إسرائيل كيان لا يمكن فطامه عن مساعدات الدول الغربية

صدى وادي التيم-متفرقات/

منذ وعد آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا في 2 تشرين الثاني 1917 إلى اللورد روتشيلد، المصرفي اليهودي وأحد زعماء الحركة الصهيونية، “بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، دون المساس بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين”، يتضح لنا من خلال هذا النص أن هناك وعداً واضحاً بإنشاء وطن قومي لليهود، وأن هناك حقوقاً مدنية ودينية لأبناء الطوائف غير اليهودية تعطى لهم من قبل هذه الدولة كمقيمين فيها وليس كمواطنين.
فهل هكذا يتم إنشاء الدول بعيداً عن كل النظريات الإجتماعية التي تناولت نشوء الدولة؟
هذا يدل منذ البداية على أن أبناء الطوائف غير اليهودية هم مقيمين كسواح أو كعمّال أو غير ذلك، ولا يرقون إلى رتبة مواطنين لأنهم ليسوا من اليهود، ومن خلال هذا الوعد تكون بريطانيا أول من دعم الحركة الصهيونية في إنشاء وطن لليهود في فلسطين التي أصبحت وصيّة عليها بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى. خلال فترة الإنتداب نشطت المنظمات الصهيوبية بتنظيم الهجرة لليهود من دول العالم المختلفة الى فلسطين، وقد ساعدت بريطانيا على تسليح وتدريب عناصر المنظمات الصهيونية حتى إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 وقبولها كعضو في الأمم المتحدة بدعم من الدول الغربية.
وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 على قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وفلسطينية، وتدويل منطقة القدس، فرفض العرب ذلك. وحصلت حرب 1948 بين العرب وإسرائيل. قامت الدول الغربية بإرسال الأسلحة إلى اسرائيل بكثافة وساعدت بتسهيل انتقال اليهود من أوروبا اليها للقتال الى جانب المنظمات الصهيونية، مما مكّنها من السيطرة على مساحات واسعة من أرض فلسطين.
في حرب 1967 كان للدول الغربية علاقات استراتيجية وسياسية مع اسرائيل، فقامت الولايات المتحدة الأميركية بتقديم دعم سياسي وعسكري لوجستي ومعلومات استخبارية لها، بالاضافة الى ذلك فقد تبرعت الدول الأوروبية بمساعدات مالية لهذا الكيان. كما قامت بريطانيا بتقديم الدعم العسكري لها كونها كانت قلقة من التوسع السوفيتي في المنطقة، وقامت فرنسا بتزويد اسرائيل بالتكنولوجيا العسكرية والدعم اللوجستي.
في حرب 1973 كان الدعم العسكري والإقتصادي من قبل الولايات المتحدة الأميركية لاسرئيل كبيراً، فقد قامت بتسريع إرسال المساعدات العسكرية من الأسلحة والذخائر عبر جسر جوي لدعم الجيش الاسرائيلي، كما وافق الكونغرس الأميركي على تقديم مساعدة عاجلة لاسرائيل بقيمة 2،2 مليار دولار في حينه. بالاضافة الى الدعم السياسي من الدول الغربية.
في حرب 2006 تلقت اسرائيل دعماً عسكرياً مهماً من الولايات المتحدة شمل توريد أسلحة ومعدات عسكرية وأنظمة دفاع جوي وأسلحة وذخائر ذكية وتجهيزات عسكرية بالاضافة الى الدعم الدبلوماسي.
في الحرب الحالية على غزة وما سبقها من جولات منذ العام 2007 كانت تتلقى اسرائيل الدعم العسكري والسياسي من الولايات المتحدة الأميركية، وعندما شعرت الولايات المتحدة الأميركية بعجز اسرائيل عن استيعاب هجوم حركة حماس في 7 تشرين أول 2023 على فرقة غزة ومستوطنات غلاف غزة، سارعت الى ارسال حاملتي طائرات وبوارج وسفن حربية وغواصة نووية الى قرابة السواحل الفلسطينية لنجدة اسرائيل، ومدّتها بالذخائر الذكية وبالخبراء العسكريين وبالدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية لمنع العقوبات عنها، وكذلك فعلت بعض الدول الأوروبية وقام الرئيس بايدن وماكرون والعديد من وزراء خارجية الدول الأوروبية بزيارات دعم الى الكيان الذي كان يعاني من حالة إنهيار في معنوياته، وقدموا له الدعم من خلال تحذير الدول العربية من مساعدة الفلسطينيين في غزة.
ستنتج من كل ما تقدم من محطات تاريخية بأن اسرائيل هي كيان مصطنع من قبل الدول الغربية، وهو تجميع لليهود من الشتات الذي أصابهم في الماضي، من قارات العالم، على اساس أن اسرئيل هي أرض اليهود وأن مملكتهم كانت في هذه الأرض وأن الهيكل قد تم بناؤه في القدس على يد سليمان ابن الملك داود، والذي تم تدميره من قبل الرومان في العام 70 ميلادية. وهذا الكيان يتألف من جماعات عرقية مختلفة من الأشكيناز والسفارديم والمزراحيم، لا يجمع بينهم عقد اجتماعي لإنشاء وطن إن تركوا من دون رعاية من قبل الدول الغربية التي أنشأت هذا الكيان للقيام بوظيفة لخدمة مصالحها.
كما اثبتت الوقائع التاريخية من خلال الحروب التي خاضها هذا الكيان، مع الدول العربية عبر عقود من الزمن أو مع المقاومة الفلسطينة عن عدم قدرته على المواجهة، من دون أن يتلقى الدعم السريع اثناء الحرب من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من الدعم المستمر أثناء السلم. فهذا الكيان لم ولن يبلغ سن الرشد بعد مهما كبر في العمر، ولا يمكنه الأتكال على نفسه في استمراره كدولة منبثقة من إرادة الشعب، ولا يمكن للدول الغربية فِطامه عن المساعدات التي عودته على تلقيها عند كل أزمة يتعرض لها مهما كانت صغيرة، سواء كانت نتيجة خلافات داخلية أو بسبب الحرب مع قوى وحركات التحرر مهما كانت صغيرة.
العميد المتقاعد حسين الشيخ علي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!