تبييض أموال وتغطية حزب الله وراء سقوط نادر الحريري ونهاد المشنوق

 

تبييض أموال وتغطية حزب الله وراء سقوط نادر ونهاد

المصدر: مدونة حدثنا غودو | فداء عيتاني

بعد ظهر يوم ١٧ تشرين الثاني ٢٠١٧ استدعي رموز قادة تيار المستقبل ونوابه والوزراء على عجل الى منزل سعد الحريري في بيروت “بيت الوسط”، هناك عقد رئيس الحكومة السابق ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة اجتماعا ابلغ فيه الحاضرين بعدم الظهور الإعلامي، وعدم إطلاق مواقف في أي منحى، والاكتفاء بتكرار مواقف عادية، منعا لأي مشكلة أكبر مع من يتحدث ويدلي بمعلومات الى الاعلام. بعدها غادر اغلب هؤلاء الى فرنسا ليلتقوا بسعد الحريري.

الحديث الإعلامي يركز على صراع اجنحة في تيار المستقبل، او ما بقي من التيار حاليا، في الواقع فان حزب الله تمكن من تفكيك التيار، وبإرادة من أصحاب السلطة والنفوذ فيه. لم تعد تسمية تيار تصح على مجموعة الأسماء ومراكز النفوذ في الكتلة المصلحية – البرلمانية التي مثلت الى يوم قريب الطائفة السنية في البرلمان وفي تقاسم السلطة في لبنان.

نادر الحريري، الى يوم قريب كان الرجل الأقوى الى جانب رئيس الحكومة، لطالما تردد ان نادر، مدير مكتب سعد الحريري، وابن عمته بهية الحريري النائب في البرلمان هي الأخرى، من الشخصيات الذكية والخبيثة في العائلة الحريرية، وهو من يقود خطى قريبه سعد، الا ان نادر اليوم أصبح من الأسماء المرذولة في داخل التيار ولدى مرجعية التيار الخارجية أي المملكة العربية السعودية.

نادر الحريري

مصدران متباينان تتقاطع معلوماتهما حول نادر الحريري، الذي لم يكتف بمراكمة ثروته الشخصية على حساب ابن خاله سعد الحريري، بينما كان سعد يتجه كل يوم الى افلاس مالي، كان نادر يمرر الصفقات المالية المربحة له ضمن شبكة كبيرة من الشركاء في الاعمال التي تستخدم النفوذ السياسي وحصة السنة في السلطة لتمرير المشاريع المالية.

هذه الشبكة ترأسها إضافة الى نادر الحريري النائب ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وطبعا كان اغلب الأحيان ذراعها التنفيذي عبد العرب.

الحكام في السعودية، بحسب المصدرين، يتهمون نادر الحريري بالتوجه نحو بيع الموقف السياسي مقابل صفقات مالية، الا ان الاتهام السعودي يذهب ابعد من ذلك، اذ تؤكد مصادر أيضا قريبة من ال الحريري ان نادر الحريري اقام شراكة مالية مع وفيق صفا، إضافة الى عدد من المسؤولين في حزب الله، جوهر هذه الشراكة تبييض أموال لمصلحة حزب الله، وتجاوز العقوبات الاميركية والسعودية على الحزب، وفيق صفا، المعتمد من قبل حزب الله في الاعمال السرية بين السياسيين اللبنانيين، يشكل رأس هرم الاعمال القذرة والسياسية الخطرة لدى الحزب، ومن ضمنها فتح العلاقات مع اطراف يصعب التواصل معها، اما العلاقات السياسية العادية فهي توكل لشخصيات اكثر وضوحا.

الا ان اعمال التغطية وتبييض الاموال التي يقوم بها نادر الحريري لا تقتصر على حزب الله فقط، وبحسب المصدران المتباينان فان نادر الحريري ضم الى جانب حزب الله بعض كبار التجار وأصحاب الاموال من التيار الوطني الحر، الذي يقوده وزير الخارجية جبران باسيل، وخاصة أولئك الذين رددت المملكة السعودية سابقا في رسائل تهديد بانها على أهبة حظر التعامل معهم وفرض عقوبات عليهم، فبات نادر الحريري يعمل على تبييض أموالهم وتغطية حركتهم التجارية.

خطوة إضافية اتخذها نادر الحريري حين حاول مع فريقه الحصول على التزام بمشاريع في سوريا لإحدى الشركات التابعة له، هذه الخطوة أتت بتسهيل من قادة في حزب الله، الا ان الحريري اصطدم برفض قاطع من اركان في النظام السوري.

وعلى رغم تردد شائعات عن زيارة قام بها نادر الى سوريا، الا ان المصادر تقول بانه ادار اعماله ولقاءاته في تركيا، ولم يؤكد أي مصدر زيارة نادر الحريري الى دمشق.

حين أعلن سعد الحريري استقالته عبر تسجيل بثته قناة العربية في الرابع من تشرين الثاني، أدرك نادر الحريري بانه خرج من التركيبة الرئيسية في تيار ابن خاله، وبحسب مصادر مقربة من نادر سابقا، اتجه نادر الى الاستعانة بشخصية تلفزيونية شهيرة لتسريب المعلومات الى إبراهيم الأمين، رئيس تحرير جريدة “الاخبار” اللبنانية، التي تعد أشرس أعداء سعد الحريري والسعودية في ان.

وقال أحد المصادر ان “نادر الحريري علم في تلك اللحظة بانه سيتم إخراجه من تيار المستقبل، وبان صورته المهشمة أصلا داخل الحكم السعودي” قد انتهت، ولاحقا “لم يدع نادر الحريري الى زيارة المملكة ضمن افراد العائلة المدعوين”.

طرد وتنحية

تؤكد مصادر عدة داخل تيار المستقبل، بان القرار اتخذ في السعودية ولدى حلفائها في داخل تيار المستقبل بإعادة صياغة التيار نفسه، هذا القرار كان مطلبا في الماضي، وحتى منذ ما قبل تسمية سعد الحريري لتولي رئاسة الحكومة في عهد ميشال عون، لقد طالبت السعودية سعد بـ “تنظيف” فريقه السياسي منذ أكثر من سنة ونصف، الا انه تجاهل النصيحة والمطالبة.

اليوم حكم على أربعة أسماء بالإعدام السياسي:

نادر الحريري أولا، وربما سيكون مصيره المالي والسياسي أصعب مما قد يتخيل هو نفسه.
باسم السبع الذي يعرف كيف يحيد نفسه بعيدا عن الاعلام ويعمل في الخفاء، الا انه أيضا يعتبر من المسؤولين الاول عما وصلت اليه أوضاع تيار المستقبل.
غطاس الخوري الذي حاول لعب دور كبير في التسوية لمصلحة أوضح من ان تفند هنا.
طبعا نهاد المشنوق الصديق الأقرب لحزب الله، والذي يحاول دائما اللعب على حبل العلاقة مع ال الحريري والسعودية لتمرير مشاريعه الخاصة المالية والسياسية وصولا الى طموحه الكبير باحتلال مقعد رئاسة الحكومة. وتقول المصادر بان نهاد المشنوق كان على علاقة سياسية طيبة بفريق محمد بن نايف الذي اندثر عمليا في السعودية، إضافة الى رهانه على حكام مصر من الرئيس عبد الفتاح السيسي الى اخر ضباطه في المخابرات العامة.
ويعتبر هذا الفريق هو من هندس وصمم ونفذ مشروع “التسوية” التي استسلم بموجبها سعد الحريري الى جلاديه.

هذا الرباعي هو من أطلق مشروع “لبننة سعد الحريري” واخراجه من العباءة السعودية، وهو ما اعتبروه يفيد مصالحهم المباشرة في البقاء في السلطة في لبنان، ودائما بحسب مصدرين متباينان في الموقع. كان الإفلاس المالي والضمور السياسي هو ما دفع هؤلاء الى البحث عن تسوية ما مع الفريق الأقوى في لبنان، أي حزب الله، والابتعاد عن السعودية، وهو ما أتاح عقد صفقات مالية تسمح بجمع الملايين وبنفس الوقت تخدم حزب الله في تبييض أمواله واموال كبار التجار والمقاولين لديه.

إضافة الى هذه الأسماء يبدو ان القرار بعزل سعد الحريري أيضا قد اتخذ وقضي الامر. سعد الذي قال بان فريقه مخروق لم يكن يعني فقط جهة واحدة، لقد حدد لاحقا لاحد المصادر بان ما عناه هو الصحافية أولينا الحاج، التي عملت سابقا في محطة العربية، قبل ان تلتحق بفريق سعد الحريري، وتقول المصادر ان علاقة سياسية تربط مباشرة أولينا الحاج بوزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان.

الا ان لسعد الحريري قصة أطول، اختصارها اليوم بان المملكة العربية السعودية صفت ديون الرجل ولم تترك له ديونا عالقة، وتركت له منزلين وبعض العقارات، وحصته في شركة ماك التي تعمل في مجال الصيانة.

فؤاد السنيورة

تتحدث المصادر القريبة من السعودية في داخل تيار المستقبل عن اليوم التالي: سيكون هناك استقالة رسمية لسعد الحريري، وترشيح لشخص واحد لرئاسة الحكومة خلفا له، انه فؤاد السنيورة، مع كل ما يمكن ان يعنيه ذلك لحزب الله وميشال عون، الذي عليه ان يتدبر امره مع “ابراء مستحيل” للرجل الأكثر بغضا من قبله ومن قبل حليفه.

يدعم ترشيح فؤاد السنيورة ثلاثة معطيات: حصار اقتصادي سعودي محتمل على لبنان، وبالتالي ضرب ما يتمسك به رجال السلطة حاليا من استقرار اقتصادي. وقوف السنة في لبنان، بعد محاولة إعادة تجميع شارعهم، خلف ترشيح السنيورة لرئاسة الحكومة. وعدم قدرة حزب الله وميشال عون على تشكيل حكومة بمفردهما، وهو ما ظهر في المرحلة الفاصلة ما بين استقالة سعد الحريري وخروجه الى فرنسا، اذ تبين ان ردة الفعل كانت أكثر من راضخة ولم يطرح أي طرف بجدية تشكيل حكومة من طرف واحد.

الا ان السنيورة قد يتجه، وبحسب المصادر نفسها، إلى حكومة مصغرة، لا يتمثل فيها حزب الله مباشرة، بل عبر حلفائه من أنصار رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتيار الوطني الحر، وعلى جدول اعمال هذه الحكومة: النأي بالنفس، ونقاش سلاح حزب الله، وانهاء دوره الإقليمي، واجراء انتخابات نيابية.

هذه الطروحات وحدها سبب كاف لقيام حرب، او على الأقل لحرب أهلية مصغرة كما ما بات يعرف بالسابع من أيار ٢٠٠٨. كما ان وجود السنيورة في السلطة يذكر بحصار السرايا، وبالخامس من أيار وبحرب تموز طبعا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!