قائد الجيش رئيساً للجمهوية في هذه الحالة
صدى وادي التيم-لبنانيات/
بات معلوماً أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري بصدد تحريك عجلة الإتصالات حول الملف الرئاسي، وتؤكّد مصادر انّه لن يطلق أيّ مبادرة محدّدة في هذا الشّأن على غرار مبادراته الحوارية السابقة التي فشّلتها النكايات السياسية والشخصية بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، والشروط المتصادمة المطروحة من قِبل الجانبين. واما الغاية الأساس من هذه حركة الاتصالات التي يُحضّر لها بري، فهي محاولة ملاقاة ايّ جهد خارجي؛ فرنسي او قطري او غير ذلك، بتأكيد الحاجة الملحّة، في ظل المخاطر والظروف الدقيقة التي تمرّ فيها المنطقة ومن ضمنها لبنان، إلى إنجاح اي مسعى يقود الى التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، والشرط الأساس تغليب منطق التوافق على الاشتراطات والتعقيدات”.
وبالتوازي مع ما يتردّد عن حراك فرنسي او حراك قطري حول الملف الرئاسي بعد رأس السنة، فإنّ مصادر موثوقة تؤكّد لـ”الجمهورية” أن لا موعد محدّداً حتى الآن لأيّ تحرّك. وما خلا الكلام العمومي الذي اطلقته وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا في زيارتها الأخيرة إلى بيروت حول ضرورة وضع الملف الرئاسي كأولويّة بعد التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، فإنّ أيّاً من المستويات السياسية في لبنان لم يتبلّغ رسمياً من الفرنسيين او من القطريين، لا عبر القنوات الديبلوماسية ولا عبر قنوات التواصل المباشر، متى سيطلقون إشارة الانطلاق لتحرّكهم بتجربة جديدة لإحداث اختراق في الجدار الرئاسي”.
اما ميدانياً، وبصرف النظر عن “ظاهرة” شبه اجماعية في الصحافة الإسرائيلية تركز على تعاظم احتمالات نشوب حرب في لبنان فان طبيعة التصعيد الميداني في الأيام الأخيرة باتت ترسم خطا بيانا مثيرا للمخاوف الجدية من حرب ربما للمرة الأولى على هذا النحو منذ بدء الامر الواقع الميداني الطارئ الذي أطاح عمليا او علق حتى اشعار اخر مندرجات القرار 1701 . ولم يكن أدل على ذلك في الساعات الأخيرة من تصاعد المناخات التفجيرية عقب المجزرة العائلية التي ارتكبتها إسرائيل في بنت جبيل اذ رد “حزب الله” بالقصف الأشد عنفا وكثافة لكريات شمونه منذ بدء المواجهات، فيما انبرى وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهين لتهديد الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مباشرة بالتصفية والاغتيال. وبذلك تبدو الأيام المقبلة مفصلية وحاسمة اقله لجهة بلورة المسار الميداني التصاعدي في الجنوب فيما لا تظهر أي معالم مطمئنة إلى ضمانات خارجية ودولية حاسمة تحول دون تدهور أوسع واخطر قد يحصل ويشكل هذه المرة الفتيل الأخطر لاشعال حرب واسعة.
وفي ظل هزال الأداء الحكومي، ينحصر النشاط غير الحكومي بـ15 منظمة دولية وجمعية محلية، تركّز نشاطها على القاطنين في مراكز الإيواء (لا يتجاوزون 3% من مجمل النازحين). وتتذرّع هذه المنظمات بأنها تعمل بالتمويل المتوافر لديها لمشاريع إنمائية غير مرتبطة بالحرب، بعدما عدّلت في وجهة استعماله، فيما المستغرب عدم تصنيف هذه المنظمات والجهات المانحة للبنان بأنه في حالة حرب، إذ تؤكد مصادر متابعة أنه «لم يدخل ميزانيات تلك المنظمات دولار واحد تحت عنوان الإغاثة».
ولا تكتفي المنظمات بذرائع انعدام التمويل، بل تعمل أيضاً على وضع العصي في طريق إيصال المساعدات، مرة عبر طلب «داتا» أدقّ للنازحين من تلك المسجّلة من خلال البلديات والاتحادات، وأخرى عبر رفض مساعدة عائلات تستفيد من برامج وزارة الشؤون الاجتماعية، كبرنامج الأسر الأكثر فقراً، رغم الجهود التي تُبذل في كل اجتماع مع المنظمات لإقناعها بأنّ معظم النازحين هم من المياومين المنتمين إلى الفئات الأكثر هشاشة.
وبمعزل عن الفتاوى والآراء والإجتهادات القانونية والدستورية، بسبب الشغور في منصب رئاسة الجمهورية وتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال، وتمترس كل طرف وفريق وراء مواقفه، فإنّ المجلس تمكّن من أن يودّع عام 2023 بجلسة إنعقدت في 14 و15 كانون الأول الحالي، وصدّقت 14 قانوناً كان من بينها نظام التقاعد والحماية الإجتماعية والصندوق السيادي والطاقة المتجددة، وربما الأهم أنها عالجت تفادي إمكانية الفراغ في قيادة الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، حيث تمّ تأجيل تسريح العماد جوزاف عون لمدة سنة، وكذلك كل من المديرالعام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمديرالعام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري.
ورغم ان معركة التمديد لقائد الجيش قد انتهت قانونيا ودستوريا الى ما انتهت اليه من نتائج، باتت بحكم الامر الواقع، رغم كل ما سيق من اتهامات وبث من معلومات، الا ان ثمة مَن يرى ان الاندفاعة التي نجح العماد جوزاف عون بالعودة من خلالها الى اليرزة لا بد من وقفها، لمنع تلك الموجة من حمله الى بعبدا، حيث تؤكد كل المؤشرات حتى اللحظة، في حال استمرار الوضع الراهن، الى انه سيكون رئيسا للجمهورية في اي جلسة نيابية تعقد راهنا، يكون التنافس فيها محصورا بينه وبين سليمان فرنجية، بعدما نجح في خرق الاصطفافات الطائفية التاريخية، وفك عقد استعصت لسنوات على الحل.