استهلاك البشرية للبلاستيك يعادل وزن 110 حاملة طائرات

صدى وادي التيم – متفرقات /

من المفارقات العجيبة أن الإنسان نفسه الذي نراه يصرخ معترضاً في أعقاب كل كارثة مناخية تحل عليه، نتيجة غضب الطبيعة، نجده مسؤولاً أولا وأخيرا، عن العبث و الإضرار بها من خلال استهتاره بالبيئة وقيامه بتلويثها عبر رمي النفايات خصوصاً البلاستيكية منها يميناً وشمالاً غير آبه بالتداعيات التي ستنجم عن تصرفه هذا، على الكرة الأرضية.

ماذا تقول الأرقام عن استهلاك الإنسان للنفايات البلاستيكية؟

في الحقيقة، استهلكت البشرية حوالي 11 مليار طن متري من البلاستيك البكر بين عامي 1950 و 2012 ، أي ما يعادل وزن 110 آلاف حاملة طائرات أمريكية. فيما لا يزال مليارا طن من هذه الكمية قيد الاستخدام حاليا. أما الباقي ــــ نحو 807 مليار طن – فهو عبارة عن نفايات: 71% منها انتهى بها الأمر في مدافن النفايات أو في مكان آخر في البيئة، بما في ذلك المحيط، فيما تم إعادة تدوير 12 بالمائة؛ كما حرق 17 بالمائة. اللافت أنه، بالوتيرة التي نسير بها الآن، سترتفع النفايات البلاستيكية العالمية بنسبة 60% بحلول عام 2050.

من هنا، أصبحت هذه الأرقام مصدراً للقلق لأنها أضحت تشكل تهديداً كبيراً على البشر الذين يعيشون على هذا الكوكب، خصوصا في ظل استمرار ارتفاع معدل البقايا البلاستيكية. لذلك كان الخبراء على دراية بأن العالم سيولد في الفترة الممتدة من عام 2010 إلى 2050 ما يكفي لغمر مدينة مانهاتن الأمريكية، بالكامل بكومة من البلاستيك يتخطى ارتفاعها الميلين.

أكثر من ذلك، فإن هذا الكم الهائل من المخلفات البلاستيكية، يعقّد الجهود المبذولة للمحافظة على صحة النظام البيئي، والتنوع الجيولوجي، فضلا عن أنه يعطل المحاولات الجارية لانقاذ المناخ. أما الأمر الأكثر خطورة، هو العثور آثار هذه المواد البلاستيكية في حليب الثدي وفي دمنا كبشر.

كيف يتم التعامل مع النفايات البلاستيكية؟

عمليًّا، هناك ما يقارب 60٪ من البلاستيك المعاد تدويره، بعدما جرى جمعه من قبل جامعي النفايات في جميع أنحاء العالم، وهذا يتم غالباً من قبل أفراد ينتمون إلى المجتمعات الفقيرة والمهمشة، حيث يتعرضون لاستنشاق السموم الناتجة عن حرق البلاستيك، كما أن المياه التي يشربونها تكون ملوثة بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة.

وتبعا لذلك، قالت رئيسة جمعية الحفاظ على الحياة البرية الأمريكية مونيكا ميدينا وهي مساعدة لوزير الخارجية لشؤون المحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية أنه: “كلما زاد انتاجنا من البلاستيك، كلما وجدناه في أجسامنا، فنحن نلوث أنفسنا “.

ماذا تقول المعاهدات الدولية بشأن النفايات البلاستيكية؟

مع تفاقم أزمة النفايات البلاستيكية، تداعت المنظمات الدولية والبيئية المعنية إلى وضع تشريعات وقوانين للحد من هذه الآفة، وفي هذا السياق تم وضع معاهدة دولية ملزمة قانوناً لإنهاء التلوث البلاستيكي بحلول عام 2040، بعدما اجتمع مفاوضو الأمم المتحدة في نيروبي للبدء في صياغتها بشكل فعلي نهاية العام المقبل، حيث من المفترض تنفيذها وفقاً لمجموعة من السياسات يمكن تلخيصها بالآتي:

١- تخفيض عدد العبوات ذات الاستخدام الواحد بنسبة 90٪

٢- فرض حد أدنى لمعدل إعادة التدوير بنسبة 40٪، مما يؤدي إلى تقليل النفايات البلاستيكية بمقدار النصف.

والجدير بالذكر أن حظر المواد ذات الاستخدام الواحد كالأكياس البلاستيكية، المصاصات، أو عبوات البوليسترين لن يكون الحل الأكثر فعالية، فهو على الرغم من فوائده، لن يترك أثرًا كبيرا بقدر التدابير الأخرى.

وهل الحلّ بالتدوير؟

تحتوي جميع المنتجات البلاستيكية الجديدة على ما لا يقل عن 30% من البلاستيك المعاد تدويره، وهذا من شأنه أن يقلل وحده من النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل سيئ بنحو 30%، أي من حوالي 108 مليون طن إلى 77 مليون طن بحلول عام 2050. ومع ذلك لا يزال أكثر من اللازم. لذا يقترح العلماء أيضًا تحديد سقف لإنتاج البلاستيك عند مستويات 2025. وبالتالي من شأن كلتي السياستين مجتمعتين أن تخفضا النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل سيئ إلى 68 مليون طن، زد على ذلك، إن إضافة فرض ضريبة استهلاكية مرتفعة على المواد البلاستيكية، من شأنها أن تؤدي إلى خفض نحو 10 ملايين طن متري إضافي من التلوث. كما أن استخدام العائدات من تلك الضريبة لاستثمار 50 مليار دولار في البنية التحتية العالمية للنفايات، قد يمكن البلدان من تخفيف التلوث إلى ثلث سيناريو العمل كالمعتاد.

نور موسى- خاصّ الأفضل نيوز

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى