هل يشهد صيف لبنان حرباً “إسرائيليّة” واسعة عليه؟
تكثر رسائل التهديد من العدو الاسرائيلي التي ينقلها موفدون الى المسؤولين اللبنانيين وهذا ما كشف عنه قبل ايام وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الذي ابلغ ناقلي الرسائل بأن لبنان لا يرغب بالحرب ولم يعمل لها وقد فرضتها الحرب على غزة وتداعياتها التي لم تنعكس على لبنان فقط بل على المنطقة التي تقف على شفير حرب اقليمية كما شغلت العالم وشعوبه التي خرجت الى التظاهر والمطالبة بوقف الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة واستكمالها في الضفة الغربية في اطار خطة صهيونية لافراغ فلسطين من اهلها والاستيلاء عليها باعتبارها ارض اسرائيل.
ولم يخف قادو العدو الاسرائيلي من اشهار الحرب الواسعة على لبنان وهو ما عبر عنه رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يواف غالانت الذي فك ارتباط جبهة لبنان بحرب غزة وتوعد بأن يتفرغ له والقضاء على حركة “حماس” وفصائل المقاومة الفلسطينية.
لكن كل من نتانياهو وغالانت ووزراء اخرين في الحكومة الصهيونية يعطون فرصة للحل الديبلوماسي ويدفعون بالوسطاء ان ينقلوا ذلك للقيادات الرسمية اللبنانية قبل ان تنتهي المهلة للعمل السياسي، وتجاوب لبنان مع التهديدات الصهيونية والتهويل الذي يمارسه ايضا الموفدون الذين ينصحون لبنان في الذهاب الى تطبيق القرار 1701 والسعي الى سحب قوات “حزب الله” المسماة بـ “الرضوان” من الحدود الجنويبة المتاخمة لفلسطين المحتلة الى ما بعد شمال الليطاني او اقله الى مسافة 10 كلم فيكون الرد اللبناني بان لا مشكلة في القرار 1701 وان لبنان لم يعارضه وان خرقه كان دائما من العدو الاسرائيلي بدءا من استمرار احتلاله لارض لبنانية او خرقه للسيادة اللبنانية.
فالسباق ليس بين الحل السياسي او المواجهة العسكرية الواقعة في جنوب لبنان والتي يلجأ العدو الاسرائيلي الى توسيعها ويعمل “حزب الله” على ضبط قواعد الاشتباك التي يخرج عنها في بعض الاحيان ليرد على عدوان واستهداف مدنيين ويحصر رده في كثير من الاحيان بالمواقع العسكرية وهذا ما يبلغه المسؤولون اللبنانيون للموفدين بأن الحل السياسي هو في يد العدو الاسرائيلي الذي خرج عن قواعد الاشتباك والتي كانت محصورة بمزارع شبعا ثم توسعت الى طول الشريط الحدودي ثم الى مسافات بعيدة عن الجبهة اي شرط وقف الاعمال العسكرية فيها هو وقف الحرب التدميرية على غزة.
وما زاد من احتمال قيام العدو الاسرائيلي بحرب هو ما وصل الى المسؤولين اللبنانيين من الادارة الاميركية بأن الحرب متوقعة بين الربيع والصيف وفق ما اكدته مصادر ديبلوماسية لبنانية بأن توسيع الحرب بات يتقدم من خلال رسائل التهديد وجاء الرد عليها لبنانيا وعلى لسان وزير الخارجية بوحبيب بانها لن تكون نزهة اذا ما غامر قادة العدو في حرب شاملة وهذا ما اكد عليه الامين العام “لحزب الله” السيد حسن نصرالله عندما قال بأن صواريخ المقاومة جاهزة لتضرب اهدافا اسرائيلية من كريات شمونة الى النقب ولن تكون تل ابيب خارج اهداف المقاومة التي سيلحقها الدمار اذا ما حاول العدو الاسرائيلي تنفيذ ما فعله في غزة، وهو ان يقوم به في لبنان، كما اعلن وزير الحرب الاسرائيلي.
فتوقيت شن حرب واسعة على لبنان، ثم تحديدها اميركيا خلال الاشهر الاربعة القادمة، وتحديدا في تموز المقبل على ابعد تقدير، وسبق للعدو الاسرائيلي، ان شن حروبه على لبنان في مثل هذا الوقت منذ عام 1978، الى 1982 و1993 و1996 و2006.
وما يقصده الجيش الاسرائيلي بالحرب، هو الغزو البري للبنان، لان عمليات القصف التي اعتمدها لتدمير مراكز المقاومة ومنصات صواريخها ومخازنها، اضافة الى استهداف قياداتها وعناصرها، كما حاضنتها الشعبية لم يحرز فيها العدو الاسرائيلي اي انجاز سوى التدمير، وهو ما لجأ اليه في غزة التي ما زالت تقاومه، ولم يتمكن من تأمين مناطق آمنة او منزوعة السلاح، لطمأنة المستوطنين القاطنين في غلاف غزة او شمال فلسطين المحتلة، وقد نزح منهم نحو 250 الف مستوطن، ومدد مجلس الحرب الاسرائيلي، عودتهم الى تموز المقبل، بما يعني ان الحرب لن تتوقف، وان لبنان سيكون الثاني بعد غزة، في اجتياحه برياً، لاقامة “حزام امني”، اذا لم يتم سحب عناصر “حزب الله” الى شمال الليطاني، وهذا شرط يصعب تحقيقه، لان مقاتلي المقاومة، هم من ابناء الشريط الحدودي، الذين يدافعون عن بلداتهم وقراهم، وهذا ما يثبته عدد الشهداء الذين يسقطون من هذه المناطق، الا حالات استثنائية.
فالحرب الموعودة على لبنان، التي اوصلت الادارة الاميركية تاريخها الى المسؤولين اللبنانيين، ما زالت في اطار التهديد والتهويل، وفق ما تؤكد مصادر مطلعة على الرسائل واجوبة لبنان عليها، دون اغفال عدوانية اسرائيل، وجنون قيادتها، واقدامها على مغامرة، ستكون مكلفة لها، كما يؤكد مسؤولون في “حزب الله”، الذين لا شرط لهم الا وقف الحرب على غزة.
فهل سيكون صيف لبنان ساخنا، وتستعاد حروب اسرائيل عليه؟ هذا احتمال وارد، وتضعه المقاومة في حسابها، وهي قامت بحرب استباقية، لان بعد غزة كان لبنان هدفا للعدو الاسرائيلي.