إنسحاب إسرائيل من أراضٍ لبنانية مُحتلة.. ماذا يعني هذا السيناريو؟

 

صدى وادي التيم – أمن وقضاء /

خلال خطاباته الأخيرة منذ اندلاع حرب غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي، اعتبر الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أن الحرب في جنوب لبنان ضد إسرائيل تزامناً مع التوتر في غزة، يمكن أن تشكل أرضية أساسية لتحرير كافة الأراضي اللبنانية المحتلة من إسرائيل.  

كما هو معلوم، فإن هناك مساعٍ أميركية لتأسيس ترسيم برّي عند الحدود رغم الكثير من الأخذ والرد بشأنه. الشرط الأساس هنا هو أن ذاك الترسيم يجب أن يضمن تحرير كل الأراضي اللبنانية من إسرائيل، وبالتالي يمكن اعتبار أن الوسيلة الديبلوماسية هي التي حققت هذا الهدف، علماً أنه لا يمكن أبداً نزع ارتباط تلك الوسيلة بما فرضهُ واقع الحرب وميدان الجبهة المفتوحة في جنوب لبنان.  
السؤال الأكثر بروزاً هنا هو التالي: ماذا بعد ذاك التحرير المُنتظر؟ هل سيكون إنسحاب إسرائيل من النقاط اللبنانية المحتلة – في حال حصوله – مقدمة لحصولها على ضمانات أمنية مستقبلية؟ في الواقع، فإن المسألة المطروحة يمكن أن تشكل عنواناً قد يُطرح في مسار المفاوضات الدبلوماسية، ومن خلالها يمكن أن يتم استحضار مقايضة قد تكون على النحو التالي: “إنسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية في مقابل إعطائها ضمانات بعدم تنفيذ أي عمليات ضدها”… فما مدى شرعية هذه المقايضة وهل هي واقعية، وهل سيرضى “حزب الله” بها؟ 

في الشق الأول، أي الإنسحاب، فإن حصوله سيكون بمثابة إنتصارٍ أساسي للبنان، فتحقيق هذا الهدف عبر الحرب التي حصلت، يعني أن لبنان استطاع تحصيل حقوقه في إطار إنجاز تاريخي يتحدث “حزب الله” عنه بشكلٍ علني. أما في ما خصّ الشق الثاني من “المقايضة” التي قد تفرضُ نفسها، أي إعطاء ضمانات أمنية، فالأمر يحتاج إلى بحثٍ كبير، لاسيما أن هناك سلسلة من النقاط لا يجبُ إغفالها بتاتاً. 
في البداية، يجب التأكيد على أنّ إنسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية لن يُقابله إنهاء لـ”حزب الله”، وبالتالي فإن الأخير سيُبقي نشاطه قائماً في الجنوب، لكن قاعدة تحرّكه قد تُصبح مرهونة بمسارين: الأول وهو حدوث عدوان إسرائيلي على لبنان فيما الثاني هو عدوان جديد على غزة أو أي أرض فلسطينية أخرى. وعليه، فإن الحزب سيُبقي أوراق التحرك قائمة لديه، كما أنه من الممكن أن يوسع خيارات هجماته على إسرائيل ربطاً بالساحة الفلسطينية وتطوراتها الكبرى التي قد ترقى إلى مرحلة المواجهة. 
كذلك، فإنّ إقدام إسرائيل على خطوة الإنسحاب قد لا تعني وقف خروقاتها للبنان براً وبحراً وجواً، ما يعني أنَّ تل أبيب ستبقى ساعية لإستفزاز لبنان، الأمر الذي يعني عدم إنتفاء الإحتكاك الميداني، وبالتالي وجود محفزات لتحرك “حزب الله”. 
مصدر سياسيّ في “الثنائي الشيعي” قال لـ”لبنان24″ إن “مسألة حصول إسرائيل على ضمانات أمنية غير واردة، لأنها كانت وستبقى دائماً في طليعة المعتدين”، وأردف: “في الواقع، فإن إسرائيل هي التي يجب أن تلتزم بعدم تنفيذ أي اعتداء كي لا تُقابل بمواجهة.. هذه هي المعادلة التي يجب أن تكون أساسية، لا أن يتم توجيه الحديث إلى ضمانات توحي بأن لبنان سيضمن أمن إسرائيل. هذا الأمر ما حصل سابقاً ولم يحصل ولن نعطي ضمانات لعدو، فنحنُ لسنا على سلام معه وصراعنا تاريخي مع إسرائيل”. 

النقطة التي تعتبرُ مهمة أيضاً ترتبط باستمرار بقاء “حزب الله” عند الحدود سواء حصل الإنسحاب من الأراضي اللبنانية أم لم يحصل، كما أن دوره سيكون مرهوناً بما قد يُقدم عليه العدو الإسرائيلي، وبالتالي العودة إلى قواعد الإشتباك السابقة قبل حرب غزة يوم 7 تشرين الأول الماضي. وأصلاً، فإن “حزب الله” اعتمدَ مبدأ أساسياً الآن وهو أنّه لن يفتح حرباً ضد إسرائيل إلا في حال هاجمت الأخيرة لبنان، وعليه فإن هذا العامل مهم جداً إذ يؤكد أن لبنان ليس في موقع المهاجم، بل سيكون مُدافعاً عن نفسه ضمن إطار قوة الردع التي يتميز بها. وإزاء كل ذلك، فإن إسرائيل وفي حال سعت لضرب لبنان، عندها ستكون هي التي هددت أمنها بنفسها مُجدداً وجعلت مستوطنيها عرضة للتهجير مرة جديدة مثلما يحصل حالياً. 
المصدر سياسيّ يقول إنّ “العدو الإسرائيلي لم يلتزم بأي قرارات دولية، كما أن أطماعه تحركه لشن اعتداءات، وحرب غزة يجب أن تُلقن تل أبيب درساً لن تنساه”، وختم: “إسرائيل تعتمدُ أسلوب الغدر دائماً ولن ترضخ بسهولة، كما أنّ مخططاتها بالنسبة للبنان لا ولم تنتهِ.. من سيضمن لنا عدم معاودة إسرائيل احتلال أراضٍ لبنانية مُجدداً؟ لهذا السبب، فإن معادلة الردع يجب أن تبقى قائمة سواء انسحبت إسرائيل من الأراضي المحتلة أم لا”.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!