حلُّ الدّولتين الفلسطينيّة والإسرائيليّة مات وهذه أسبابه

صدى وادي التيم-متفرقات/

حلُّ الدّولتين الإسرائيليّة والفلسطينيّة هو ما يُطرح للصّراع الإسرائيليّ – الفلسطينيّ خصوصًا، والعربيّ عمومًا، وهو ما يتطابق مع القرار الدّولي ٢٤٢، الّذي يُطالب الكيان الصّهيوني بالانسحاب من الأراضي المحتلّة، والعودة إلى حدود عام ١٩٦٧، إلّا أنّ إسرائيل امتنعت عن تنفيذ هذا القرار، كما غيره من القرارات الدّوليّة، لأنّها تتمتّع ب “فيتو أميركي”، داخل مجلس الأمن، يعفيها من الالتزام بما يصدر عن الأمم المتحدة، ومنها القرار ١٩٤، الّذي يُطالب بحقّ العودة للفلسطينيين إلى أرضهم الّتي طُردوا منها.

فأميركا بإداراتها المُتعاقبة من الحزبَين الديمقراطي والجمهوري، أمّنت الحماية لإسرائيل، من أن تكون خاضعة لميثاق الأمم المتحدة، الذي ألزم الدول بأن تحترمه حفاظًا على الأمن والسّلم العالميّين، وعدم التّعرّض لحقوق الإنسان، وهذا لم تتبعه إسرائيل، التي تشنُّ حروبًا منذ العام ١٩٤٨، فاغتصبت فلسطين وهجّرت شعبها، مدّعية أنّ هذه الأرض هي أرضها التي لا شعب عليها، وهو الفلسطيني، لشعب لا أرض له، هي موجودة في فلسطين، الّتي هي أرض الميعاد.

بهذا السّلوك العدوانيّ التّوسعيّ الاستيطانيّ، كانت “إسرائيل” التي لا تقبل بدولة فلسطين إلى جانبها، لا في قرار التّقسيم ١٨١، ولا في قرارات دوليّة أخرى، لا بل بعد حرب ١٩٤٨، التي خسرت فيها الأنظمة العربية وجيوشها، كرّرت حربها الثّانية واحتلّت الضّفّة الغربية والقدس وغزة والجولان، من ضمن مشروعها التّوسّعي لقيام “إسرائيل الكبرى”، في العام ١٩٦٧، وثبّتت احتلالها في حرب تشرين ١٩٧٣، وهي منذ الحرب على لبنان في ١٩٧٨ و١٩٨٢، بدأت تنهزم أمام المقاومة الوطنية اللبنانية و “الإسلامية”، واندحر الجيش الإسرائيلي في عام ٢٠٠٠، وتمّ ردعه في حرب صيف ٢٠٠٦.

فالجيشُ الإسرائيلي، يفتّشُ عن حروب، يُعيد الثّقة به أمام مواطنيه، ثمّ ليؤكّد للعالم، بأنّه ما زال الجيش الأقوى والذي لا يُقهر، لكن نظريّاته، سقطت في لبنان، ثمّ في حروبه على غزة منذ العام ٢٠٠٨ و٢٠١٢ و٢٠١٤ و٢٠٢١، وفي هذه الحرب، التي يفتّش عن انتصار ينقذه، فيحاول عبر التّدمير والقتل وإعادة احتلال الأرض من جديد في غزة، وإزالة السّلطة الفلسطينية من الضفة الغربية، لكنّه جُوبِهَ بمقاومةٍ ستفرض هي الحلَّ من خارج الطّرح الأميركي، إذ كان بإمكان واشنطن فرض الحلول على الفلسطينيين والأنظمة العربية، وهذا ما حصل بعد “حرب الخليج الأولى” في العام ١٩٩٠، عندما أخرجت القوات الأميركية الجيش العراقي من الكويت، الّذي تزامن مع انهيار الاتحاد السوفياتي، وتفرّد أميركا في العالم، وفرض نظام آحادي عليه، ودعت أنظمة عربية إلى مؤتمر مدريد للسلام، في العام ١٩٩١، وفرضت حلولًا سمّيت سلميّة عليهم، فكان “اتفاق أوسلو” بين منظّمة التّحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، ثمّ اتفاق “كامب دايفيد” وفشل المحاولة مع لبنان في اتفاق ١٧ أيار.

فالدّعوةُ إلى حلّ الدّولتين ليس متيسّرًا، لا بل متعثّرًا، إذ لم يعد العالم تحت هيمنة القطب الأميركي الواحد، بل تعدّدت الأقطاب ولم تعد أميركا من يدعو إلى مؤتمر للسّلام، وتستفرد به، فروسيا والصين ودول أخرى، باتت حاضرة كما لم تعد منظّمة التّحرير ١الممثّل الوحيد للشّعب الفلسطيني، الّذي ولدت منه حركات مقاومة، وهي الّتي تخوض حرب غزة ضدّ العدو الإسرائيليّ، وتقلق الاحتلال في الضّفة الغربية، بوجود محور للمقاومة، يمتدُّ من إيران إلى اليمن مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.

هذه المُعطيات غيّرت من وجهة الصّراع مع العدوّ الإسرائيليّ، وأسقطت أوهامًا حول حلٍّ لا يقوم على حلٍّ يفرضه الميدان، الّذي تحوّل لصالح فلسطين الّتي لا تقبل القيادة الّتي أفرزها الميدان، بحلّ الدّولتَين، بل عاد الطّرح الجذريّ، إلى دولة فلسطينيّة من النّهر إلى البحر وعاصمتها القدس، وعودة النّازحين الفلسطينيّين إليها، وبلغ عددهم نحو ٧ ملايين في العالم، حيث ستغلبُ الديمغرافيا الفلسطينية الهجرة اليهوديّة الاستيطانيّة.

فحلُّ الدّولتين، الّذي طرحه العرب في مبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز بقمّة بيروت عام ٢٠٠٢، وأعادته القمّة العربية – الإسلاميّة الّتي انعقدت في الرياض الأسبوع الماضي، إلى الواجهة، فإنّ طريقه ليست سالكة إلى مؤتمر دوليّ، لا توجد آليّة له، لا في الأمم المتحدة، ولا عند أميركا التي لم تعد وسيطًا نزيهًا، بل مُنحازًا إلى العدوّ الإسرائيليّ، في وقت تعصف حروبٌ في أكثر من دولة، ما يضع العالم، أمام حرب عالميّة ثالثة، وفلسطين إحدى ساحاتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى