هل ستتحول رفح 2024 إلى بنت جبيل 2006؟
صدى وادي التيم-متفرقات/
رأى دورون ماتسا الباحث الصهيوني، في مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة “بار إيلان” الإسرائيلية، في مقالة نشرتها صحيفة “معاريف” أن: “الأحداث الأخيرة التي شهدها مستشفى الشفاء في مدينة غزة ستسهم في تقويض أسس القوة الاستراتيجية الإسرائيلية”؛ موضحًا أن: “الحماسة تجاه أداء الجيش الإسرائيلي في الشفاء مبررة على المستوى التكتيكي، لكنها لا يمكنها أن تحجب حقيقة أن المستشفى هو نموذج للحال القتالية التي ستميز القتال في غزة، إلى جانب كون ما حدث هناك يوضح سمات قدرة حماس على البقاء والتعافي السريعَين”. ولفت إلى أن: “الانتقادات الدولية الموجهة إلى إسرائيل توضح الانهيار المدني الذي لم يتحول إلى عقبة على طريق اجتياح رفح فحسب، بل أيضًا إلى ورقة ضغط في قبضة حماس ضد إسرائيل”.
وأضاف ماتسا أن: “العزلة السياسية التي وجدت إسرائيل نفسها فيها، تتعمق أكثر فأكثر، والأمر لا ينحصر فقط في حظر السلاح وفي محاولات الاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية -من جانب إسبانيا على سبيل المثال وغيرها من الدول الأوروبية- ولا في كونه مادة إضافية تُضاف إلى نقاشات محكمة العدل الدولية في لاهاي، ولا في الصدع الخطِر الذي أصاب العلاقات الإسرائيلية الأميركية فقط، بل هو تضافر لكل هذه العوامل، وهو ما يجعل إسرائيل دولة معزولة كما لو كانت شخصًا مصابُا بالطاعون في القرون الوسطى. وهي حال تلقي بآثار خطِرة على قدراتها في خوض الحرب الكبرى التي وجدت نفسها عالقة فيها، ليس في غزة فقط، بل أيضًا في مواجهة إيران وحزب الله والحوثيين، وأيضًا الراعين في الصين وروسيا” .
ورأى أن: “الثقب الأسود الذي يُسمى قطاع غزة، يؤدي إلى تحطيم “إسرائيل” وتحويلها إلى كتلة من الركام السلبي”، مشيرًا إلى أن: ” ذلك يحدث من دون كبح الخطوة التي تؤدي، مرحلة تلو الأُخرى، وفقرة تلو الأُخرى، إلى تفكيك الأمن القومي الإسرائيلي على المستويَين، القصير والبعيد، حيث ظلت “إسرائيل” وحيدة في الشرق الأوسط الذي يتغير، على الرغم من كونها تعتمر الفخر القومي والصمود والتمسك بمواقفها الشاملة بشأن قرارها العمل في رفح – وهو موقف جرى توضيحه لبلينكن في المحادثات التي أجراها في إسرائيل-مع دعم أميركي آخذ بالانخفاض، وفقدان شرعية دولية – وهي الشرعية التي أسهمت في إنشاء المشروع الصهيوني- وتآكل “اتفاقيات أبراهام” والتحديات المتمثلة في أعداء إضافيين ينتظرون ساعة الصفر كي يحوّلوا طوفان 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى كارثة أعظم”.
وأضاف ماتسا أن: “هذه هي الخطوط العامة لترسيم الواقع الراهن، وهي أكبر، بما لا يقاس، من مركز انشغال وسائل الإعلام الإسرائيلية والمستوى السياسي والمحللين السياسيين في الاستوديوهات، وكل من لا يرون أبعد من أنوفهم، والذين لا يرون أمامهم سوى رفح”، مؤكدًا أن: “رفح تتحول الآن شيئًا فشيئًا إلى بنت جبيل في حرب لبنان الثانية 2006، بمعنى أنها تتحول، في أنظارنا، إلى رمز لمركز أعصاب الخصم، إذ صار يُنظر إلى السيطرة على المدينة بصفتها حدثًا سيقلب الواقع”.
وتابع: “رفح الآن، كما هو حال بنت جبيل آنذاك في العام 2006، ليست هي الشأن الرئيسي وليست هي الأمر المهم في تطور الحرب في قطاع غزة.. فصحيح أن احتلال المدينة سيختتم، تكتيكيًا، ورشة تفكيك حماس، لكن الأمر لن ينهي الحرب، ولن يسهم مطلقًا في إنهاء هذا الحدث، الذي هو أكبر من أبعاد المنطق التكتيكي الذي يقود إسرائيل نحو جنوب القطاع”؛ بحسب تعبيره.
وذكر ماتسا أن: “القضية الأساسية التي يجب التركيز عليها هي التفكير الاستراتيجي الذي يبرز غيابه الآن في الجانب الإسرائيلي”، موضحًا أن: “الحديث يدور عن غياب الوضوح بشأن نوايا إسرائيل فيما يتعلق بقطاع غزة، في ظل واقع لا يمكن لإسرائيل فيه إنهاء الحرب بالصورة التي أرادتها، عبر تقويض حماس وإبادتها بصورة تامة”.
وختم ماتسا بالقول إن: “إسرائيل تغرق الآن شيئًا فشيئًا، ومع كل لحظة تمر، هي تتجه إلى نقطة سيئة في كل ما يتعلق بمكانتها الاستراتيجية، وهي مكانة تلقي بظلالها، بصورة خطِرة، على قدراتها في مواصلة مواجهة وخوض الحرب الشاملة والمتعددة الساحات، والتي سترافقها لوقت طويل بعد احتلال رفح، وبعد تفكيك كتائب حماس”.
المصدر : العهد