الصليب الأحمر والدفاع المدني على خط المواجهة في جنوب لبنان

صدى وادي التيم-لبنانيات/

على رغم نقص التجهيزات للمؤسستين خبرة كسبتاها من التعامل مع الحروب والأزمات السابقة

زادت الأزمة الاقتصادية في لبنان من الأعباء على مختلف المؤسسات، ومنها مؤسستا “الدفاع المدني اللبناني” و”الصليب الأحمر” المعنيتان مباشرة بعمليات الإسعاف والإنقاذ خلال الاشتباكات الدائرة في الجنوب حالياً. تزيد الضغوط في هذه المرحلة والتحديات أمام هاتين المؤسستين اللتين يوجد عناصرهما في الصفوف الأمامية في أي حرب أو أزمة. فما مدى جهوزية “الدفاع المدني اللبناني” و”الصليب الأحمر” لهذه المرحلة، خصوصاً في حال تطورت الأمور وتوسعت رقعة الحرب؟

تحديات ووعود

يقول مدير عام “الدفاع المدني”، وهي مديرية تابعة للدولة اللبنانية، العميد ريمون خطار، في حديثه مع “اندبندنت عربية”، “إن المؤسسة بعناصرها كافة في جهوزية دائمة سواء في حالات الحرب أو في السلم، لكن وفق الإمكانات المحدودة المتوافرة في هذه الظروف الصعبة. وحالياً، وضعت المراكز الموزعة على الحدود الجنوبية، التي تقع في المناطق التي تتعرض للقصف بشكل يومي ومتواصل في جهوزية تامة للإسراع في عملية التدخل ومساعدة المواطنين عندما تدعو الحاجة. وكان هناك حرص على تعزيز المراكز في المناطق الحدودية بالعناصر والآليات التي تستقدم دورياً من المناطق الأخرى. وتتكثف الجهود والمساعي للحفاظ على السلامة العامة بالإمكانات المتوافرة لدى المؤسسة في ظل ما تعانيه من نقص حاد في العتاد، وبوجود آليات معطلة ومتوقفة عن العمل والحاجة إلى تأمين المحروقات”. ويضيف ريمون خطار أن “الدفاع المدني” تتعاون مع الجيش اللبناني لتزويد الآليات بالوقود. وبطلب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، قام وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي بمبادرة طلب فيها من المؤسسة لائحة بأبرز الحاجات وفقاً للأولويات، بهدف توفيرها بأسرع وقت ممكن، وتحظى المديرية العامة للدفاع المدني بهبات عينية من جهات مختلفة محلية وخارجية بموجب مراسيم تصدر عن مجلس الوزراء. وهذا ما شكل الرافعة الأساسية لتتمكن المراكز من متابعة عملها والتدخل الفوري لتلبية نداءات الإغاثة في هذه الظروف الصعبة.

ويوضح خطار أن تدخل عناصر “الدفاع المدني” يجري عادة بالتنسيق مع الجيش اللبناني الذي ينسق بدوره مع قوات الطوارئ الدولية “يونيفيل” أولاً، حتى يتبلغ عناصر الدفاع المدني بإمكان تنفيذ المهام وفق ظروف آمنة نسبياً.

وفي إطار الاستعداد لهذه المرحلة الطارئة خضع المئات من عناصر “الدفاع المدني” لدورات تدريبية مكثفة في السنوات الماضية، تحت إشراف مدربين فرنسيين حرصوا على تعزيز قدراتهم عند التدخل في الأزمات الكبرى والحالات الطارئة.

وعلى رغم زيادة حدة الاشتباكات في الفترة الماضية، واصلوا تأدية الواجب من دون تأخير.

وتزيد التحديات في هذه الظروف الصعبة لأنه لا يمكنهم أصلاً تنفيذ المهام والتحرك، من دون إذن مسبق من قوات “يونيفيل” في جنوب لبنان. وهم عرضة للخطر، فثمة أماكن في المنطقة لا تزال مزروعة بألغام من مخلفات الحروب السابقة.

تعاون لتدخل فاعل

من بداية الاشتباكات في الجنوب بين “حزب الله” وإسرائيل وضع اتحاد بلديات قضاء صور، من جهته خطة طوارئ لإدارة عمليات الإسعاف والإنقاذ ودعم النازحين. ويعمل مئات المتطوعين من وحدة التصدي للأزمات والكوارث طوال ساعات النهار والليل في مقر الاتحاد وفي مراكز الإيواء في القرى بالتعاون مع متطوعين من “الصليب الأحمر” و”الدفاع المدني”. وكانت وزارة الصحة العامة قد أعلنت خطة طوارئ لضمان الاستجابة الفاعلة والسريعة وتعزيز عملية التنسيق بين المعنيين في القطاع الصحي. وفي مركز عمليات طوارئ وزارة الصحة، خضعت الطواقم الطبية والتمريضية للتدريب بالتعاون مع الشركاء الدوليين والمحليين، ومن ضمنهم اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، و”أطباء بلا حدود”، والصليب الأحمر اللبناني والجمعية اللبنانية لطب الطوارئ. وكانت الوزارة أعلنت عن الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل المعنيين في هذا المجال، في حال تطورت الأوضاع جنوباً.

في هذا الإطار، تحدث رئيس “الصليب الأحمر اللبناني” الدكتور أنطوان زغبي عن استعدادات “الصليب الأحمر” في مواجهة أي أزمة أو حرب، مشيراً إلى أن ما يميز هذه الحرب ويزيد من خطورتها أن إسرائيل لا تتقيد بأي قوانين في قصفها العشوائي المدنيين والصحافيين والمسعفين أيضاً، لذا “الكل عرضة للخطر ولا استثناءات. إنما في كل الحالات، تتخذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية الطواقم الطبية والمسعفين”. وكما جرت العادة، يتدخل مسعفو “الصليب الأحمر” المحليين في مختلف المناطق، وفي مناطق الجنوب حالياً بشكل محدد عندما تدعو الحاجة، لكن لتدخلهم هذا، مسارات معينة وإجراءات لا بد من اتخاذها بطريقة مدروسة حفاظاً على أمن المسعفين. فلتجنب الخطر لا يمكن التدخل عشوائياً أبداً حرصاً على سلامتهم وأمنهم، وثمة أصول معينة لا بد من التقيد بها.

جهوزية “الصليب الأحمر” في مختلف الظروف

الدكتور زغبي يضيف “يوجد مسعفو (الصليب الأحمر اللبناني) أصلاً في المراكز الخاصة بهم في الجنوب، فيما يرسل مزيد منهم إلى المنطقة بحسب الحاجة وعند الضرورة. إنما هناك حرص على تجنب زيادة أعدادهم بطريقة عشوائية، حرصاً على سلامتهم ولتجنب تعريضهم للخطر. ويتوجه المسعفون بحسب معدل الزيادة في الإصابات والحاجة إليهم، بأعداد مدروسة ووفق خطة معينة، كما تبرز الحاجة إلى تبديل المسعفين من وقت إلى آخر، لأن المسعفين هم أنفسهم في الجنوب طوال فترة الحرب”.

من جهة أخرى، يشير زغبي إلى أن بنوك الدم على أتم استعداد في المرحلة الحالية، بوجود المخزون اللازم خصوصاً مع زيادة عدد المصابين، مما يستدعي تأمين حاجاتهم من الدم في مناطق الجنوب. كذلك، الأطقم الطبية في جهوزية تامة إلى جانب المسعفين لتوزيع الأدوية على من يحتاج إليها. فوفقاً لخطط مواجهة الكوارث، عندما يحصل تهجير ونزوح في الأزمات، يتدخل “الصليب الأحمر” خلال 72 ساعة لتنظيم دخول النازحين إلى المآوي وتأمين حاجاتهم. وبالتعاون مع اللجان المحلية يجري العمل على توفير الهبات وتوزيعها. ويضع المسعفون أنفسهم في خدمة كل نازح في مثل هذه الظروف، ويشاركون في كل عمل يستدعيه ذلك لتأمين حاجات الكل.

ويستند “الصليب الأحمر” إلى تجارب حروب سابقة في دعمه للنازحين، وإيوائهم، وتوفير حاجاتهم. لذلك بات المسعفون معتادين على التدخل عند الحاجة وفق خطط استباقية توضع، مع حرص على توفير مخزون من المستلزمات لمثل هذه الظروف.

وفي هذا المجال يختم الدكتور زغبي بالقول “تعلمنا من تجربة حرب 2006 بشكل خاص في الجنوب، ونحن جاهزون، ضمن الإمكانات المتوافرة بين أيدينا. ولزيادة الإمكانات نتعاون مع دول تسهم في ذلك، إضافة إلى (الصليب الأحمر الدولي). في الوضع الحالي لا نعرف ما ينتظرنا في الأيام المقبلة، وهذا ما يزيد من صعوبة الوضع. وعلى رغم الاستعدادات لمواجهة أي تطور في سير الحرب أو في حال توسع في رقعتها، قد لا تتناسب مع ما ينتظرنا. ويأتي تدهور الوضع المالي والاقتصادي ليزيد الوضع سوءاً، مع حرب لا ترحم وقصف بالقذائف الفوسفورية التي تتطلب طريقة تدخل خاصة تدرب متطوعونا على التعامل معها للتدخل وفق ما تقتضيه الأصول وبحسب قدراتهم ومعرفتهم بالمنطقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!