معركة الغاز بدأت… هندسة شرق المتوسط من مرفأ بيروت الى ميناء غزة
صدى وادي التيم – لبنانيات /
القصة بدأت منذ 400 عام مع شركة الهند الشرقية، معادلة النفوذ لم تتغير والحرب بالوكالة عنوان الصراع الحاصل اليوم في غزة الفلسطينية. فالمعركة في غزة والعين على شرق المتوسط. لكن قبل ذلك وكما قال ديفيد بن غوريون عام 1957 “لضمان بقاء “اسرائيل” علينا تدمير مصر وسورية والعراق”. فكان مشروع الشرق الاوسط الكبير، الذي اسس للحضور الاميركي المباشر في العراق، وبعد عقد من الزمن خرج مشروع “الربيع العربي”، وكما في قضية العراق فقد تأسس للمشروع من افغانستان وهكذا تأسس “للربيع العربي” في السودان، لتحاصر مصر من السودان وليبيا وفلسطين المحتلة.
اما اليوم، فالحرب على غزة ليست الا مقدمة لاستكمال السيطرة على 3 دول هي اركان “شرق المتوسط” لا بل هي “اركان الطاقة” على مستوى العالم، وعبرهم تمر خطوط تجارة عالمية وتربط البحار والاعمال.
واذا كانت 3 دول خليجية هي محور التفاوض وركن في منظمومة الشحن والنقل والطاقة، فإن انتقالها من الخليج الى شرق المتوسط شكل التحدي والاولوية، فكانت مواجهات متنقلة وحروب اعلامية وانهيارات عملات وطنية وتفكك اقتصاديات. تحولات طبقية وفكرية مهدت للتحولات السياسية، حيث اصبحت 3 دول (مصر، سورية والعراق) قائدة في عالم عربي، انتقلت لتكون دولا هامشية في “شرق متوسط كبير” هو مدخل قارة اسيا، وحلقة الربط بقارة افريقيا.
اصبحت القضايا الداخلية اولوية، من ازمة انتقال السلطة الى التنافس على المناصب وصولاً الى الاستحواز على المكاسب المالية والاقتصادية، في وقت انتهت النظرة الشمولية العميقة لطبيعة الصراع.
معركة الغاز بدأت… من كريات شمونة الى ايلات
ففي 29 تشرين الاول وبعد 3 اسابيع على “عملية طوفان الاقصى” الحكومة الاسرائيلية توافق على تلزيم شركة ايطالية حقل غزة للغاز “مارين 1″ و”مارين2” المكتشف في العام 2000 ومخزونه يقدر بحوالى تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي. رغم ان ملكية البئر تعود للشعب الفلسطيني وفق احكام اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 والتي وقعت عليها دولة فلسطين في العام 2019.
والحديث عن حقول الغاز في شرق المتوسط يؤكد دور الوسيط “الاميركي-الاسرائيلي هوكشتين” لترتيب مخزون الطاقة في شرق المتوسط بحراً، والاكيد ان اشكالية الضفة الغربية في الايام المقبلة لن تكون قضية حقوق شعب بارضه، انما بناء مستوطنات متطرفين لحماية ثروة فلسطينية منهوبة تبدأ من “غونين” (بحيرة الحولة) بئر غاز منتج للكيان، وصولاً الى آبار نفط في رنتيس ورام الله في الضفة الغربية وذلك منذ العام 2010 الى “زوهار – كيدود – حكانايم” شمال غرب البحر الميت وهي حقول منتجة ومكتشفة منذ العام 1961.
ونتابع تعداد آبار النفط والغاز الممتدة على طول خط ” كريات شمونة – ايلات” من بيسان الى بيت لحم وبيت جبرين في الخليل وصولاً الى ديمونا وغوريم شمال النقب المحتل مروراً بزوك تمرور في بئر السبع.
اما الحقول التي تنتج الغاز والنفط للكيان وهي في مجال “غلاف غزة” من الشمال اشدود 1976 الى شيكما – نغفا (عسقلان) 1960 وشرقاً كوخاف 1962 (5 ابار منتجة من اصل 13 بئرا) الى حيلتس شمال شرق غزة 1955 (المنتج 3 فيما المكتشف 18 بئر)
كما ان القانون الدولي يحظر على سلطة الاحتلال التصرف بالموارد الطبيعية الموجودة في الاراضي التي تحتلها، بما فيها المناطق البحرية المجاورة، والاكيد ان انهاء القضية الفلسطينية عبر تهجير الشعب الفلسطيني والجرائم ضد الانسانية التي ترتكب ورفض حق العودة وصولاً الى مشروع ” الممر البحري بين غزة وقبرض” وكأنه “مشروع البواخر التي تحدث عنها كيسنجر قبل 4 عقود لنقل المسيحيين من لبنان لتوطين شعب آخر.
فالحضور الروسي عام 2015 انهى مشروع انبوب الغاز البحري الى اوروبا. ومع قرار الاتحاد الاوروبي التمدد استراتيجياً في شرق المتوسط عبر ضم قبرص اليونانية الى المجموعة عام 2004 والتي اصبحت رأس الجسر في شرق المتوسط وقد اجبرت على مغادرته قبل 7 عقود، بريطانيا خرجت من المجموعة الاوروبية ليبدأ مشروع الاستحواذ على مصادر الطاقة في شرق المتوسط عنوان جديد للقضية الشرقية، تقارب مصر وتركيا وثالثهم “اسرائيل” وافتراقهم للكيان “الاسرائيلي” دور في رفع منسوب الصراع.
مع الحضور الروسي على ضفاف المتوسط بدأ معه صراع الطاقة، من اوكرانيا وتوازنات البحر الاسود الى فلسطين ولبنان وتوازنات شرق البحر الابيض المتوسط وصولاً الى اليمن والتفاهمات على الممرات والتجارة الدولية عبر البحر الاحمر.
صراع المصادر والانابيب والاسعار تديره الشركات وقوده الشعوب، وكما حصل منذ 400 مع شركة الهند الشرقية، يحصل اليوم مع شركات النفط والغاز وادارة المرافئ والتطوير العقاري، بين بناء مدن ذكية حديثة متطورة وتدمير مدن عريقة وتاريخية واصيلة، تستمر حرب الشركات البريطانية – الاميركية، ميناء غزة رأس جسر، وحارس الازدهار فيه “رأس الحكمة” قرب مفاعل الضبعة “الروسي” في مصر.
د. عماد رزق – الديار