الطائفي (59 فئة أولى و59 فئة ثانية)، وقد وافق المجلس العسكري على النتيجة”.
كما أكّد بيان قيادة الجيش أن لا مجال للتشكيك في نتائج الكلّية الحربية وأنّ اللجنة الفاحصة المؤلّفة من ضبّاط أكفّاء اعتمدت أعلى معايير الشفافية والموضوعية والعدالة بما يحفظ حقّ الطلاب الذين فازوا بالمباراة بكفاءة وجدارة.
كتاب السراي وردّ الوزير
في السياق نفسه، علم موقع “أساس” أنّ رئاسة الحكومة أرسلت إلى وزير الدفاع في 13 أيار الجاري كتاباً إلى وزير الدفاع حول التأخير في إعلان النتائج.
ذكّر الكتاب بطلب مجلس الوزراء من مجلس شورى الدولة إعادة النظر بالرأي الأوّل الذي أصدره في 2 نيسان الماضي بمصير نتائج مباريات الدخول إلى الكليّة الحربية حيث أفتى “بعدم إبداء رأيه مسبقاً بقضية قد تسبّب مراجعة قضائية أمامه”.
أشار الكتاب إلى “إبداء “الشورى” رأيه مجدّداً في 2 أيار الجاري، بطلب من مجلس الوزراء، حيث اعتبر أنّ “سلطة وزير الدفاع بإعلان النتائج هي سلطة مقيّدة وقراره يقتصر على إعلان النتيجة التي وافق عليها المجلس العسكري، وهي ليست مصادقة على النتائج إنّما نشر لها، وإنّ الطبيعة الإعلانية لهذا القرار لا تنفي وجوب إصداره، ولا تسمح بالالتفاف على قواعد الصلاحية التي نصّ عليها المشرّع”.
أكّد رأي الشورى أنّ “ما عبّر عنه وزير الدفاع من أسباب لرفضه إعلان النتائج لا يعفيه من الموجب المُلقى على عاتقه بإعلان النتائج، وبالتالي وجوب إصداره قرار الإعلان عن النتائج”.
حلول أخرى؟
في حين أشار كتاب الحكومة إلى “مناقبية وزير الدفاع المشهود لها وحرصه الشديد على حسن وانتظام عمل المؤسّسة العسكرية”، طلب إليه “درءاً للخطر الذي قد يلحق بالناجحين إصدار نتائج مباريات الدخول إلى الكليّة الحربية الموافق عليها من المجلس العسكري وإلا اقتراح الحلول التي ترونها مناسبة وتراعي مصلحة المؤسّسة العسكرية استناداً إلى القانون”.
أمّا ردّ وزير الدفاع فتضمّن تنويهاً بكتاب رئاسة الحكومة، وتذكيراً بالرأي الأوّل لمجلس شورى الدولة.
تباعد بين سليم وباسيل
هنا تؤكّد مصادر قريبة من ميقاتي أنّ “وزير الدفاع وقائد الجيش حريصان بشكل كامل على حماية المؤسّسة العسكرية، والوساطة بينهما تنطلق من هذا الأساس”.
من جهة أخرى، ثمّة من يشير إلى وجود تباعد حالياً بين الوزير موريس سليم والنائب جبران باسيل، حيث اعتمد الوزير منذ البداية آليّة عمل لا تجعله يتحرّك وفق إملاءات المرجعية السياسية التي زكّته وزيراً.
مع الوقت أدّت تصرّفات باسيل الأخيرة، خصوصاً بعد استضافته في البترون للياس المر الذي وجّه إهانات مباشرة لوزير الدفاع، إلى توسيع رقعة التباعد بينهما.
المصدر: أساس ميديا – ملاك عقيل