الأزمةُ الاقتصاديّة تُطيحُ بـ”حديقة صيدون البحريّة”

 

صدى وادي التيم – لبنانيات /

من تأثيرات الأزمات المعيشيّة والاقتصاديّة التي يتخبّطُ بها اللّبنانيون، التّراجع المُريع  في قطاع السّياحة البحريّة، التي اشتهرت المدن اللّبنانية الغنيّة بالمعالم الأثريّة والتاريخيّة، ومعاناة العاملين في هذا القطاع، شأنهم شأن العاملين في بقيّة القطاعات.

في صيدا، التي اشتهرت بمعالمها الأثريّة، يُعاني قطاع السّياحة البحريّة من تداعيات الأزمة الاقتصادية، حيث أُصيب بشللٍ شبه تام، بعد أن غابت السّياحة الداخلية، فيما تراجعت أعداد الوافدين من السّواح الأجانب إلى المعالم الأثريّة، وقد ارتفعت مؤخّرًا، أصوات أصحاب المراكب السّياحيّة التي كانت تشهدُ، وعلى مدار السّنة ازدهارًا سياحيًّا، بفعل إقبال اللّبنانيين والأجانب على زيارات سياحيّة إلى “الجزيرة” قُبالة القلعة البحريّة في المدينة، إضافة إلى “الحديقة البحريّة” التي أنشأها ناشطون بيئيّون بالتّعاون مع جمعيّات وهيئات في عمق البحر، قبل أربع سنوات.

ما قصّة “حديقة صيدون المائيّة”؟

الحديقة البحريّة تقعُ على مقربةٍ من منطقة “الزّيرة” وهي التّسمية الصيداوية لـلجزيرة الصّخرية الصّغيرة التي تقابل المرفأ التّجاري القديم في المدينة، وتضمّ “ترسانة عسكريّة”، عبارة عن معدّات وآليات ومدرّعات وستّ دبّابات ومروحيّتين عسكريّتين وستّ ناقلات جند وأعتدة حربيّة غير صالحة للاستخدام، قدّمها الجيش اللّبناني دعمًا للحديقة التي شكّلت معلمًا بيئيًّا وسياحيًّا، كما قدّمت إحدى شركات الطّيران المدني، عددًا من الطّائرات السّياحية بعد خروجها من الخدمة، هذا المشروع رعته بلدية صيدا ونقابة الغوّاصين المحترفين في لبنان وجمعيّة أصدقاء “زيرة صيدا”.
شكّلت الحديقة البحرية التي تقعُ على عمقٍ يتراوحُ ما بين 12 مترًا و30 مترًا، مقصدًا للمهتمّين بالبيئة البحريّة وهُواة الغطس، الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية لزيارة مَعلَمٍ هو الأوّل من نوعه في لبنان ومنطقة حوض البحر المتوسط.

لم يمرّ ثلاثة أشهر على إنجاز مشروع الحديقة، حتى انقلبَت الأمور رأسًا على عقب، بعد اشتداد الأزمة المعيشيّة والاقتصاديّة نهاية العام 2019، حيث بدأ التّدهورُ الاجتماعيّ بالتّصاعد، في ضوء انخفاض القدرة الشّرائيّة للعملة الوطنيّة، الأمر الذي انعكس سلبًا على مُجمل القطاعات السّياحيّة، وكانت الحديقة البحريّة واحدة منها.

“حديقة صيدون البحريّة”، وبحسب ما يقول رئيس نقابة الغوّاصين المُحترفين في لبنان محمد السارجي لـ “موقع الأفضل”، موزّعة على ثلاث نقاط وعلى أعماقٍ مُتفاوتة، لكي نُعطي فرصة لكلّ النّاس الذين يُجيدون الغطسَ أن تطَّلع عليها عن قرب، النّقطة الأولى تقع خلف الجزيرة مباشرة وهي على عمق 12و 13 متراً ووضعنا فيها دبّابتين وملّالة، والثّانية على عمق 16و 17 متراً أيضًا شمال غرب الجزيرة ووضعنا فيها دبّابتين وملّالة، والنّقطة الثالثة إلى الغرب من الجزيرة على عمق 27 متراً ووضعنا فيها دبّابتين ومَلّالتين. وكلّ هُواة الغطس بكلّ مستوياتهم سواء كانوا مُبتدئين أو مُحترفين بات بإمكانهم الوصول إلى أحد هذه النّقاط بحسب مستوى العمق الذي يُناسبهم، أمّا الشّق الثّاني فيتعلّق بالثّروة السّمكيّة والتّنوّع البيولوجي لأنّنا بعد أيّام قليلة على إنزالِ هذه الآليّات، “استوطنَت” الطّحالبُ والتّوتيا على الدّبابات والطّائرات، فيما “استوطنَت” أنواع متعدّدة من الأسماك داخل الآليات العسكريّة.

ويأسفُ السارجي.. “لأنّ الأوضاع الاقتصاديّة أطاحت بكلّ الآمال التي وضعناها في الحديقة البحريّة، ويقول.. لقد تأثّرت السّياحة البحريّة سلبًا بالأزمة التي نعيشها، وشلَّت هواية الغطس بسبب الكلفة التي باتت مرتفعة، مع تدهور القيمة الشّرائية للعملة اللبنانية، فهناك كلفة المركب ومعدّات الغطس ومستلزماته، حتّى الأنشطة التي كانت تقوم بها أندية الغطس تراجعت عمّا كانت عليه من قبل، وحديقة صيدون البحرية أقيمت لتكون مقصدًا لكلّ اللّبنانيين في كلّ المناطق، والسّياحة البحرية تصلحُ لتكون في كافّة الفصول، وقد شهدنا حركة مشجّعة بعد افتتاحها، لكننا لاحقًا اصطدمنا باستفحال الأزمة الاقتصاديّة الحادّة التي انعكسَت سلبًا على حركة الزّوار، على أمل أن يخرج اللّبنانيّون من الأزمة المعيشيّة الحادّة، لتعود “حديقة صيدون البحريّة”، مقصدًا لكلّ النّاشطين البيئيّين وهواة الغطس.

المصدر: محمود الزيات ـ خاص الأفضل نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى