لعبة عضّ الأصابع تقترب من نهايتها.. وإسرائيل تصرخ أولاً!
صدى وادي التيم-امن وقضاء/
تقترب “لعبة عض الاصابع” من نهايتها المؤلمة. هكذا تشير كافة المعطيات الميدانية والدبلوماسية، وعلى الرغم من الفاتورة المرتفعة على الصعيد الانساني في غزة، وكذلك شهداء حزب الله على طريق القدس، الا ان من سيصرخ اولا او بدأ فعليا بالصراخ “اسرائيل” ومن خلفها القوى الدولية والاقليمية الداعمة.
هذا الاستنتاج لمصادر ديبلوماسية، لا تحدد مدى زمنيا واضحا لنهاية هذه الحرب او ولادة التسوية، لكنها تشير الى ان بداية “نزول” الاسرائيليين عن “الشجرة” قد بدأ، لاسباب عديدة اهمها الوصول الى قناعة لا لبس فيها بان تحقيق الشعارات الكبرى للحرب لم يعد ممكنا، سواء في غزة او على الحدود الشمالية، فيما ارتفاع نسق تدخل انصار الله في البحر الاحمر اشعل الضوء “الاحمر” في واشنطن التي بدات تشعر للمرة الاولى ان امكانية انزلاق المنطقة الى مواجهة مفتوحة بات اقرب من اي يوم مضى.
وفي هذا السياق، اشارت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية الى ان المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بدأوا على الأرجح يشعرون بالاقتراب من نقطة انعطاف في حرب غزة، مشيرة إلى أنّ «المرحلة التالية من هذه الحرب قد تشهد إحياء مفاوضات إطلاق سراح الرهائن مع حماس، ووقف إطلاق نار يستمر لأسابيع عدة، يليه انسحاب تدريجي من قبل القوات الإسرائيلية، لاسيما من شمال غزة. ووفقا للاوساط الدبلوماسية، وصلت حالة التصدع في الادارة الاميركية الى ذروتها قبل ساعات حين اعتقدت البعثة الأميركية في الامم المتحدة انها تفاوضت على نص بشأن غزة، يمكنها على الأقل الامتناع عن التصويت عليه، ولكن عندما تم التشاور مع واشنطن، أثيرت اعتراضات جديدة، حيث ورد أنّ البيت الأبيض اتخذ موقفا أكثر تطرفاً لدعم “إسرائيل” من موقف وزارة الخارجية، ما ادى الى تاجيل عرض القرار حتى يتم حل الخلاف بين الدبلوماسيين الاميركيين.
بدورها، اشارت صحيفة “هآرتس” الى ان ثمة انقلاب كبير في واشنطن تجاه رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتانياهو يشبه الانقلاب في المزاج العام ضد الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلنسكي، والقاسم المشترك فشل الرجلين في الوفاء بوعد الانتصار، وبات واضحا ان أوكرانيا لن تهزم روسيا بدون تدخل عسكري أميركي مباشر، وهذا لن يحدث، وفي المقابل “اسرائيل” غير قادرة على الحسم في غزة والمنطقة وواشنطن هنا لا تريد التدخل ايضا. وقالت ان المشكلة تبقى أن نتنياهو، مثل زيلينسكي، خلق توقعات كبيرة بخصوص الإنجازات المتوقعة “لإسرائيل” على رأسها تدمير حماس وتصفية قادتها ومعالجة جذرية لتهديد حزب الله في الشمال. لكن صواريخ حماس في هذه الأثناء ما زالت تسقط على تل أبيب وعسقلان، وصواريخ حزب الله على شمال “إسرائيل”، ولا علامة ملموسة بأن حماس انهارت، باستثناء صور الغزيين بالملابس الداخلية.
وبحسب الصحيفة، فان الثمن الباهظ الذي تدفعه “إسرائيل” في حرب غزة، اضافة الى فشل الجهود العسكرية للعثور على المخطوفين وإطلاق سراحهم، يطرح علامات استفهام حول قدرة الجيش الإسرائيلي على الانتصار في الحرب. فـ “إسرائيل” برايها، ما زالت بعيدة عن أن تعيد لنفسها قوة الردع التي فقدتها في 7 أكتوبر، واعتمادها العسكري والدبلوماسي على أميركا يعكس ضعفها استراتيجياً. وفي مثل هذه الحالة، يجب البدء في خفض التوقعات بحيث إذا لم يتم تحقيق الانتصار الموعود، فعلى الأقل ان لا تظهر “اسرائيل” كخاسرة مثل أوكرانيا.
وعلى جبهة الجنوب، لن يحصل الاسرائيليون على اي جائزة بعد توقف الحرب، او قبل ذلك، واقصى ما سيحصل عليه الاسرائيليون مجرد عودة الامور الى سابق عهدها قبل انفجار المواجهة الاخيرة، ويقوم الاميركيون بمهمة ايجاد الاخراج المناسب عبر الايحاء بوجود التزامات صارمة بتطبيق ال 1701 وسيتزامن ذلك مع عودة عاموس هوكشتاين في مهمة لتثبيت الحدود البرية. بينما ما يردونه الفرنسيون اليوم على الارض فهو مختلف ويركزون في اتصالاتهم على عدم خسارة دورهم في “اليونيفيل” في ظل خشية في باريس بان يعاملوا في المستقبل كقوات معادية غير مرغوب بها في جنوب لبنان، زذلط ردا على ما يعتبره حزب الله دعما فرنيا اعمى ومطلق لاسرائيل في حربها على غزة، ولهذا فهم يسعون الى الحصول على التزام باستمرار عمل القوات الدولية بعملها من دون أي تعديل أو تغيير ينتج منه أي شكل من أشكال التصادم الميداني. ولهذا فأن كل الكلام عن دفع قوات حزب الله لمسافة 10 كلم من الحدود كجزء من اتفاق دبلوماسي لإنهاء التوترات مع لبنان، مجرد اوهام غير قابلة للتحقق على الارض، وهو امر يعلمه الاسرائيليون والاميركيون الذين يدركون ان موازين القوى الحالية لا تسمح باجبار حزب الله على فعل شيء.
وقد،عكست صحيفة “اسرائيل هايوم” الاسرائيلية الاخفاق على الحدود الجنوبية بالقول للحكومة الاسرائيلية انه “بفشلكم أمام حماس وأنفاقها كيف ستواجهون حزب الله؟ واشارت الى ان “التهديد الاساسي المحدق يبقى من جانب حزب الله في الشمال، وتفضل إسرائيل اليوم رداً جزئياً ومؤقتاً انطلاقاً من التفكير بأن تأجيل المشكلة سيحلها أيضاً. والنتيجة لا شيء قابل للحل، واسرائيل هنا ايضا غير قادرة على فعل شيء”.
وفي الخلاصة، ولمن لا يزال من اللبنانيين يتساءل عن جدوى جبهة المساندة من الجنوب لغزة، ويسخرمن قيمتها الردعية، او يشكك في خلفية قرار حزب الله، فلا بد من تذكيره بما قاله رئيس مجلس مستوطنة المطلة ديفيد أزولاي لصحيفة “جيروزاليم بوست” حيث اقترح “إرسال جميع سكان غزة إلى مخيمات اللاجئين في لبنان وتسوية القطاع بأكمله بالأرض، بحيث يصبح متحفاً فارغاً مثل أوشفيتز، أي معسكر الاعتقال النازي الشهير في بولندا إبان الحرب العالمية الثانية. وقال يمكن للبحرية نقل سكان غزة إلى شواطئ لبنان، حيث توجد مخيمات كافية للاجئين. بعد ذلك، يجب إنشاء شريط أمني من البحر إلى السياج الحدودي لغزة، يكون فارغاً تماماً، كتذكير بما كان موجوداً في السابق”. هكذا يفكر الاسرائيليون وعليكم ان تتخيلوا النتائج لو ان حزب الله غير موجود؟
المصدر: إبراهيم ناصر الدين – الديار