مشروع قانون المحميات الطبيعية في لبنان … هل يبصر النور قريباً ؟
مشروع قانون المحميات الطبيعية في لبنان … هل يبصر النور قريباً ؟
بسام القنطار
الصورة لمهدي سكافي من سهل البقاع – شرق لبنان
تشكل المحميات الطبيعية في لبنان حوالي ثلاثة بالمائة من مساحته. كرست هذه المحميات بقوانين اصدرها المجلس النيابي ، وتتفاوت مستوى الادارة والحماية الفعلية لهذه المناطق المحمية بموجب القانون ، بسبب غياب الموازنات والخلافات السياسية والمحسوبيات وضعف انفاذ القانون. قبل أشهر قليلة على انتهاء عقد المجلس النيابي في ولايته الممددة للمرة الثالثة، تعكف لجنة فرعية منبثقة عن اللجان المشتركة في المجلس النيابي على دراسة مسودة مشروع القانون الوارد بمرسوم من الحكومة في العام 2012 والمتعلق بالمحميات الطبيعية في لبنان. ما هي ابرز ملامح هذا القانون ؟ وكيف يمكن ان يسهم في تعزيز وتوسيع مناطق الحماية في بلد يعاني من تراجع المساحات الحرجية والزحف العمراني والمقالع والكسارات والمرامل والحرائق وغيرها من التعديات التي تقضي على رأسمال لبنان الاغلى والاثمن والذي يتناقص بطريقة غير قابلة للتعويض. تعهد لبنان امام اتفاقية حماية التنوع البيولوجي بتطبيق خطة عمل استراتيجية بحلول العام 2030 ، بحيث يكون التنّوع البيولوجي في لبنان مصاناً ومداراً بشكل مستدام من أجل المحافظة على نظمه الإيكولوجية والموائل والأنواع التي تأويها، وبغية الإستجابة بالشكل الملائم للضغوط البشرية والطبيعية، ولضمان الوصول العادل للمواطنين اللبنانيين إلى سلع النظم الإيكولوجية وخدماتها”. ويضمن مشروع القانون المتعلق بالمحميات الطبيعية آلية جديدة لتعريف جميع المحميات والحمى والمتنزهات الطبيعية وغيرها من الأراضي المحمية بموجب قوانين ومراسيم تخضع لسلطة الوصاية من قبل وزارة البيئة، ويتضمن القانون مواد تحدد حق المحميات وحق الشخصية المعنوية بالتملك والتصرف. كما تم اعداد مشروع مرسوم تطبيقي لهذا القانون الذي حدد الإطار القانوني لفئات المناطق المحمية المختلفة بما فيها الأهداف، والتصنيف والإدارة وآليات التمويل، ما يتيح للهيئات التي ستدير المنتزهات الطبيعية المستقبلية التقدم للحصول على قروض والعمل مع القطاع الخاص. التعديل الابرز المطروح على النص الاساسي لمشروع القانون يتعلق بالمحميات الطبيعية الواقعة على املاك اشخاص القانون الخاص. وتنص المادة العاشرة من مشروع القانون على الحق بانشاء محمية طبيعية على املاك اشخاص القانون الخاص بعد موافقة جميع اصحاب الاملاك الخاصة الخطية على مشروع انشاء المحمية الطبيعية، بموجب عقد بين الدولة اللبنانية ممثلة بشخص وزير البيئة واصحاب الاملاك لمدة لا تقل عن عشرين سنة قابلة للتجديد، ويحدد النطاق الجغرافي للمحمية والمنطقة الحزامية بها وكيفية ادارتها ويصدر بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير البيئة. ولقد ادخل تعديل على هذا المادة في مناقشات اللجان النيابية حيث اضيفت الفقرة التالية: “وفي حالة عدم موافقة احد المالكين أو بعضهم على ضم املاكه الى المحمية الطبيعية ، يمكن للإدارة ان تستملك عقاراً أو عقارات هؤلاء عن طريق اعلان المنفعة العامة البيئية لهذا الاستملاك … او عن طريق مقايضة هذه الاملاك باملاك الدولة”. ولعل هذه الفقرة تفتح الباب امام تذليل العديد من العراقيل التي تمنع انشاء بعض المحميات وابرز الأمثلة محمية جبل موسى التي تقع اغلبها في الاملاك الخاصة التي لا تزال غير مصنفة محمية بموجب قانون صادر عن المجلس النيابي. تنقسم المناطق المحمية الحالية في لبنان إلى ثلاث فئات: – المحميات الطبيعية التي أنشئت بموجب قوانين منذ العام 1992. – المواقع الطبيعية الموضوعة تحت حماية وزارة البيئة وقد تم تصنيفها بموجب قرارات من وزير البيئة أو مراسيم صادرة بناءً على اقتراح وزير البيئة استناداً على قانون حماية المناظر والمواقع الطبيعية (1939/07/08). – الغابات المحمية وصنفت بموجب قرارات من وزير الزراعة، قبل العام 1996 بناءً على قانون المحافظة على الثروة الحرجية والأحراج (القانون رقم 85 من العام 1991)، وبعد العام 1996 أصبحت مباشرة تحت مظلة قانون حماية الغابات (القانون رقم 558 بتاريخ 1996/07/24)، ومن خلال قرارات وزارية لوزارة الزراعة تصدر وفقاً لهذا القانون. وينص مشروع القانون الجديد على تكريس هذه المحميات مع التوسع في تعريفها ، خصوصاً ان جميع هذه المحميات اقتصرت على المحميات الطبيعية دون سواها من المناطق الواجب حمايتها، فضلاً عن انها تناولت المحميات الطبيعية المنشأة على املاك الاشخاص العامين دون سواها، في حين ان القانون الجديد يكرس الحق بانشاء المحميات على الاملاك الخاصة. كما ان القانون الجديد يكرس أشكال متعددة للحماية منها نظام الحمى الذي يعيد احياء وتكريس نظام تراثي اعتمدته الشعوب العربية ومارسته القرى والبلدات اللبنانية كتقليد موروث لاستخدام الأراضي، بما يضمن الاستفادة القابلة للاستمرار من الموارد الطبيعية، وبما يعني الاستثمار الرشيد للموارد والمحافظة على قدرة البيئة على تجديد مواردها. واليوم بات في لبنان 21 حمى طبيعية منتشرة في مختلف المناطق، تعمل بالشراكة بين المجالس البلدية وجمعية حماية الطبيعة في لبنان. وفي حين تراهن اوساط نيابية معنية على اقرار القانون الخاص بالمحميات الطبيعية في غضون الاسابيع المقبلة، تبقى عقبة الاخذ بملاحظات وزارة الزراعة على المشروع، حيث تبين ان النص الاساسي لم يأخذ بها ، وحالياً يعكف فريق من المختصين على ادخال هذه التعديلات قبل عرض النص النهائي على اللجان المشتركة لاقراره واحالته الى الهيئة العامة للمجلس النيابي للمصادقة. وفي حين يعول على هذا القانون لتعزيز حماية الطبيعية كونه ينص على عقوبات بحق المخالفين تصل الى الحبس وغرامة مالية بقيمة ٢٥ مليون ليرة لبنانية، لا تزال المناطق الطبيعية المحمية بموجب القانون تتعرض للعديد من الانتهاكات، ما يؤكد ان اقرار القانون امر مهم لكن الاهم انفاذ القانون على ارض الواقع.