والده رفض تكريمه شخصياً… فكانت فكرة عيد المعلّم !

صدى وادي التيم-لبنانيات/

تطلّ علينا ذكرى عيد المعلّم ككلّ عامٍ في التاسع من آذار لتذكرنا بأهمية الدور الذي يلعبه هؤلاء الجنود المجهولون في تربية أجيال وتنشئتها على القيم والأسس الأخلاقية الصحيحة.

وكان لا بد لنا في هذه المناسبة من توجيه التحية لمؤسس هذا العيد الأستاذ غصن غصن، والذي – كما تعودنا في بلادي – لم يعطَ حقّه في هذا المجال، ويجهل الكثيرون حتى من المعلمين أنه هو مؤسس عيدهم وصاحب فكرة تكريمهم بيوم من السنة.

من هو غصن غصن ؟

ولد غصن خيرالله غصن سنة ١٩٣٠ في عجلتون، البلدة الكسروانية التي أعطت الكثير من الأعلام في كافة المجالات، ونال الإجازة في الحقوق من جامعة القديس يوسف في بيروت. ليتمّ تعيينه بعدها مديراً لمدرسة صربا الرسمية وهو لا يزال في مطلع العشرينات من عمره. لينطلق في مسيرة تربوية حافلة كان لها الأثر الكبير في تلامذته الذين يتذكرونه لغاية اليوم.

«نفّذ ثم اعترض»

فيتذكره الأخ جورج العلي والذي كان من تلامذته المقربين إليه، مُتحدّثاً لـ «الديار»عن تعلّقه بالدفاع عن المعلم ومصالحه، وتشديده على الحفاظ على هيبة واحترام المعلمين. مما دفعه لتعليق شعار «نفّذ ثم اعترض» في مدرسة صربا وذلك للدلالة على أهمية احترام المعلم وتنفيذ إرشاداته وتعليماته. ويؤكد الأخ العلي أن استقامة الأستاذ غصن واحترافيته جعلت من مدرسة صربا الرسمية ذات مستوى تعليمي عالي، فكان من يرسب فيها قادراً على النجاح في مدارس أخرى رسمية أو خاصة، كما جعل منها نقطة استقطاب لكافة طلاب قضاء كسروان لتضم وقتها أكثر من ألفي طالب من قرى ومناطق القضاء.

هكذا نشأت فكرة العيد !

انبثقت فكرة «عيد المعلّم» من مدرسة صربا الرسمية سنة ١٩٦١ وكان آنذاك يتولّى التعليم الديني في المدرسة جمهور من الاخوة الرهبان في الكسليك باشراف الاب بولس مرهج وكان الانسجام كبيراً بين الهيئة التعليمية وبين الاب مرهج، فاقترح هذا الاخير على الاساتذة ايجاد عيد يستطيعون من خلاله تكريم مدير المدرسة الاستاذ غصن غصن على فكرته وسعيه الدؤوب لإيجاد يومٍ من كل سنة يكرّم فيه المعلّم في كافة المدارس وسرعان ما وجد احدهم، وهو الأستاذ انطوان لحّود اليوم المناسب، عيد الشعانين اي عيد الاغصان نسبة الى غصن غصن. فوافق الجميع على الفكرة باستثناء شخص واحد: غصن غصن. فما أن تسرّب الخبر اليه، حتّى مانع بشدّة إقامة حفلة خاصة أو تكريم خاص له تحت اية عنوان أو مسمّى. فاقترح عندئذٍ ان يسمّى ذلك اليوم بعيد المعلم تيمّناً بالسيد المسيح معلّم البشريّة الاكبر. فلاقت الفكرة الإستحسان والقبول وراحت مدرسة صربا أساتذة وطلاباً تحتفل بهذا العيد كل سنة نهار سبت العازر الواقع قبل احد الشعانين. واخذ نطاق الاحتفال بالعيد يتّسع سنة بعد سنة لغاية العام ١٩٦٣، عندما وقّع اساتذة المنطقة في المدارس الرسمية والخاصة وبدعم من رجال الدين وبعض موظفي التربية، عريضة رفعوها الى وزير التربية (الرئيس كامل الأسعد يومها) مطالبين بتثبيت عيد المعلم عيداً رسمياً في الدولة . وكانت الموافقة وحدد يوم ٩ اذار عيداً رسميّاً للمعلّم في الجمهورية اللبنانية وفعلاً عطّلت المدارس في ذلك اليوم ولأول مرّة سنة ١٩٦٣.

رودريغ غصن : بيكبر قلبي قدّ الدني

يعتبر الممثل رودريغ غصن والذي رافق والده منذ صغره في الإحتفالات المدرسية، أن «تركيز الأستاذ غصن كان على دور المعلّم في تربية الجيل الجديد على الأخلاق التي هي الأساس، وبذلك يكونون على مثال المعلّم الأول يسوع المسيح».

وتساءل: «فبدون أخلاق أي جيل سينشأ؟؟ كيف ستكون نتيجة عمل المهندس دون أخلاق؟؟ وماذا سيكون مصير الموكّلين مع محامٍ يفتقد للأخلاق؟؟»

في سياق الحوار، كشف رودريغ جانباً أساسياً عن والده إذ أكد أنه كان ملتزماً بالكنيسة لأقصى حدّ، قائلاً: «فهو لا يتذكر أي يوم أحد لم يشارك فيه مع أشقائه في القداس وحتى ولو كان أحدهم مريضاً!! إذ كان يصرّ غصن غصن على المشاركة مع عائلته أيا تكن الظروف».

ختاماً، وبعد مرور إثنان وعشرون عاماً على غيابه، لا يزال رودريغ يلتقي بتلامذة والده الذين لم ينسوه لغاية اليوم وكلما تحدثوا عنه «بيكبر قلبي قد الدني». 

المصدر: الديار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى