فاتورة حرب غزة باهظة على البيئة

صدى وادي التيم-متفرقات/

نشرت صحيفة “الغارديان”، تقريرا أشار إلى التأثير “الهائل” للانبعاثات الناجمة عن آلة الحرب الإسرائيلية التي تشن عدواناً وحشياً منذ أكثر من 3 أشهر على قطاع غزة، على تفاقم الكارثة المناخية عبر العالم.

وأشارت الصحيفة، إلى دراسة جديدة كشفت أن تكلفة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال أول 60 يوما فقط تعادل حرق ما لا يقل عن 150 ألف طن من الفحم.

في المقابل، تسببت الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة خلال الفترة ذاتها بنحو 713 طنا من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل حوالي 300 طن من الفحم ، ما يؤكد عدم التماثل في آلية الحرب لدى كل جانب.

ولفت الدراسة إلى أن التقديرات تشير أن القصف الجوي والغزو البري الإسرائيلي لغزة تسبب في الفترة ذاتها بتوليد نحو 281,000 طن متري من ثاني أكسيد الكربون، وفقا إلى تحليل هو الأول من نوعه أجراه باحثون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

ونوهت إلى أن بيانات الدراسة التي تمت مشاركتها حصريا مع صحيفة “الغارديان”، تعتبر أول تقدير لتكلفة الكربون للحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، والتي تسبب معاناة إنسانية غير مسبوقة، وأضرارا في البنية التحتية وكارثة بيئية.

وأشارت إلى أنه بالإضافة إلى المعاناة المباشرة، تؤدي الحرب إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية، والتي تتجاوز بكثير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن القنابل والطائرات.

ونقلت الصحيفة عن بنجامين نيمارك، وهو أحد كبار المحاضرين في جامعة كوين ماري البريطانية، إن “هذه الدراسة ليست سوى لقطة من البصمة العسكرية الأكبر للحرب.. صورة جزئية لانبعاثات الكربون الهائلة والملوثات السامة الأوسع التي ستبقى لفترة طويلة بعد انتهاء القتال”.

وأضاف أن “الاستثناء البيئي للجيش يسمح لهم بالتلوث مع الإفلات من العقاب، كما لو أن انبعاثات الكربون المنبعثة من دباباتهم وطائراتهم المقاتلة لا يتم احتسابها”، مشددا على ضرورة المساءلة عن انبعاثات الغازات الدفيئة العسكرية، قائلا: “يجب أن يتوقف هذا، لمعالجة أزمة المناخ نحتاج إلى المساءلة”.

ووفقا لتقديرات البحث الجديد، فإن تكلفة الكربون لإعادة بناء 100 ألف مبنى متضرر من الحرب في غزة باستخدام تقنيات البناء المعاصرة ستولد ما لا يقل عن 30 مليون طن متري من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وهذا يعادل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في نيوزيلندا وأعلى من 135 دولة ومنطقة أخرى بما في ذلك سريلانكا ولبنان وأوروغواي.

ونقلت الصحيفة عن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان والبيئة، ديفيد بويد، قوله إن “هذا البحث يساعدنا على فهم الحجم الهائل للانبعاثات العسكرية، الناتجة عن الاستعداد للحرب، وتنفيذ الحرب، وإعادة البناء بعد الحرب”.

وأضاف أن “الصراع المسلح يدفع البشرية إلى الاقتراب أكثر من شفا كارثة مناخية، وهو وسيلة غبية لإنفاق ميزانيتنا المتقلصة من الكربون”، حسب تعبيره.

وحذر الخبراء من أن الوضع البيئي في قطاع غزة أصبح الآن كارثيا جراء الحرب الإسرائيلية، حيث تم تدمير أو تلويث جزء كبير من الأراضي الزراعية والبنية التحتية للطاقة والمياه، مع ما يترتب على ذلك من آثار صحية مدمرة ربما تستمر لعقود قادمة، وفقا للصحيفة.

وأشارت “الغارديان”، إلى أن ما بين 36 بالمئة إلى 45 بالمئة من المباني في غزة، المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات والمحلات التجارية، قد دمرت أو تضررت حتى الآن، ويعد البناء محركا رئيسيا للتدفئة العالمية.

وقالت محللة السياسات في شبكة السياسات الفلسطينية، زينة آغا، التي تكتب عن أزمة المناخ والاحتلال الإسرائيلي، إن “الهجوم الجوي الكارثي على غزة لن يتلاشى عندما يأتي وقف إطلاق النار”.

وأضافت أن “المخلفات العسكرية ستستمر في العيش في التربة والأرض والبحر وأجساد الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، تماما كما يحدث في سياقات ما بعد الحرب الأخرى مثل العراق”.

أوضحت الصحيفة أنه من دون بيانات شاملة، كانت دراسة حديثة قد وجدت أن الجيوش مسؤولة عن ما يقرب من 5.5 بالمئة من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم سنويا، أي أكثر من صناعات الطيران والشحن مجتمعة. ما يجعل البصمة الكربونية العسكرية العالمية، حتى من دون الأخذ في الاعتبار الارتفاعات الحادة في الانبعاثات المرتبطة بالصراع، رابع أكبر أثر بعد الولايات المتحدة والصين والهند فقط.

من جهتها، قالت رئيسة مكتب تغير المناخ في سلطة جودة البيئة الفلسطينية، هديل خميس: “نحن نحاول القيام بدورنا بشأن أزمة المناخ، ولكن حتى قبل الحرب في غزة، كان من الصعب التكيف والتخفيف من آثارها عندما لا نستطيع الوصول إلى المياه، أو الأرض أو أي تكنولوجيات دون إذن إسرائيل”، حسب ما نقلته الصحيفة

وأشارت الصحيفة، إلى أن الولايات المتحدة تلعب دورا ضخما في الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الأنشطة العسكرية، حيث وتزود دولة الاحتلال بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، والأسلحة وغير ذلك من المعدات التي يتم نشرها في غزة والضفة الغربية.

وأوضحت أنه بحلول الرابع من كانون الأول /ديسمبر الماضي، ورد أن ما لا يقل عن 200 رحلة شحن أميركية قد سلمت 10 آلاف طن من المعدات العسكرية إلى “إسرائيل”. ووجدت الدراسة أن الرحلات الجوية استهلكت حوالي 50 مليون لتر من وقود الطائرات، ما أدى إلى إطلاق ما يقدر بنحو 133 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، أي أكثر من جزيرة غرينادا بأكملها في العام الماضي.

ونقلت الصحيفة عن مدير الأبحاث في مركز الأبحاث CCP والمؤلف المشارك باتريك بيجر، قوله إنه “لا يمكن المبالغة في تقدير دور الولايات المتحدة في التدمير البشري والبيئي لغزة”.

بدورها، أشارت خميس، إلى أنه “من بين جميع المشاكل التي تواجه دولة فلسطين في العقود المقبلة، يعد تغير المناخ هو المشكلة الأكثر إلحاحا والأكثر تأكيدا، وهو ما تفاقم بسبب الاحتلال والحرب المتواصلة على غزة منذ السابع من تشرين /أكتوبر الماضي”.

وشددت على تعارض “انبعاثات الكربون الناجمة عن الهجمات العسكرية الإسرائيلية مع هدف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس”، موضحة أن “الاعتراف بالأثر البيئي للحرب أمر بالغ الأهمية”.

المصدر: عربي 21

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى