حراك دبلوماسي لمنع امتداد الحرب إلى لبنان
صدى وادي التيم-لبنانيات/
خلال السنة الماضية، كان عنوان الحراك الدبلوماسي في لبنان تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية من أجل ملء الفراغ الذي خلّفه المنصب الشاغر؛ لكن منذ الثامن من أكتوبر تشرين الأول، أضيفت إلى هذا الحراك زيارات واتصالات من مسؤولين دوليين بهدف منع توسُّع المعارك بين حزب الله وإسرائيل وتحولها إلى حرب شاملة في المنطقة.
وبدأت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك يوم الثلاثاء زيارة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، استهلّتها بلقاء جمعها بوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبد الله بو حبيب. واجتمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أيضا مع بيربوك يوم الأربعاء، حيث بحثا العلاقات الثنائية والوضع في قطاع غزة وجنوب لبنان.
وأفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام بأن ميقاتي أكد الحرص على تعزيز العلاقات مع ألمانيا، واحترام بلاده القرارات الدولية، بهدف تحقيق الاستقرار الدائم في جنوب البلاد، وطالب بدعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه.
وقال ميقاتي “حان الوقت لإيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وبالتالي البدء بوقف إطلاق النار وإطلاق مسار دولي لحل نهائي وشامل على قاعدة الدولتين”. في المقابل، شددت الوزيرة الألمانية على أهمية تطبيق القرار الدولي رقم 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل العمليات القتالية في لبنان.
ويبدأ المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين يوم الخميس لقاءات في لبنان مع المسؤولين، حاملا معه طروحات حول إمكانية معالجة ملف الحدود البرية مع اسرائيل وضرورة تطبيق القرار الدولي رقم 1701.
ويدعو القرار 1701، الصادر في أغسطس آب 2006، إلى وقف كامل العمليات القتالية في لبنان، وإنهاء حرب بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية استمرت آنذاك لمدة 33 يوما.
وأدلى النائب إلياس بو صعب بتصريح صحفي أمام وسائل إعلام بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لإطلاعه على نتائج لقائه مع المبعوث الأميركي في إيطاليا يوم الاثنين، قبيل زيارة هوكشتاين للبنان.
وقال بو صعب “هناك حلول يجب العمل عليها لإبعاد شبح الحرب عن لبنان… نتأمل أن تكون الزيارة خطوة للأمام لتحقيق الاستقرار”.
وأضاف “من الواضح أن الاهتمام الأميركي والمطالب الإسرائيلية هما لوضع استقرار الجنوب اللبناني وشمال فلسطين، من أجل عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم… الحديث الإسرائيلي أنهم يريدون الحرب لإعادة المستوطنين… فأريد التوضيح أن الحرب لا تعيدهم، بل ربما تهجّرهم أبعد”.
حل شامل
واعتبر النائب المستقل إلياس جرادي أن جميع الحلول المطروحة “تبقى آنية، والمطلوب هو حل شامل”. وقال في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) “الحركة الدبلوماسية متصلة بالمعارك في غزة أولا، والجنوب اللبناني ثانيا؛ والمقاربة متصلة بالحلول في غزة بشكل مباشر، ويجب أن تكون حلول جدية وليست مؤقتة”.
وقال إن المطلوب “الاتجاه إلى حلول مستدامة؛ ولبّ المشكلة في فلسطين. فما يُطرح حاليا حلولٌ تؤجل إلى حروب جديدة… الأساس حل القضية الفلسطينية”.
وحذر جرادي من أن تهجير سكان غزة إذا حدث سيمثل “مشكلة قد تكون لها تبعات حتى على لبنان… الواقعية السياسية يجب أن تطغى، وهي بإعطاء حقوق للشعب الفلسطيني، لأنها الأساس والباقي يصبح تفاصيل”.
أضاف “كل القوى العالمية والإقليمية أصبحت في المنطقة؛ فلماذا لا نقارب الموضوع بطريقة شمولية؟ إذا هدأت الحدود الجنوبية اللبنانية، فعلى أي أساس سيكون الهدوء؟ هدنة بانتظار حرب أخرى، أم وضع حلول مستدامة؟… بعد ما شهدنا من الإبادة التي يمارسها الاحتلال في غزة، فما الفائدة من الاقتراحات والأفكار المقدمة، إن لم تكن هناك ضمانات عالمية بعدم تجددها (الحرب)؟”
وأردف قائلا “بالنسبة للقرار الدولي 1701، كان قبل العدوان على غزة من الممكن مقاربته؛ ولكن بعد ما حدث، كيف سأكون موجودا على الحدود مع كيان لا ضوابط له؟ وما هي الضمانات السياسية التي تقدمها الدول”.
وتابع “نحن كنّا نطالب بالانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ثم من بعدها نبحث في مرحلة الهدنة المستدامة… أما الظروف حاليا أصبحت مختلفة؛ فلا يمكن طرح حلول ضمن صراعٍ كل الدول موجودة فيه. فلتأت كل الدول لوضع سلام مستدام بجرأة”.
قرارات دولية
وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أن لبنان قدّم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي ردا على شكوى إسرائيلية حول عدم التزامه بقرار مجلس الأمن 1701؛ وقالت إن الشكوى اللبنانية تضمن نصها “إدانة الأعمال العدائية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ضد لبنان تزامنا مع حربها على غزة، وأدلة موثقة حول خرقها للقرار 1701 وقلب الحقائق”.
واعتبر النائب فادي كرم، عضو تكتل (الجمهورية القوية)، الحراك الدبلوماسي الحالي يصب في مصلحة تجنيب لبنان الدخول في حرب “لعدم شمولية الحرب في المنطقة”.
وقال كرم في حوار مع وكالة أنباء العالم العربي “الحرب سيدخل إليها فرقاء دوليون، وتأثيرها سيكون على الاقتصاد العالمي؛ والإدارة الأميركية تتجنب المسألة وهي مقبلة على الانتخابات الرئاسية؛ والدول الأوروبية لديها ظروف اقتصادية صعبة، وهي بغنى عنها (الحرب)”.
أضاف “لا شك أن إيران وحزب الله لديهما خشية كبيرة من اليقظة لدى الآلة العسكرية الإسرائيلية الموجودة حاليا، والجاهزة لاستكمال الحرب وإنهاء كل ملفاتها الحدودية، لأنها ليست جاهزة دائما لتجنيد نفسها لهذه المسألة”.
وتابع “لتهدئة الأجواء هناك شروط، وهي تبدأ بتطبيق القرار 1701… ما يهمنا أيضا، تطبيق كافة القرارات الدولية التي تريح الداخل اللبناني وتعيد بناء الدولة اللبنانية، وإنهاء حالة محور الممانعة (حزب الله) على الأراضي اللبنانية”.
ويرى كرم أنه “ستكون هناك تطورات حل في المنطقة من خلال التسويات والمفاوضات والآلة العسكرية، التي لن تهدأ قبل الوصول إلى تسوية في المنطقة”.
وقال رئيس حزب الكتائب اللبناني سامي الجميّل يوم الأربعاء إنه نقل للسفير الفرنسي إيرفيه ماغرو هواجس حزبه فيما يتعلق بتطورات الأحداث في جنوب لبنان، مؤكدا ضرورة ألّا تحدث أي تسوية بشأن الحدود الجنوبية “على حساب سيادة الدولة”.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن الجميّل قوله “لدينا قلق، إذ إن لا أحد يتحدث باسم لبنان، لأن المفاوضات تحصل مع حزب الله ولبنان متروك، فيما أولويتنا حماية بلدنا وشعبنا… الخطورة أن هناك اتصالات ومفاوضات؛ والكل بالنسبة له ينتظر الحل بين الإسرائيلي وحزب الله، فيما لبنان الرسمي غير موجود، وهذا ما يخلق قلقا كبيرا لدينا”.