اسرائيل تطلق حملة الخروج من المفاوضات.. وتحمّل لبنان المسؤولية!
صدى وادي التيم – لبنانيات/
ولجأ الوفد الإسرائيلي إلى الكشف عن الخلاف عبر التستر تحت توصيف “مصدر” من دون ذكر الاسم في محاولة للتملص من اي مساءلة بشأن الإخلال بشرط “التكتم”. إذ قال إن الخريطة اللبنانية الجديدة التي طُرِحَت في مفاوضات الناقورة، لم تكتفِ بمساحة الـ860 كيلومتراً المختلف عليها، بل طالبت بزيادة 1430 كيلومتراً إضافية وهي تقع إلى الجنوب من المساحة الخلافية المعروفة. وقد أدى ذلك إلى جدل ساخن بين الوفدين، وأبلغ الإسرائيليون رفضهم بمجرد التباحث في توسيع نطاق المنطقة المختلف عليها في الحدود البحرية، قائلين “لن نتفاوض على اي متر جديد”.
مهندس الحملة على العماد عون
وما استفز يعاري هو ان الوفد اللبناني كان من المفروض أن يظهر “متواضعاً وضعيفاً بعد كل الأزمات التي عصفت وتعصف بلبنان”، بحسب قول يعاري، الا ان هذا الوفد وخصوصاً الممثل العسكري “يظهر في المفاوضات مسنود الظهر ومفتول العضلات وقد جاء بمطالب جديدة مفاجئة، وعلى رأسها استرجاع بئري الغاز الاسرائلييين (القرش) و(التمساح) الموجودين في المياه الإسرائيلية باعتبارها لبنانية ضمن مساحة خلافية إضافية!”.
يعاري، الذي ينتمي الى اليمين الاسرائيلي، أبدى استغرابه حيال عدم انسحاب الوفد الاسرائيلي من المفاوضات فور ذلك، لكنه علل ذلك بضغط الولايات المتحدة التي تشدد على ضرورة انتظار تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري، للتوصل إلى اتفاق أوّلي يقضي ببدء التنقيب في كل المناطق المتنازع عليها وتقسيم نسب الربح بين 50% و60% كحصة للبنان في حين تكون النسبة المتبقية لإسرائيل.
بيدَ أنّ إيهود يعاري يعتقد “أن الوفد اللبناني سيماطل في الرد على المقترح الى ما بعد الانتخابات الأميركية”، مرجحاً أنه “سيزيد عرض عضلاته امام اسرائيل التي ستضطر الى القبول باتفاق مقبل ولو كان في غير صالحها”.
ورغم ترويج إسرائيل للخريطة اللبنانية الجديدة كعامل مهدّد للمفاوضات، إلا أن المحلل الإسرائيلي ايهود يعاري، طرح قراءة للمغزى من الخريطة اللبنانية؛ وكأنه يفهم ما يدور في العقلية اللبنانية في هذه الأثناء.. فزعم أن الخريطة الجديدة تندرج ضمن مبدأ “اطلب الكثير لتحصل على المقبول لبنانياً”، وهذا تكتيك تفاوضي مبني على رفع السقف منذ البداية حتى يحقق الوفد اللبناني النتيجة المرجوة ويكون في موقف أقوى في هذه المفاوضات الحساسة وغير السهلة على الإطلاق. وهنا، يقول يعاري: “اعتقد أنهم طرحوا مساحة بحرية اضافية، حتى يحصلوا على جميع المساحة الخلافية الأولى وهي 860 كيلومتراً مربعاً، حيث يُقدر الخبراء أنها تحوي مخزناً ضخماً من الغاز سيجلب مليارات الدولارات”.
مفاوضات عبر الإعلام أيضاً
وراحت القناة الإسرائيلية “i24” إلى بث الدعاية المستترة نفسها التي تظهر لبنان كمن يضع العصي في الدواليب، ويريد أن ينسف المفاوضات رغم حاجته الماسة إلى استخراج الغاز توطئة لإنقاذ نفسه من الانهيار.. فعنونت القناة الإسرائيلية: “الخلافات تطفو على السطح: لبنان يطالب إسرائيل بالعودة للحدود التي قررتها بريطانيا وفرنسا العام 1923″.
وبشكل ضمني، حاولت إسرائيل أن تلقي تهمة الإخلال بـ”التكتم الإعلامي” على لبنان، حيث قال محلل الشؤون السياسية في تلفزيون “مكان” الرسمي، شمعون أران، إن وزارة الطاقة وبقية أعضاء الوفد الاسرائيلي المُفاوِض لم يردوا على اتصالاته لمعرفة ما يجري في داخل الغرفة التفاوضية.. لكنه أردف قائلاً: “بالنظر إلى ما يتم تداوله في الداخل اللبناني، فإن الخلاف يتركز على مساحة خلافية إضافية بمنظور لبنان تقدر بـ1200 كيلومتر مربع، بينما تصر إسرائيل على حصر النقاش في مساحة 860 كيلومتراً مربعاً”.
ولم يكتفِ شمعون أران بالترويج لـ”مهنية الوفد الإسرائيلي والتزامه بالتكتم الإعلامي” عبر ادعائه بوجود “ضبابية كبيرة من الوفد حيال المفاوضات”.. بل أدى دور “المُمارِس” للضغط الإعلامي النفسي على الدولة اللبنانية، من خلال جملة نطق بها ومفادها “إن هناك أملاً كبيراً في إسرائيل بألا تحصل إعاقة من لبنان.. فالأخير وضعه الإقتصادي صعب، وإسرائيل لها العديد من حقول الغاز وتجني مليارات الدولار. لذلك، لبنان بحاجة أكثر من إسرائيل إلى الغاز، ومن مصلحته تيسير المفاوضات”.
من جهته، عبّر الباحث الاسرائيلي، مردخاي كيدار، في حديث إذاعي، عن استغرابه من الخريطة اللبنانية الجديدة المبنية على تقسيم جرى في فترة الانتدابَين الفرنسي والبريطاني، زاعماً أن “الخطوط في البحر مرسومة فقط في الخرائط وليس في القاع والعمق.. لذلك ليس معقولاً أن سايكس-بيكو قد سمح بترسيم أي خط في الواقع”. وتابع: “في تلك الأيام قبل 100 عام، لم يتحدثوا عن حدود اقتصادية، ربما مياه إقليمية لا أكثر”، مضيفاً أن الفرق بين موقف لبنان وإسرائيل هو “الزاوية” فقط.